هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشن قوى
الإطار التنسيقي الشيعي هجوما على رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي،
وتطالب بمنعه من السفر وحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة، متوعدة في الوقت
ذاته بمحاكمته على خلفية مخالفات دستورية ومالية وشبهات فساد جرت خلال مدة عامين
حكم فيها البلاد.
وأعلن الباحث
في الشأن السياسي العراقي القريب من "الإطار التنسيقي" عماد المسافر
خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، عن رفع العديد من الدعاوى القضائية ضد
الكاظمي في المحاكم العراقية تتعلق بالعديد من القضايا، وهي الآن تنتظر الحسم من
السلطات القضائية.
وخلال الأسبوع
الماضي، انتشرت في عدد من شوارع بغداد لافتات تُظهر الكاظمي بشكل سجين ويرتدي بزة
حمراء مخصصة للمحكومين بالإعدام، تطالب بمحاسبته لـ"التقصير في أداء وظائفه،
وإهدار المال العام، واختلاس أموال حكومية، وتجاوز الصلاحيات في قرارات
اتخذها".
محاكمة
مستبعدة
وعن أسباب هذه
الحملة ومدى واقعية محاكمة رئيس وزراء سابق، قال أستاذ العلوم السياسية في العراق،
الدكتور معتز النجم إن "التاريخ الحديث بعد عام 2003 لم يخبرنا بمحاكمة شخصية
بحجم الكاظمي على اعتبار أنه كان يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء".
وأضاف النجم
لـ"عربي21" أن "الصفقات السياسية وثقافة الفساد، والتي أصبحت تمارس
بشكل مؤسساتي في المنظومة السياسية في العراق بعد عام 2003، لم تشهد محاكمة رئيس
حكومة سابقا، وإنما وزيرا أو وكيل وزارة، أو مديرا عاما في موضوع الفساد".
ولفت إلى أن
"الكاظمي لم يأت إلى منصب رئيس مجلس الوزراء من فراغ، وإنما دعمت وصوله أغلب
الكتل السياسية، ولا سيما الإطار التنسيقي والتيار الصدري، رغم أنه كان يحسب في
العام الأخير على الصدريين".
وأشار النجم
إلى أن "الخروج السلس والسلمي للكاظمي من منصبه وتسليم رئاسة الحكومة لخلفه
محمد شياع السوداني لم تؤشر فيها إلى أنه سيتم فتح قضايا تتعلق بالفساد ضد رئيس
الوزراء السابق".
وتابع:
"الكاظمي كان أحد رؤساء المؤسسات المهمة بالعراق وهو جهاز المخابرات، ويمتلك
من الملفات ما لا يمتلكه غيره، لذلك هناك ضغوطات تمارس عليه من وراء الحملة
الحالية ضده، وأعتقد أنه لن يصمت كثيرا وسيكشف المستور، لأن العملية السياسية بنيت
على طمطمة ملفات الفساد".
اقرأ أيضا: جدل في العراق حول احتفالية عائلة وزير التربية بتوليه المنصب
ورأى النجم أن
"الإشكالية تكمن في كيفية كشف الكاظمي لملفات الفساد، وخصوصا أن هناك عدم ثقة
بين الحكومة والشعب وهذا هو الذي ولد مهاجمة هذا الطرف أو ذاك عبر وسائل الإعلام،
لأن الشعب أصبح مادة خصبة لاستقبال الدعايات في تسقيط بعض الشخصيات بتهم
الفساد".
وجزم الخبير
العراقي بالقول: "مطلقا لا يمكن محاكمة الكاظمي، لأنه ليس لدينا نظام مؤسساتي
في العراق، لأنه إذا جرت محاكمته، فالتالي محاكمة جميع أعضاء الحكومة، لأنه كان
يرأس مجلس الوزراء وهؤلاء تابعون لأحزاب سياسية".
ونوه النجم
إلى أن "ما اقترفه الكاظمي لا يساوي ما فعله عبد المهدي من إراقة الدماء، لكن
الحملة اليوم ضد الأول لكونه لم تكن لديه علاقات جيدة مع بعض الجهات
السياسية التي تمتلك فصائل مسلحة، وكذلك الجهات المسلحة التي لديها تمثيل سياسي".
"كبش
فداء"
من جهته، قال
مستشار المركز العراقي للتنمية، سرمد البياتي، لـ"عربي21" إنه "إذا
كان لديهم ملفات واضحة على أي مسؤول سواء الكاظمي أو غيره فعليهم إظهارها وإقامة
دعاوى قضائية ضدهم من أجل أن يقتصوا من كل الفاسدين من 2003 وحتى اليوم، بدءا من
عهد إياد علاوي ومرورا بالجعفري والمالكي والعبادي وعبد المهدي".
وأضاف
البياتي: "إذا كانوا فعلا يريدون تحقيق العدالة للعراقيين واسترداد مليارات
الدولارات التي ذهبت هباء منثورا، ليحققوا بالبيوت الفارهة في مناطق المنصور
والجادرية وغيرها ومن يمتلكها".
وأردف:
"كذلك أدعوهم للتحقيق في كل ما أخذ وسلب من الشعب العراقي طيلة المدة
الماضية، فالكاظمي حاله حال غيره من رؤساء الحكومات التي تولت الحكم في البلاد بعد
عام 2003".
واستبعد
البياتي محاكمة الكاظمي، بالقول: "لم نشهد من بعد 2003 وزيرا أو رئيس وزراء
وقف في قفص الاتهام بالمحكمة وجرت محاكمته وسجنه، لأن الجميع لديه الكثير من
الملفات".
وبيّن:
"بالتأكيد هناك أسباب تقف وراء هذه الهجمة المنظمة التي تُشن حاليا ضد
الكاظمي، ولا سيما أنه هو من كشف سرقة 2.5 مليار دولار مؤخرا من أمانات الضرائب،
لذلك مستغرب من الحملة ضده".
وختم البياتي
حديثه، بالقول: "الأيام المقبلة ستكشف لنا ماذا وراء هذه الحملة، وكيف يمكن
لهم أن يحاكموا المسؤولين بخصوص ملفات الفساد، والتي نأمل أن يفتحوها على الجميع
ومحاكمة كل الفاسدين في العراق".
وفي السياق
ذاته، دعا النائب عن كتلة "صادقون" البرلمانية، الجناح السياسي لمليشيا
"عصائب أهل الحق"، عدي عواد، إلى اتخاذ إجراءات احترازية لمنع سفر رئيس
الوزراء السابق ووزراء حكومته، استنادا لأصول المحاكمات الجزائية وقانون هيئة
النزاهة.
وقال عواد، في
تصريح صحفي، الأحد، إن "نوابا طالبوا رئاسة البرلمان بتوجيه هيئة النزاهة
باتخاذ إجراءات احترازية لمنع سفر رئيس الحكومة السابق ووزراء حكومته، وحجز
أموالهم المنقولة وغير المنقولة، مؤكدا أن "هناك طلبا آخر للنظر في المخالفات
الدستورية والمالية والإدارية للتحقيق مع مسؤولين بالحكومة السابقة في شبهات
فساد".
وفي تقرير
سابق نشره "معهد كوينز" الأمريكي في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قال إن
هناك محاولة لتحويل رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي إلى "كبش
فداء" للفساد المتفشي في العراق.
ولفت إلى أن
"الطريق إلى الأمام يبدو غامضا"، مضيفا على سبيل المثال أن الفريق
الجديد تحرك من أجل منع الكاظمي، من مغادرة العراق في محاولة لجعله "كبش
فداء" للفساد المستشري الذي كان دفع العديد من العراقيين لأن يصوتوا لصالح
مقتدى الصدر.