على غير العادة،
تناولت أوساط سياسية وإعلامية
إسرائيلية مقالا افتتاحيا لصحيفة نيويورك تايمز،
إحدى أكثر الصحف نفوذاً في العالم، وقالت فيه إن "الحكومة الناشئة تشكل
تهديدًا كبيرًا لمستقبل إسرائيل، وقد يضر التحالف الحكومي المستقبلي بالعلاقات مع
الولايات المتحدة، ما يستدعي من الرئيس جو
بايدن التدخل".
صحيفة
يديعوت أحرونوت،
اقتبست مقتطفات واسعة من المقال الذي جاء فيه أن "المثل الأعلى للدولة
اليهودية في خطر، وعلى غير المعتاد فقد جاءت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة
بنتائج دراماتيكية، رغم أن نتائج الانتخابات الخمسة الأخيرة أتت مليئة بالمفاجآت،
وظهرت إسرائيل مضطربة، وتبدو الحكومة اليمينية المتطرفة التي ستصل السلطة قريبًا
برئاسة بنيامين
نتنياهو، مختلفة جوهريًا، بطريقة مقلقة، عن جميع الحكومات
الإسرائيلية السابقة".
وأضافت في تقرير
ترجمته "عربي21" أن المقال الأمريكي اعتبر أن "نتائج الانتخابات
الأخيرة حملت تفويضًا واسع النطاق لتقديم تنازلات للأحزاب الدينية والقومية
المتطرفة، مما يعرض نموذج الدولة اليهودية للخطر، وسيزيد من ظاهرة معاداة السامية
التي توجد في تصاعد عالمي، وزيادة الانتقادات لإسرائيل نتيجة لهذه الكراهية، أي أن
حكومة نتنياهو القادمة تشكل تهديدًا كبيرًا على مستقبل إسرائيل، بما فيه توجهها
وأمنها، وحتى لفكرة الوطن القومي لليهود".
وأشارت إلى أنه وفقًا
للمقال، فإن "مواقف أعضاء الحكومة المقبلة قد تجعل التوصل لحل الدولتين
مستحيلًا عسكريًا وسياسيًا، مما يتعين على إدارة بايدن بذل كل ما في وسعها للتدخل
حفاظا على العلاقة العميقة بين تل أبيب وواشنطن، لأن لوائح الاتهام ضد نتنياهو
دفعته لبذل قصارى جهده للبقاء في السلطة، والاستجابة لمطالب العناصر المتطرفة،
سيشكلون حكومة هشة، تتألف من أشخاص يطالبون بتوسيع المستوطنات، وضمّها، وتغيير
الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وتقويض المحكمة العليا، وكل ذلك بهدف إنقاذه من
الملاحقة القضائية والسجن".
وأكد المقال أن
"الرد الرئيسي لإدارة بايدن جاء عبر خطاب تحذيري لوزير الخارجية أنتوني
بلينكين، لكن العلاقة الدافئة بين إسرائيل والولايات المتحدة، تتجاوز التعريفات
التقليدية للتحالف العسكري أو الصداقة الدبلوماسية، لكنها تبدو مهددة، بسبب
المخاوف من فشل عملية التسوية مع الفلسطينيين، خاصة عقب سيطرة حماس على غزة،
واقتراب قبضة أبو مازن على السلطة الفلسطينية من نهايتها، دون خطة إسرائيلية
واضحة".
اظهار أخبار متعلقة
وختم أن "الأمل
في قيام دولة فلسطينية تضرر كثيرا تحت ضغط الرفض الإسرائيلي، ما من شأنه تقويض
المثل العليا لإسرائيل من خلال توجه الحكومة المقبلة للضم الكامل للضفة الغربية،
أو إضفاء الشرعية على المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية، وكل ذلك كفيل
بالقضاء على فرص حل الدولتين مع الفلسطينيين، وفي النهاية فإن دعم أمريكا لإسرائيل
يعكس احترامها للمثل الديمقراطية، مما يتطلب من بايدن بذل كل ما في وسعه لإعادة
تأكيد هذا الالتزام".
ولم يتأخر بنيامين
نتنياهو في الرد على نيويورك تايمز بالإشارة إلى أن "الصحيفة تواصل حملتها
لنزع الشرعية عن إسرائيل، بزعم أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، واصفا
موقفها بأنه مخز، وأنه سيتجاهل النصيحة التي لا أساس لها من الصحة
الواردة في المقال"، بحسب ما أوردته
القناة الـ 12.
لأن الصحيفة دفنت الهولوكوست منذ سنوات في صفحاتها الخلفية،
وشيطنت إسرائيل على صفحاتها الأولى، ها هي تدعو الآن بشكل مخجل لتقويض الحكومة
المنتخبة في إسرائيل.
ليست المرة الأولى التي
تحذر فيها نيويورك تايمز من مستقبل دولة الاحتلال عقب الانتخابات الأخيرة، وقرب
إعلان الحكومة المقبلة، فقد سبق أن أعلن الكاتب الشهير فيها توماس فريدمان في مقال
أثار قلقا وضجة إسرائيلية أن "إسرائيل التي نعرفها لم تعد موجودة، بسبب
انهيار الحكومة السابقة، واستبدالها بأقصى تحالف يميني متطرف في تاريخ إسرائيل،
لأننا أمام تحالف صاخب من القادة الأرثوذكس المتطرفين والسياسيين القوميين
المتطرفين، بما في ذلك بعض المتطرفين اليهود العنصريين المعادين للعرب، الذين تم
اعتبارهم في يوم من الأيام خارج أعراف وحدود السياسة الإسرائيلية".
يتزامن المقال
الافتتاحي في الصحيفة الأشهر في العالم مع مخاوف إسرائيلية متصاعدة في الآونة
الأخيرة من انحياز الصحيفة المزعوم للرواية الفلسطينية، وعدم تبني رواية الاحتلال،
وفقاً لرصد قامت به مؤسسات إعلامية إسرائيلية، مما حمل تحذيرا بأن اللوبي الصهيوني
في أمريكا قد يفقد أهم منصة داعمة للاحتلال ممثلا بهذه الصحيفة.