هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، للمرة الأولى، عن موقف الدول الصديقة والشقيقة، في إشارة لما اعتبره محللو الدول الخليجية ومنها السعودية والإمارات والكويت، موقفا من استمرار دعم نظامه بالمال لسنوات طويلة دون جدوى حتى تشكل لديهم انطباع مروع عن حقيقة الأوضاع في مصر.
وخلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي، الأحد، قال السيسي إن: "الأشقاء والأصدقاء أصبح لديهم شعور بأن الدعم الذي تلقته مصر منهم لسنوات شكل لدينا ثقافة الاعتماد عليهم لحل الأزمات والمشاكل".
وأضاف: "أصبح لديهم قناعة بأن مصر غير قادرة على الوقوف مرة أخرى بعد ما قدموه لها من مساعدات استمرت لسنوات لحل الأزمات والمشاكل".
وتابع: "في تعبير كتبته بس مش هقوله.. لما يقولوا.. لو في مشكلة موجودة في مصر طب ما يسافر، كلام صعب أوي مش كده، خلاص الناس ساعدت كتير أوي، بقالها سنين بتساعد، وأنت لو مساعدتش نفسك عمر ما عودك هيصلب وتقف".
وتتواصل فعاليات "المؤتمر الاقتصادي - مصر 2022"، حتى الثلاثاء المقبل، لمناقشة أوضاع الاقتصاد المصري ومستقبله، الذي يكتنفه الغموض في ظل أزمة مالية محلية وعالمية مطبقة، وذلك بمشاركة واسعة من كِبار الاقتصاديين، والمفكرين، والخبراء المتخصصين.
وزعم السيسي خلال اليوم الأول للمؤتمر الاقتصادي، الأحد، أنه في حملته الانتخابية عام 2014 لم يقل "أنا لها"، متسائلا: "هل قدمت لكم وعودا جميلة.. لا.. قلت لكم إن هناك تحديا كبيرا جدا والتحدي هو أكبر من الدولة كقيادة وحكومة ولكن ليس أكبر من الدولة المصرية كشعب".
نكسة اقتصادية للنظام
قال رئيس حزب غد الثورة المعارض، والمرشح الرئاسي الأسبق، أيمن نور: "في اعتقادي أن التوصيف الصحيح لتصريحات السيسي في افتتاح المؤتمر الاقتصادي أنها أقرب لنكسة عام 1967 ولكنها اقتصادية هذه المرة وليست عسكرية، وإعلان هزيمة مسار اقتصادي اعتمد على الآخر أكثر مما اعتمد على قدرات وطاقات وثروات الأمة المصرية".
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "كان هناك صدمة ليس فقط من صراحة هذا الاعتراف ولكن من أن الاعتراف لم يكن مكتمل الملاح بمعنى أن الاعتراف أن هناك تمويلا كبيرا جاء من الأشقاء العرب بهذا الحجم الذي أشعرهم أنه لا قيمة من الاستمرار فيه لأن مصر لم تعتمد على نفسها ولم تبن اقتصادها بشكل صحيح رغم هذه المعونات".
وأوضح: "كان ينبغي أن يستكمل هذا الاعتراف وبنفس الصراحة ويقول ما هي الأرقام التي وردت كمساعدات وكيف وردت وهل دخلت الموازنة العامة المصرية وهل تمت مراقبتها من قبل الهيئات الرقابية أم أنها دخلت على موازنات خاصة وغير معلنة، وبالتالي لم يكن هناك إمكانية للمراقبة على إنفاق هذه المساعدات سواء كانت رقابية برلمانية أو محاسبية".
وأكد نور: "من هنا الاعتراف يحتاج إلى استكمال ومن هنا هذا الاعتراف يحتاج إلى اعتذار؛ لأن الصيغة التي ورد فيها الاعتراف لا تليق لا بوزن مصر ولا قيمتها، وأعتقد أن هذا الانطباع الذي تولد لدى الأشقاء والأصدقاء كما أشار السيسي هو انطباع عن قدرات الإدارة المصرية وليس انطباعا عن قدرات مصر والشعب المصري وعلى النظام أن يعي أنه لم يعد قادرا على إدارة الأمور بعد أن وصلت إلى حائط مسدود كما أشار المتحدث نفسه".
تفاعل سياسيون واقتصاديون وناشطون مع تصريحات السيسي التي كشفت عن جانب مهم من كواليس محادثات مسلسل الدعم الخليجي لمصر منذ سنوات الذي بدأ في أعقاب انقلاب تموز/يوليو 2013 ولا يلوح في الأفق أي إطار زمني لتوقفه.
— Ismail Hosny (@IsmailHosny1) October 23, 2022
— Dr.Khalil al-ِِAnani د. خليل العناني (@Khalilalanani) October 23, 2022
— جمال سلطان (@GamalSultan1) October 23, 2022
— محمود وهبه من نيويورك (@MahmoudNYC) October 23, 2022
اقرأ أيضا: هل يتحرك الجيش المصري لوقف أطماع ابن زايد بقناة السويس؟
ابتزاز الخليج
وقال السياسي والكاتب المصري، خالد الشريف، حول مدلول تلك التصريحات، إن: "هناك قناعة لدى الجميع سواء الخليج أو المجتمع الدولي والشعب المصري أن نظام السيسي فاشل بامتياز في إدارة الدولة المصرية، وقد وصل مجموع المنح والدعم الذي تلقاه السيسي من الخليج أكثر 80 مليار دولار منذ انقلابه على الرئيس مرسي رحمه الله".
وأضاف الشريف في تصريح خاص لـ"عربي21": "وهو مبلغ يعتبر الأعلى من المنح لرؤساء مصر من الخليج.. الأدهى من ذلك أن الانطباع لدى قادة الخليج أن السيسي يبتز الخليج ولا زال يمارس هذا الابتزاز من أجل الحصول على المزيد من الأموال".
واستدرك الشريف: "وربما لا يزال (أي السيسي) يخوف الجميع بالفوضى التي يمكن أن تندلع في مصر جراء الأزمة الاقتصادية، وأن الإخوان على أبواب القصر الجمهوري ينتظرون القفز على السلطة، وكلها أنواع من التخويف من أجل الحصول على أموال الخليج".
واختتم حديثه بالقول: "السيسي تحول إلى قرصان أموال وقاطع طريق لأموال رجال الأعمال المصريين في الداخل والخليج في الخارج؛ لأنه لا يجيد سوى تبديد ونهب ثروات وأموال الدولة المصرية".
— طلعت هاشم (@talaathashem52) October 24, 2022
— دكتور مصطفى جاويش (@drmgaweesh) October 24, 2022
مصارحة الغريق
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال استشاري تمويل وتطوير المشروعات والأوقاف الاستثمارية، علاء السيد، إن "ما قاله السيسي يؤكد أنه بفترة حكمه لم يكن هناك أي تخطيط استراتيجي لعمل تنمية شاملة في مصر، وكان الأمر أشبه بتلميذ يعتمد على والديه في الحصول على المصروف، ولما توقفت المساعدات الخليجية، بدأ يتحدث كيف يمكن إنقاذ الاقتصاد".
وأوضح لـ"عربي21" أن "السيسي يضع الكرة في ملعب الشعب ويقول إنها غير قادرة على الوقوف مجددا، وفي الحقيقة مصر ليست مستحقة للمساعدات ولكن تولى أمرها شخص لم يعلم ولم يعرف كيف يستطيع أن يدير الموارد البشرية والطبيعية والمالية للبلاد وثرواتها بأفضل أسلوب من أجل تنمية الاقتصاد وإعادة هيكلتها مجددا وتحسين مستوى المعيشة".
وأكد السيد أن "مصر كانت قادرة على تخطي كل الصعاب رغم الأزمة الكبيرة التي تمر بها ودون الحاجة إلى مساعدات من الخارج، لكن الإشكالية كلها في الإنفاق على مشروعات دون جدوى من خلال مجموعة لا تفقه شيئا في إدارة البلاد ولا في إدارة الأزمات".