نشر موقع "إي إس بي إن" الأمريكي تقريرا، تحدث فيه عن ألمع النجوم الذين استقطبهم نادي
ريال مدريد، بدءا بروبرتو كارلوس ورونالدو، وصولًا إلى كاكا ومارسيلو وكاسيميرو، إلى جانب ثلاثي هجوم موهوب جدا في النادي من الجيل الجديد، يعود الفضل في استقدامهم إلى كشّاف المواهب جوني كالافات الذي يكتسب نفوذا متزايدًا في النادي.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21، إن آخر هدية من كالافات إلى النادي كانت التوقيع مع الشاب أندريك فيليبي، لاعب نادي بالميراس البرازيلي. ويعدّ هذا المهاجم المراهق، البالغ من العمر 16 سنة، أحد أكثر المواهب الصاعدة في
كرة القدم، وكان في مرمى العديد من النوادي، بما في ذلك "تشيلسي" و"باريس سان جيرمان" وغريم مدريد الرئيسي في الليغا "برشلونة".
وُلد كالافات، البالغ من العمر 50 سنة، في العاصمة الإسبانية لأم برازيلية، وترعرع في البرازيل. انضم إلى نادي ريال مدريد منذ سنة 2014، وتعززت مكانته منذ ذلك الحين. وبالرغم من نُدرة ظهوره الإعلامي مقارنة بمتخصصي التوظيف الآخرين في الليغا، فإنه يمتلك معرفة واسعة بكرة القدم وقدرة خارقة على تقييم المواهب. وفيما يلي أهم نجاحات صائد المواهب جوني كالافات وإخفاقاته.
وحسب الموقع، يشتهر كالافات بالعلاقات المتينة التي يبنيها مع اللاعبين وعائلاتهم، وهو يحرص على السفر شخصيًا للقاء اللاعب المنشود عدة مرات قبل التوصية بالتوقيع معه. ولا يقل المحيط الأسري للاعب أهمية عن أدائه داخل الملعب، كما يقوم نهج كالافات بشكل أساسي على كسب ثقة جميع الأطراف.
وذكر الموقع أن كالافات لعب دورا ثابتا في المفاوضات مع اللاعبين المحتملين، لاسيما فيما يتعلّق بالتوقيع مع اللاعب فينيسيوس جونيور. قبل أن يتعاقد النادي مع اللاعب البرازيلي الصاعد فينيسيوس جونيور في صفقة بلغت قيمتها 45 مليون يورو في أيار/ مايو 2017، سافر فينيسيوس البالغ من العمر 16 سنة في ذلك الوقت إلى مدريد مع والديه وعمه وممثله؛ للتحقق من مرافق النادي، والتعود على المكان. وفعل الأمر نفسه مع نادي برشلونة، الذين اعتقدوا أنهم على وشك التعاقد معه.
وعندما هبطت العائلة في مطار باراخاس في مدريد، اتضح أن حقيبة والدة فينيسيوس فُقدت أثناء الرحلة. حينها اصطحب كالافات العائلة مباشرة إلى أحد فروع متاجر "إل كورتي إنجليس" الراقية، ما ترك انطباعًا إيجابيًا لدى العائلة. وقد أدرك كالافات أن نادي برشلونة ينافسهم للتعاقد مع هذا اللاعب الشاب بعد أن التقى به في البرازيل، لذلك كان لا بد من التركيز على أدق التفاصيل. وقد اعترف فينيسيوس في ذلك الوقت بأنه كان يفكر في الانضمام إلى نادي برشلونة، لكنه قرر التعاقد مع ريال مدريد "بسبب المشروع وما فعله النادي من أجله".
وأشار الموقع إلى أن كالافات كان قادرًا على تكوين علاقات قوية مع
اللاعبين البرازيليين وعائلاتهم. وقد أظهر القدر ذاته من الاهتمام عند سعيه للتوقيع مع لاعب نادي سانتوس، رودريغو غوس، في سنة 2019. في البداية، تواصل كالافات مع والد رودريغو غوس، وهو لاعب كرة قدم سابق. وعمل كالافات كمترجم لرودريغو عندما جاء لأول مرة إلى مدريد وفي محادثات أولية مع رئيس النادي فلورنتينو بيريز.
وفي مقابلة له مع موقع "إي إس بي إن" السنة الماضية، صرّح رودريغو: "كنت في المنزل مع والدتي. وكان والدي قد خرج في الصباح للتحدث مع جوني كالافات. تم توقيع كل شيء مع برشلونة، ولكنني كنت أحلم دائما باللعب مع ريال مدريد. وعندما عاد والدي إلى المنزل، اتجه نحو غرفتي، وأخذ قميص ريال مدريد الذي أملكه، وألقاه نحوي قائلا: "الآن عليك أن تختار ما تريد، برشلونة أو مدريد"، فاخترت مدريد، وسأتذكر دائمًا تلك اللحظة".
في السنة التي تلت توقيع الصفقة، وفي الوقت الذي كان فيه رودريغو لاعبا في نادي سانتوس، سافر كالافات بانتظام لزيارة منزل العائلة في أوساسكو بولاية ساو باولو، وكان حاضرا أيضا في حفلة عيد ميلاد رودريغو الـ18 في التاسع من شهر كانون الثاني/ يناير 2019.
أوضح الموقع أن نادي ريال مدريد يخضع لإدارة ثلاثة أشخاص، هم فلورنتينو بيريز بصفته مالك النادي، والمدير الإداري خوسيه أنجيل سانشيز، ثم يأتي صائد المواهب جوني كالافات. ويحظى كالافات حاليًا بمنصب رفيع مقارنة بوظيفته السابقة كمحلل كرة قدم برازيلي على شاشة التلفزيون الإسباني. وقد كان كالافات على اتصال جيد وودود مع ثُلّه من ألمع اللاعبين البرازيليين، بما في ذلك رونالدو نازاريو وكاكا.
ومن خلالهم التقى باللاعب كاسيميرو، الذي كان يراقبه عندما كان لا يزال لاعبًا شابًا في نادي ساو باولو، ووقّع مع النادي في سنة 2014. وبمرور الوقت، أصبح كالافات يترأس قسم اكتشاف المواهب في النادي، ويشرف على فريق من المحللين. ورغم هذه الترقية، يصر كالافات على السفر شخصيًا للقاء اللاعبين وإجراء المحادثات معهم.
لكن دور كالافات لا ينتهي بعد التوقيع مع اللاعب، بل يحافظ على دور نشط مثلما حدث مع فينيسيوس ورودريغو، على سبيل المثال، حيث ظل على تواصل مع اللاعبين باستمرار وحتى خارج الاجتماعات الرسمية في ملعب التدريب في مدريد أو في غرفة الملابس في البرنابيو؛ كما كان متواجدًا أيضًا في قطر خلال كأس العالم، حيث التقى مع عائلة فينيسيوس. ولديه أيضا علاقات وطيدة مع وكالة اللاعبين "تي إف إم" التي تدير فينيسيوس وإندريك، وهو عنصر حاسم آخر لريال مدريد لتأمين توقيع اللاعبين.
ونقل الموقع عن مصادر قريبة من فينيسيوس ورودريغو أن المهاجميْن ينظران إلى كالافات على أنه شخصية مهمة ويمكنهما اللجوء إليه في أوقات الشدة والرخاء. فعندما وصل كل منهما إلى مدريد، كان كالافات هو من ساعدهما على توفير الإقامة، وعلى التأقلم مع الحياة الجديدة.
وأضاف الموقع أنه في صيف 2019، عندما كان ريال مدريد يتطلع إلى التعاقد مع قلب دفاع، لعب كالافات دورًا أساسيًا في صرف تفكير فلورنتينو بيريز عن مدافع أياكس ماتيس دي ليخت، واقترح عليه التعاقد مع إدير ميليتاو من بورتو. ورغم تألق دي ليخت في تلك الفترة، إلّا أن نظرة كالافات اقتضت أن حاجة كرة القدم الحديثة تتطلب قلب دفاع سريعا مثل ميليتاو. وكانت حجته مقنعة إلى حد كبير، حيث وافق ريال مدريد على دفع 50 مليون يورو لنادي بورتو مقابل التوقيع مع المدافع.
ورغم بدايته الصعبة، أثبت مستواه الموسم الماضي عندما فاز ريال مدريد بثنائية الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا أن نظرة كالافات كانت صائبة. وقد تكرر نفس الأمر في صفقة رودريغو، إذ طالبت بعض الأصوات في النادي بضم جواو فيليكس من بنفيكا، لكن كالافات فضل النجم البرازيلي الصاعد، فكان رأيه حاسمًا أيضًا، وبمرور الوقت أصبح بيريز يثق أكثر فأكثر في اختيارات كالافات.
وحسب الموقع، لم يقتصر مجال نفوذ كالافات على البرازيل فحسب، بل امتد لبعض الدول في أمريكا الجنوبية مثل أوروغواي. فقد دبّر صفقة بقيمة 5 ملايين يورو مع فيديريكو فالفيردي في سنة 2016، حيث تمكن كالافات من إقناع اللاعب وعائلته بأن مدريد هي أفضل خيار للنجم الصاعد، وبالفعل حقق فالفيردي نجاحًا في البرنابيو ليصبح أحد أكثر لاعبي خط الوسط الهجومي فعالية في أوروبا في الأشهر الـ 12 الماضية، ونجح في تقديم تمريرة حاسمة في نهائي دوري أبطال أوروبا.
وأشار الموقع إلى أن سجل كالافات الحافل بالإنجازات لا يخلو من بعض الإخفاقات، فقد ارتكب بعض الأخطاء المؤثرة، أشهرها صفقة لاعب الوسط لوكاس سيلفا، الذي وقّع مقابل 14 مليون يورو من كروزيرو في سنة 2015 كأحد أفضل اللاعبين في البرازيل، ثم سرعان ما عاد إلى وطنه بعد عامين، بعد أن شارك في أربع مباريات فقط، وكان أداؤه محبِطًا للغاية.
وأضاف الموقع أمثلة أخرى عن لاعبين من أكاديمية ريال مدريد ممّن نالوا تزكية من كالافات، مثل بابلو فيليبي ورودريجو فاروفا، إلا أنهم لم يكونوا في مستوى التوقعات وانتقلوا إلى فرق أخرى. كما كانت صفقة لوكا يوفيتش، وهو لاعب غير برازيلي، مكلِّفة وفاشلة عندما وقّع مقابل 60 مليون يورو من أينتراخت فرانكفورت في 2019، وتم تسريحه في صفقة انتقال مجانية الصيف الماضي.
وذكر الموقع أنه رغم هذه النجاحات التي حققها كالافات، الذي يعتبر من أقوى المديرين التنفيذيين في العالم، ناهيك عن عمله في النادي الأكثر شهرة، إلا أنه بقي بعيدًا عن الأضواء والشهرة مفضلا العمل في الخفاء. وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، لم ينشر كالافات تغريدة على تويتر منذ أيار/ مايو 2020، بينما أغلب منشوراته على إنستغرام شخصية أكثر من كونها مهنية. ورغم اكتسابه بعض الشهرة حين ذهب إلى دبي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لتسلم جائزة "أفضل كشّاف في السنة" في حفل توزيع جوائز "غلوب سوكر"، إلا أن كالافات يشعر براحة أكبر بعيدًا عن الأضواء ويبذل قصارى جهده للبقاء على هذا النحو.
وختم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن اللاعب أندريك سيكون إضافة حاسمة إلى الثلاثي المبهر (فينيسيوس ورودريجو وميليتاو)، الذي لعب دورًا محوريًا في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، وهو دليل آخر على نجاح كالافات في اكتشاف المواهب.