نشر موقع "
ميدل إيست آي" البريطاني تقريرًا، سلط فيه الضوء على التعاون المتنامي بين
الهند وإسرائيل في منطقة
كشمير؛ بغرض تعميق وجود الهند في المنطقة المتنازع عليها.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته عربي21، إن قرار الهند بدعوة المسؤولين
الإسرائيليين إلى منطقة كشمير المتنازع عليها أثار القلق بين السكان المحليين والخبراء، حيث اتُّهمت نيودلهي بمحاولة استبدال الثقافة والجغرافيا الأصلية للمنطقة، فيما أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنه سيتم بناء "مركزين أو مراكز التميز"، التي تعمل على تسهيل نقل التكنولوجيا الإسرائيلية إلى المزارعين في كشمير الهندية، وتعزيز أفضل الممارسات في الري وإدارة المشاتل والزراعة، وستكون بمثابة نقطة التقاء للحكومة والأكاديميين والمزارعين للتعاون والتعلم من بعضهم البعض.
وذكر الموقع أن مراكز الزراعة الإسرائيلية ستعمل على تعميق احتلال الهند في المنطقة، وتسريع مشروعها الاستعماري الاستيطاني، حيث ستكون هذه المؤسسات ذات توجه زراعي شكليًّا، وستساعد إسرائيل من خلالها الهند على تحويل كشمير إلى فلسطين حقيقية. مبينًا أنه رغم أنه لا يمكن للهند تنفيذ إبادة جماعية في كشمير، ولا يمكنها صنع صراع عرقي، إلا أنه وبالنظر إلى النموذج الفلسطيني الذي يُنظر إليه على أنه ناجح، فقد قررت إدخال إسرائيل؛ لكي يفهموا الخريطة الإثنية لكشمير.
وأضاف الموقع أن التضامن مع الفلسطينيين يتعمق في كشمير، حيث يحمل السكان شعارات "غزة حرة" و"تحيا فلسطين". ومن جهته، قال صحفي محلي إن الإعلان لا يُضفي سوى الطابع الرسمي على علاقة هذه القوى الاستعمارية التي تعمل معا في كشمير لفترة من الوقت. وفي الوقت الحالي، تقوم إسرائيل بمسح الأراضي تحت ستار الزراعة مباشرة على الحدود مع باكستان.
اظهار أخبار متعلقة
مشروع استعماري استيطاني كلاسيكي
تعززت العلاقات بين الهند وإسرائيل بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة منذ أن تولى رئيس الوزراء ناريندرا مودي منصبه؛ حيث تبلغ قيمة تجارة الأسلحة بين الدولتين أكثر من مليار دولار سنويا، وتُعدّ نيودلهي أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية ومنتجا مشاركا للأسلحة الإسرائيلية.
وأشار الموقع إلى أن فكرة قدوم الغرباء لتثقيف الكشميريين حول أفضل السبل لإنتاج التفاح والزعفران والجوز -من بين المحاصيل الأخرى التي تنتجها مجتمعات السكان الأصليين على نطاق واسع في المنطقة- لم تكن جيدة، نظرا لأن الإسرائيليين يسيطرون على إمدادات المياه في الأراضي المحتلة، رغم تشجيعهم لتكنولوجيا الحفاظ على المياه في الخارج.
وبحسب الموقع، لطالما أشار الأكاديميون والمؤرخون الفلسطينيون إلى أن المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة لا يمكن إخراجه من سياساته البيئية التي تمحو التاريخ الفلسطيني من الأرض، وهو ما أشارت إليه غادة ساسا بالحديث عن الأشجار التي قامت إسرائيل بزرعها، دون احترام الأشجار التي زرعها الفلسطينيون، والتي تمثل لهم شعارا متكاملًا، ثقافيًّا وروحيًّا ووطنيًّا واقتصاديًّا، من أجل جعل المشهد أوروبيًّا.
وأكد الموقع أنه في آب/ أغسطس 2019، قامت الهند بإرسال عشرات الآلاف من القوات إلى كشمير، وفرضت تعتيما على الاتصالات، وقطعت روابط النقل، حيث أنهت حكومة مودي وضع الحكم شبه الذاتي لجامو وكشمير؛ وهي خطوة أدت إلى تنمية اقتصادية واجتماعية في الوادي، وتترك ملايين الأشخاص في ضائقة مالية.
"الاستعارة من الفصل العنصري الإسرائيلي"
لعقود من الزمان، كان الكشميريون يطالبون بالحق في تقرير المصير على النحو الذي وعد به قرار مجلس الأمن رقم 47 لعام 1948. وتطالب الهند وباكستان بكشمير كاملة، وتفصل الحدود الفعلية كشمير التي تسيطر عليها الهند عن الجزء الذي تسيطر عليه باكستان.
ومنذ بدء الانتفاضة في عام 1988، قُتل أكثر من 70.000 شخص، بالإضافة إلى الآلاف من المفقودين، حيث تشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 700.000 جندي هندي في الوادي، ما يجعل كشمير واحدة من أكثر المناطق عسكرة على وجه الأرض.
وقال الموقع إن إلغاء المادة 370 والمادة 35 أ، اللتين نصتا على الوضع الخاص لكشمير في الدستور الهندي، يعني أيضا أن الهنود يمكنهم الآن شراء الأراضي في كشمير، وكذلك يصبحون مقيمين دائمين في الولاية.
وأفاد بأن دبلوماسيا هنديا كبيرا في نيويورك أخبر مجموعة من الهنود والهنود الكشميريين، منذ أشهر، أن الهند يجب أن تتبع نموذج الاستيطان الإسرائيلي في كشمير.
ونقل الموقع تصريحات لأبورفا بي جي، منسق منطقة آسيا والمحيط الهادئ للجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها "بي دي إس"، قال فيها إن "مركز التميز يمارس سياسة الغسيل الأخضر -أي أنها تتخذ من القضايا المناخية ستارًا لإخفاء نواياها الحقيقية- وذلك من أجل التغطية على الفصل العنصري الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني في فلسطين، هذا إلى جانب دعم محاولات السلطات والشركات الهندية لتغيير استخدام الأراضي والديموغرافيا في كشمير".
وذكر أبورفا بي جي: "تؤثر هذه الخطوة بشكل مباشر على التركيبة السكانية للمنطقة، وتستعير من نماذج السيطرة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة"، مشيرًا إلى أن استثمارات الشركات ومصالح دول أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة في المنطقة بعد آب/ أغسطس 2019 كانت في ازدياد.
وبالمثل، قال سومديب سين، المؤلف والمحلل الهندي الإسرائيل والأستاذ المشارك في دراسات التنمية الدولية في جامعة روسكيلد في الدنمارك، لـ"ميدل إيست آي"، إن تكرار الهند للمشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي في كشمير يعطي صلاحية لمشروعها الاستعماري الاستيطاني الذي يستهدف الفلسطينيين، فضلًا عن دعم قدرتها على المناورة الدبلوماسية، وتعزيز تحالفاتها الدولية عند مواجهة إدانة عالمية لسياساتها القاسية في فلسطين".
هل يستفيد المزارعون الهنود؟
وبين الموقع أن الحكومة الإسرائيلية كانت قد ذكرت أن ماشاف، ذراع التنمية الدولية للحكومة الإسرائيلية، تدير مراكز التميز؛ لتسهيل نقل التكنولوجيا إلى المزارعين في البلدان الشريكة، إلا أن الخبراء الزراعيين جادلوا بأن مراكز التميز نادرًا ما تقدم أرباحًا للمزارعين المحليين، وأن المبادرات تعمل كوسيلة لتحسين سمعة إسرائيل أكثر من تقديمها للخدمات.
في تشرين الأول/ أكتوبر، أصدرت منظمة غرين -وهي منظمة دولية غير ربحية تدعم صغار المزارعين والحركات الاجتماعية- تقريرًا جادلت فيه بأن "الدبلوماسية الزراعية" الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم لم تكن مجرد نقطة دخول لصفقات الأسلحة، بل كان من الصعب جدًّا أيضا تخليص الزراعة من المساعي العسكرية.
وتابع الموقع قائلًا: "الجيش الإسرائيلي هو أيضا مصدر مهم للأفراد والتقنيات لشركات الأعمال الزراعية الإسرائيلية، حيث سيكون من الصعب العثور على شركة إسرائيلية واحدة من بين مئات الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية الموجودة اليوم ليس لها بعض الروابط مع الجيش الإسرائيلي أو الخدمة السرية".
وأشارت منظمة غرين، في بيان أُرسل إلى" ميدل إيست آي"، إلى أن حكومات المقاطعات الهندية "لم توقع فقط صفقات لإنشاء مراكز تميز لمحاصيل البستنة، لكنها ترعى رحلات إلى دولة الاحتلال لمسؤولي الزراعة فيها، وتوفر مخصصات في الميزانية للري الصغير، وإمداد الشركات الإسرائيلية بمخططات الدعم والتكنولوجيا على نطاق واسع".
وأضافت المنظمة: "ومع ذلك، هناك القليل من الأدلة على كيفية استفادة المزارعين الهنود من هذه التقنيات الإسرائيلية".
وذكر ميدل إيست آي أن هناك 29 مركزًا للتميز تابعا لإسرائيل في 12 ولاية في جميع أنحاء الهند، بينما صرح السفير الإسرائيلي في الهند، في عام 2020، بأن 150.000 مزارع هندي تلقوا تدريبًا من هذه المراكز في عام واحد فقط، وفقًا للحكومة الإسرائيلية.
وفي ختام التقرير، أوضح أبورفا بي جي، منسق اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، أن مراكز التميز كانت في الأساس "منصات دعائية" تستخدم المال العام للغسيل الأخضر الإسرائيلي، مضيفًا: "مراكز التميز الإسرائيلية هي أداة لإنفاق المال العام الهندي لتوفير منصات دعائية للوكالات الإسرائيلية، ما يتيح الغسل الأخضر لنظام الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، والفصل العنصري، وسرقة الأراضي الفلسطينية والموارد المائية بلا هوادة، واقتلاع ملايين الأشجار الفلسطينية، والتطهير العرقي للفلسطينيين، خاصة المزارعين".