يشير
القصف الأول من نوعه في عهد وزير الحرب الجديد يوآف غالانت إلى الاستمرارية في استراتيجية
"المعركة بين الحروب"، مع العلم أن الجيش يحتمل أن يكون قد بدأ التخطيط لمهاجمة
سوريا حتى قبل أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، لكن الموافقة النهائية على
الخطط كانت بتوقيع غالانت، بالتنسيق مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أعطى الموافقة
على التنفيذ لرئيس الأركان أفيف كوخافي.
رون
بن يشاي الخبير العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد أنه "لا يوجد
شيء غير عادي في عملية صنع القرار هذه الخاصة بالعدوان على سوريا، بل إنه يشهد على
"تمرير العصا" بسلاسة في وزارة الحرب، ويشهد أنه في المستقبل القريب، إذا تم
تنفيذ الهجوم بالفعل من قبل الجيش، فإن من غير المحتمل توقع أي تغيير في سياسة واعتبارات
استخدام القوة في إطار سياسة "المعركة بين الحروب" السائدة في سوريا".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أنه "عند التخطيط والموافقة على الخطط العدوانية
الخاصة بمهاجمة سوريا، يتم إجراء تقييم دقيق للنتائج والعواقب التي ستترتب على العمليات،
ويمكن التقدير أنه كان هناك تنسيق مبكر مع الجيش الروسي على الأراضي السورية، مع احتمال
أن يحقق هذا العدوان عدة أهداف، أولها التدمير المادي لشحنات المكونات والأجزاء الخاصة
بمشروع الصواريخ الدقيقة الذي يتم تنفيذه بتوجيه وقيادة الإيرانيين في المنشآت الصناعية
العسكرية في سوريا وورش حزب الله السرية في لبنان".
وأشار
إلى أن "الهدف الثاني هو ضرب منشآت تتمركز فيها المليشيات المسلحة التابعة لقيادة
الحرس الثوري في جنوب دمشق قرب ضريح السيدة زينب، ويتم استخدام هذه القواعد والمنشآت
للتخطيط لعمليات داخل إسرائيل على بعد 50 كم في حالة الحرب، وهدف الهجوم تعطيل التأسيس
المادي لهذه القوات والمعدات والأسلحة التي يخزنونها استعدادًا لفتح جبهة إيرانية من
سوريا ضد مستوطنات الجولان والجليل".
وأوضح
أن "الهدف الثالث تمثل في رسالة للإيرانيين مفادها أن إسرائيل لن تسمح بنقل المكونات
المصنعة للصواريخ والطائرات بدون طيار المنقولة لحزب الله وسوريا، لأن عام 2002 شهد
مهاجمة إسرائيل لسوريا ثلاثين مرة، أسفرت عن إغلاق فعال لطرق تهريب الصواريخ الدقيقة
ومكونات الأسلحة الدقيقة لحزب الله وسوريا عن طريق البر والبحر وبواسطة طائرات النقل
الخاصة في الجو، ولذلك يحاول الإيرانيون استخدام طائرات مدنية تهبط في
مطار دمشق لتحويل
تلك الأجزاء والآليات التي تجعل من الممكن تحويل الصواريخ العادية إلى صواريخ وقذائف
قادرة على الضرب بدقة تصل إلى بضعة أمتار أو أقل".
تجدر
الإشارة إلى أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على مطار دمشق أسفر عن تضرر مدرجاته، وسيتم
إغلاق أحدها لعدة أسابيع، فيما تم استئناف النشاط في المدرج الثاني، مع العلم أن الضرر
الذي لحق بالمطار ليس هو محور التركيز الإسرائيلي، لأن الشيء الأساسي هو إبلاغ سوريا
بأن إسرائيل لن تسمح للإيرانيين بالهبوط بمعدات فتاكة في مطاراتها، حتى لو تضمن ذلك
إغلاق الطيران المدني فيها نهائيا، وكلما سمحت للإيرانيين بمزيد من حرية العمل، زاد الثمن الذي ستدفعه سوريا.. ولعلها رسالة إسرائيلية موازية أيضا للروس في دمشق.
في الوقت
ذاته، وبالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي على مطار دمشق، فقد وقع هجوم أمريكي في شرق سوريا
ضد مواقع لتنظيم الدولة بمنطقة دير الزور، يمكن الافتراض أنه تم تنسيقه مسبقًا بين
تل أبيب وواشنطن، باعتباره أحد نتائج ضم إسرائيل للقيادة المركزية الأمريكية التي تعمل
قواتها في الشرق الأوسط، بما في ذلك على الأرض والجو في سوريا، ونتيجة له تعمل القوات
الإسرائيلية والأمريكية بالتنسيق ضد أهداف في سوريا على مدار السنوات الأربع الماضية
على الأقل.
إن كان
من رسالة إسرائيلية جديدة بشأن مهاجمة مطار دمشق فهي موجهة لحزب الله، بعد أن شهدت
الآونة الأخيرة محاولة إيران تسليمه معدات صاروخية مباشرة عبر رحلات ركاب مدنية ومباشرة
لمطار بيروت.. ورغم أنهما يرجحان أن إسرائيل لن تهاجمه كما تهاجم مطار دمشق، خشية من
ترسانة الصواريخ الهائلة بيد الحزب، فإن احتمالا يبقى، ولو ضعيفا، مفاده أن
الاحتلال
قد لا يتردد في مهاجمته أيضًا، والنتيجة إغلاقه، ما سيضاف إلى مشاكل أخرى تشلّ الاقتصاد
ونسيج الحياة في لبنان، ما يعتبر أداة ضغط قاسية على الحزب.