قضايا وآراء

المراجعات الأمريكية السعودية إلى أين؟

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

ذكرت "وول ستريت جورنال" أن المسؤولين السعوديين قالوا سرا إن المملكة يمكن أن تبيع سندات الخزانة الأمريكية التي تحتفظ بها الرياض إذا أقر الكونغرس تشريعا مناهضا ضد منظمة "أوبك".

صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية من ناحيتها كشفت تفاصيل صفقة سرية أبرمت بين واشنطن والرياض في أيار/ مايو الماضي، لزيادة الرياض إنتاج النفط حتى نهاية العام، وباءت بالفشل بعد زيارة بايدن للسعودية فيما عرف بقمة التسعة التي شملت دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب الأردن والعراق ومصر في تموز/ يوليو الماضي.

الخلاف الأمريكي ـ السعودي لم تتبخر أسبابه أو تتلاشى دوافعه إذ لازال التوتر قائما بين واشنطن والرياض تعكسه تصريحات المسؤوليين السعوديين والأمريكيين التي تدعو لمراجعة العلاقة الأمريكية السعودية؛ كان آخرها تصريحات السفيرة السعودية في واشنطن ريم بنت بندر آل سعود خلال لقاء على شبكة الـ (CNN) الأمريكية إذ انضمت للرئيس الأمريكي جو بايدن وطاقم إدارته بالدعوة إلى مراجعة العلاقات بين البلدين بقولها: "إن العلاقة بين أمريكا والسعودية تحتاج لمراجعة فالكثير تغير خلال السنوات الخمس الماضية".

الدعوة لمراجعة العلاقات الأمريكية لم تكد تخلو منها زاوية من زوايا عالم الاقتصاد والطاقة والسياسة؛ فمؤتمر مباردة مستقبل الاستثمار المنعقد في السعودية لم يكن استثناءا إذ تحول إلى منصة لمناقشة العلاقات السعودية الأمريكية وبحضور عدد كبير من ممثلي الشركات والمؤسسات الأمريكية والعالمية.

أزمة العلاقات الأمريكية السعودية كانت حاضرة بقوة في النقاشات والحوارات التي شارك فيها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح ووزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان والمدير التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر؛ فالمؤتمر الذي انطلقت أعماله يوم الثلاثاء 25 تشرين أول/ أكتوبر والمتوقع أن يختتم أعماله اليوم الخميس 27 تشرين الأول أكتوبر ناقش العلاقة السعودية الأمريكية من زاوية المصالح والصراع الدائر في أوكرانيا وتداعياته على الأسواق العالمية واللافت في المؤتمر أنه سيناقش في يومه الأخير مكانة الصين ومستقبلها.

أزمة العلاقات الأمريكية السعودية كانت حاضرة في أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة كذلك؛ تحت عنوان تخفيضات مجموعة أوبك+، حيث أطلق مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول تصريحات مثيرة للجدل قال فيها إن العالم غير مستعد للاستغناء عن النفط الروسي وأن العالم بعد قرار "أوبك+" دخل في أزمة طاقة عالمية.

بيرول أكد في سنغافورة الحاجة للنفط الروسي في ظل زيادة الطلب العالمي المتوقعة العام المقبل والمقدرة بـ مليون و700 ألف برميل؛ وفي ظل الزيادة المتواضعة المتوقعة في إنتاج الغاز عالميا والمقدرة بـ 20 مليار قدم مكعب فقط من الحقول المستكشفة حديثا؛ بمعنى أن الزيادة في إنتاج النفط لن تعوض عن النفط الروسي والغاز ولن تواكب الطلب العالمي المتزايد.

 

تكشف التصريحات والتسريبات الأمريكية السعودية أن المراجعات الأمريكية السعودية للعلاقات تتم عن بعد وعبر البريد الإعلامي والفضائيات والمؤتمرات لا عبر البريد الدبلوماسي؛ إذ لا مؤتمر ولا طاولة قادرة على جمع الإدارة الأمريكية بالقيادة السعودية قبيل انتخابات الكونغرس؛ ولايتوقع أن تسهم نتائج الإنتخابات والتصعيد المتوقع في أوكرانيا بتوفيرهذه الطاولة التي فقدت أرجلها .

 



رغم تطابق القراءات المقدمة لواقع الإنتاج والاستهلاك للنفط والطاقة العالمية بين ممثل الدول المستهلكة مدير وكالة الطاقة الدولي فاتح بيرول؛ وبين المدير التنفيذي لواحدة من أكبر الشركات المنتجة للنفط عالميا شركة أرامكو أمين الناصرالذي قال: إن الحظر الأوروبي المزمع على الخام والمنتجات النفطية الروسية يفاقم الغموض الذي يكتنف سوق النفط العالمية.

قراءة تكاد تتطابق مع قراءة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان وهو أبرز ممثلي الدول المنتجة والتي قال فيها "إن السعودية ضاعفت صادراتها للقارة الأوروبية إلى 950 ألف برميل في اليوم" فرغم خفض الرياض للإنتاج ورغم التزامها بتوريد النفط للأسواق الأسيوية بقيت ملتزمة برفع صاردتها لأوروبا ما يعني أن أزمة الطاقة لن تعالج في وقت قريب ولن تكون السعودية هي صاحبة العصى السحرية. 

بالعودة إلى تصريحات المسؤوليين السعوديين والتسريبات الصحفية الأمريكية التي نقلت النقاش إلى مستوى جديد بالحديث عن إمكانية تخلي السعودية عن أذونات الخزينة المقدرة بـ 121 ملياردولار نجد أن التوتر في العلاقات بين البلدين لم يختفي.

كما أن الثقة بين إدارة بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لازالت مرتفعة في ظل الغياب الواضح لمسؤولي البيت الأبيض عن مؤتمر مبادرة المستقبل للاستثمار والحضور الفاقع لجاريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترمب قبيل انطلاق الإنتخابات التكميلية للكونغرس الأمريكي تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ختاما.. تكشف التصريحات والتسريبات الأمريكية السعودية أن المراجعات الأمريكية السعودية للعلاقات تتم عن بعد وعبر البريد الإعلامي والفضائيات والمؤتمرات لا عبر البريد الدبلوماسي؛ إذ لا مؤتمر ولا طاولة  قادرة على جمع الإدارة الأمريكية بالقيادة السعودية قبيل انتخابات الكونغرس؛ ولايتوقع أن تسهم نتائج الإنتخابات والتصعيد المتوقع في أوكرانيا بتوفيرهذه الطاولة التي فقدت أرجلها .

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)