هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بدأ الرئيس الصيني شي جينبينغ، زيارة إلى السعودية، في أكبر مبادرة دبلوماسية
لبكين في العالم العربي، تأتي بالتزامن مع سعي الرياض لتوسيع تحالفاتها
الدولية بما يتجاوز شراكتها القائمة منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وتشمل الزيارة التي تستغرق عدة أيام، انعقاد مؤتمرين يجمعان قادة من
جميع أنحاء العالم العربي، كما أنه سيتم توقيع عشرات الاتفاقيات التجارية والاقتصادية
والعسكرية التي تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات.
وأفادت شبكة "سي إن إن"، بأن "رحلة شي إلى السعودية
تحمل رسالة ضمنية إلى الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أنه على الرغم من مناشدات
واشنطن المتكررة لحلفائها العرب في الخليج رفض "الجزرة التجارية" التي تقدمها
الصين، فإن علاقة المنطقة مع بكين تستمر في التطور، ليس فقط في التجارة، ولكن أيضا في
الأمن.
ولفتت إلى أن زيارة الزعيم الصيني
تأتي بعد سنوات من تجميد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من قبل الغرب
بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في
قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، لكن ابن سلمان الآن سيعقد اجتماعات
مع شي، وما لا يقل عن 14 من القادة العرب الآخرين.
اظهار أخبار متعلقة
ورأت أن الزيارة بالنسبة للصين تمثل فرصة لتوسيع
بصمتها الجيوسياسية في الفناء الخلفي السابق للولايات المتحدة، كما أن بكين تحتاج أيضا إلى المزيد من النفط السعودي، حيث بدأت مؤخرا في تخفيف إجراءات مكافحة وباء
كورونا.
ووفق الشبكة فإن قادة الصين
كانوا قبل عقدين فقط أشخاصًا غير مرغوب فيهم في السعودية المعادية للشيوعية. وفي ذلك
الوقت، كانت الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط من السعودية، واليوم تستهلك
الولايات المتحدة جزءا بسيطا فقط من النفط السعودي، في حين أن الصين هي أكبر شريك
تجاري للمملكة، إذ تجاوزت الصادرات السعودية إلى الصين الـ50 مليار دولار العام
الماضي، وهو ما يمثل أكثر من 18٪ من إجمالي صادرات المملكة.
ووفق الشبكة، فقد أدت العلاقة المتغيرة إلى تحول في مواقف الولايات
المتحدة تجاه حلفائها العرب، ففي عام 2016، عندما وقعت إدارة الرئيس الأسبق باراك
أوباما اتفاقا نوويا تاريخيا مع إيران، قامت واشنطن بإبعاد حلفائها العرب في
المنطقة، أعداء إيران القدامى، عن عملية التفاوض بشأن الاتفاق، كما أنه بدأ التردد
في ما يتعلق بتسامح الولايات المتحدة مع أسلوب الحكم الاستبدادي في الخليج، وسجله
السيئ في مجال حقوق الإنسان، وتضاءل الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وقد كان
هذا التواجد الأكبر في العالم.
وعلى نحو متزايد، بدأ قادة الخليج يتحدثون علنا عن شرق أوسط ما بعد
أمريكا. وقال مسؤولون إن دول الخليج ستضطر إلى شق طريقها دون ضامنها الأمني
الرئيسي، الولايات المتحدة.
اظهار أخبار متعلقة
ويبدو أن هذا الموقف قد عجل بموجة تطبيع العلاقات مع إسرائيل بدعم من
ترامب، والمعروفة باسم اتفاقيات أبراهام، على الرغم من استمرار شعبية القضية
الفلسطينية بين الجماهير العربية. كما أنه أدى إلى تقارب على مضض بين السعودية وإيران،
واستعادة كاملة للعلاقات بين أبو ظبي وطهران، بحسب "سي إن إن".
ورأت الشبكة أن دول الخليج عززت
سياستها المستقبلية على مدار العام الماضي، معتبرة أنها خرجت مؤخرا عن الخط المتسق مع نهج السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأوضح قادة دول الخليج أن العلاقات المتنامية مع روسيا ستبقى ولن
تتأثر، بعد أن شنت روسيا الحرب على أوكرانيا هذا العام، ما أعاق جهدا دوليا لعزل
موسكو.
وفي بعض الأحيان، بدا أن قادة الخليج يعملون مع الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين بشأن سياسة النفط.
وفي ما يتعلق بالصين، فإن الخليج قلل من شأن التحذيرات العديدة من الولايات
المتحدة بخصوص الشراكات المتنامية مع بكين والشركات الصينية. وفي العام الماضي،
اتهم المسؤولون الإماراتيون، الولايات المتحدة بـ"التنمر" عليهم،
لمطالبتها بإغلاق منشأة صينية على الأراضي الإماراتية، عندما هددت الولايات
المتحدة بعدم عقد صفقة تاريخية لبيع طائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى الإمارات، إن أتمت الإمارات صفقة 5G مع شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي، في حين تابعت أبو
ظبي تنفيذ الاتفاقية.
اظهار أخبار متعلقة
وبينما كان محمد بن سلمان يشدد قبضته على المعارضة -وقد بلغ ذلك الذروة بمقتل خاشقجي- فإن دعم ترامب للأمير الشاب كان ثابتا. وبدا أيضًا أن ترامب، ولو جزئيًا
على الأقل، يلبي مطالب المملكة بالانسحاب من اتفاق أوباما النووي مع إيران، وفرض
سيل من العقوبات على إيران على الرغم من التزام طهران من جانبها بالاتفاقية.
ولكن بعد ذلك في عام 2019، أمطرت الصواريخ التي أطلقها المتمردون
الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران، منشآت النفط في السعودية، ما أوقف ما يقرب
من نصف إنتاج المملكة النفطي.
ولم تأت إدارة ترامب لإنقاذ حليفها، ورأت دول الخليج العربية، أنه لم
يعد من الممكن الاعتماد على الولايات المتحدة لضمان أمن المنطقة، بغض النظر عن من
يجلس في المكتب البيضاوي.