ما مخاطر دخول "تحرير الشام" لمناطق العمليات التركية بسوريا؟

شهد الشمال السوري هدوءا حذرا، عقب تدخل "هيئة ثائرون للتحرير" المقربة من الجيش التركي لتكون قوات فصل بين "الفيلق الثالث" المنضوي في "الجيش الوطني السوري" من جهة، و"هيئة تحرير الشام" من جهة أخرى، فيما انسحبت "تحرير الشام" من بعض النقاط في محيط كفرجنة بريف حلب.

وحذر ناشطون وسياسيون من مخاطر دخول "تحرير الشام" المصنفة على قوائم الإرهاب العالمية، إلى منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" التي تنتشر فيها القوات التركية، على اعتبار أن وجودها يمكن أن يمنح ذريعة لروسيا باستهداف المنطقة.

الإرهاب ليس بديلا عن الفساد

الخبير والمحلل الاستراتيجي، أحمد رحال، رأى في حديث لـ"عربي21" أن تمدد "تحرير الشام" بريف حلب، يصبغ مناطق العمليات التركية في سوريا بـ"الإرهاب"، موضحا أن ما يحصل في مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" نتيجة للمقدمات الخاطئة التي أفضت إلى نتائج خاطئة.

وبين أن الأدوات التي تم استخدامها في مناطق العمليات التركية، لم تكن أدوات ناجحة، إذ تم الاعتماد على أشخاص هواة فضلوا نشر الفساد والحواجز والسرقة، إلى أن أصبحت المنطقة عالة على تركيا، لأن جميع التشكيلات أثبتت فشلها.

وحذر من أن استبدال الفساد بالإرهاب ليس حلا، مشيرا إلى أن الجولاني يقدم نفسه على أنه مصلح، لكنه مصنف على قوائم الإرهاب، والجرائم المرتكبة في إدلب أكثر من الجرائم في "غصن الزيتون" و"درع الفرات".

ولفت إلى أن الفساد مستشر في مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري"، لكن استبداله بالإرهاب لن يفيد المنطقة.

وأوضح أن البديل عن الفساد والإرهاب يكون بإعادة هيكلة مؤسسات الثورة، ووجود قيادة (سياسية – عسكرية – حكومية) جديدة لا تتبع للفصائل العسكرية، ولا أن يكون المسؤولون أدوات بيد قادة الفصائل.

اقرأ أيضا: "تحرير الشام" تتقدم في مناطق عمليات تركيا شمال سوريا

من سمح بدخول الجولاني؟

وفيما يتعلق بسماح فصائل "الجيش الوطني السوري"، بدخول "هيئة تحرير الشام"، أكد الخبير الاستراتيجي لـ"عربي21" أن انقسام الفصائل هو ما سمح بدخول الجولاني وعناصر إلى ريف حلب، موضحا أن الفصائل انقسمت إلى ثلاثة أقسام (مناهض للجولاني – متحالف مع تحرير الشام - وقسم آخر وقف على الحياد وكأن الأمر لا يعنيه).

وشدد على أن دخول هيئة تحرير الشام إلى مناطق العمليات التركية له مخاطر كثيرة أولها منح صفة الإرهاب لتلك المناطق، مضيفا: "إذا كانت روسيا تتردد في قصف مناطق فتركيا الآن لا تتردد".

ولفت إلى أن روسيا في جميع اجتماعات "أستانا" وضعت بند محاربة الإرهاب في سوريا، وهو ما توافق عليه تركيا وإيران، والجولاني جزء من الإرهاب، متوقعا أن تشهد مناطق ريف حلب الشمالي عودة لقصف الطائرات الروسية.

وتوقع أن يمنع الجولاني بعد فرض سيطرته على ريف حلب، عمل وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، إضافة إلى الاعتقالات التي ستطال المناهضين لهيئة تحرير الشام.

وتابع: "من أنهى وجود 25 فصيلا من الجيش الحر لا يمكن أن يرفع الظلم عن الناس".

حقبة جديدة

الكاتب والصحفي التركي فكرت أكفيرات، تحدث في مقال نشرته صحيفة "آيدينلك" التركية عن حقبة جديدة في "هيئة تحرير الشام" وسوريا، عقب الاشتباكات بين الفصائل بريف حلب.

وأشار إلى أن قمة الدول الضامنة لمسار "أستانا" في 19 تموز / يوليو بالعاصمة الإيرانية طهران، ولقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 5 آب / أغسطس، كانت دلالة لبداية حقبة جديدة في البلاد، سيما أن أجندة التطبيع بين أنقرة ودمشق فتحت بعد هذه اللقاءات.

ولفت إلى أن الاشتباكات في شمال سوريا اندلعت بين الفصائل العسكرية التي عارضت تطبيع الوضع بين تركيا وسوريا، ومن ثم تدخلت "هيئة تحرير الشام" في الاشتباكات وتقدمت إلى مركز مدينة عفرين.

وأضاف: "هناك آراء مختلفة وتقييمات خيالية حول سبب انخراط هيئة تحرير الشام في النزاعات، ومع ذلك، فإن الشيء الأكثر أهمية هو أن اتخاذ هيئة تحرير الشام لهذا النطاق في هذا المجال مفيد لحل قضية إدلب، وهي قضية أساسية للتطبيع بين تركيا وسوريا وشراكة أستانا".

ورجح أن تركيا لن تسمح لهيئة تحرير الشام بفرض سيطرتها على منطقة عملية "غصن الزيتون"، لكن الوضع الحالي يشير إلى إمكانية ظهور صورة ستؤثر على الوضع في إدلب أيضا.

ورأى أن "تطهير المنطقة من الإرهاب سيمكن شركاء أستانا من التركيز بشكل مشترك على القضية التي أعلنوها في قمة طهران الأخيرة، وهي الاحتلال الأمريكي في شمال شرق سوريا ومؤسسة حزب العمال الكردستاني".