دعت
صحيفة "
أوبزيرفر" بريطانيا والدول الحليفة وبشكل ملح إلى إعادة التفكير في
الموقف من
إيران.
وقالت
الصحيفة البريطانية في افتتاحيتها، الأحد، إنه في مناسبة نظمت في الأسبوع الماضي لإحياء
الذكرى الثالثة على اغتيال قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني أحد قادة الحرس الثوري
البارزين، قدم الرئيس إبراهيم رئيسي، رسالة تحد للغرب "لن ننسى دم الشهيد سليماني.
ويجب على الأمريكيين معرفة أن الانتقام محتوم ولن ينام القتلة بسلام".
وتضيف
الصحيفة أن إيران حاولت في الماضي الانتقام لسليماني، حيث قال مسؤولون أمريكيون بأنه
كان هناك مخطط لقتل مستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون.
وتطالب
إيران باعتقال أكثر من 150 "مشتبها" بريطانيا وأمريكيا بمن فيهم دونالد ترامب
الذي أمر بإطلاق الطائرة المسيرة التي اغتالت سليماني وأبا مهدي المهندس قائد الحشد
الشعبي في مطار بغداد.
وفرضت
طهران عقوبات غريبة على عدد من المسؤولين
الغربيين وقاعدة سلاح الجو الملكي "مينويذ
هيل"، في شمال يوركشاير والتي تزعم أنها ساعدت في الغارة.
وترى
الصحيفة أن "مدى وعمق العداء داخل النظام الإيراني حول مقتل سليماني إلى جانب المظالم
الأخرى المتقرحة ليست مثيرة للغرابة، ولكن على الحكومات الغربية التفكير مليا. فهي
تغذي، الكثير من التهديدات على المصالح الغربية. وهي تعكس هزيمة غربية استراتيجية:
فشل السياسة التي قادتها الولايات المتحدة والدول الغربية على مدى العقود الماضية من
إيران وظهور الجمهورية الإسلامية كعدو عنيد".
وتضيف
الصحيفة أنه "يمكن رد الدم الفاسد إلى عام 1979 والإطاحة بالشاه، الحليف المهم للولايات
المتحدة وبدرجة أقل للسعودية التي تتعامل مع إيران كتهديد وجودي. وهي داعمة لديكتاتور
سوريا والمليشيا المعادية للغرب في لبنان، وحزب الله وكذا اليمن والعراق".
وتضيف
الصحيفة أن المخاطر من مواجهة مفتوحة مع الغرب زادت من خلال ثلاثة موضوعات متفجرة..
الأول،
هو الانهيار المتوقع للمحادثات النووية من أجل حرمان إيران من القدرات النووية. ولو
فشلت الدبلوماسية فمنظور العمل العسكري من إسرائيل يصبح أمرا محتوما.
أما الموضوع الثاني، فهو التوتر الزائد بسبب
"المسيرات الانتحارية" التي قدمتها إيران إلى روسيا لكي تقوم بإدارة حربها
في أوكرانيا. وفي يوم الجمعة قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات إضافية على إيران في
محاولة منها للحد من التصعيد الإيراني.
الأمر
الثالث وهو الأكثر تهديدا من الموضوعين السابقين، الدعم الغربي للحركة الاحتجاجية التي
باتت تمثل تهديدا لنظام الملالي والتي تقودها المرأة وتطالب بنهاية النظام. وتجمع آلاف
المتظاهرين في لندن نهاية الأسبوع للمطالبة بإيران حرة وجديدة. وبدأ النظام القديم
بالارتعاش.
وتتساءل
الصحيفة عن ما إذا كان انزلاق إيران نحو طغيان محلي ودولة منبوذة دوليا أمرا لا مفر منه؟ فقد
حاول الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي (1997- 2005) وحسن روحاني (2013- 2021) تبني سياسات
تهدف للتقارب مع الغرب وبرامج إصلاحية وتقدمية في الداخل. ولكنها فشلت بسبب عدوانية
المتشددين والمحافظين الذين يسيطرون على البرلمان. وما خشي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو
من حدوثه فإنه أدى لتقريب إيران إلى هدفها بسبب سياساتهما.
ولم
يستطع الاصلاحيون تحقيق أهدافهم بسبب الحرس الثوري الفاسد والحضور الطاغي للمرشد الأعلى
آية الله خامنئي. وكان هو الشخص الذي ركز عليه المحتجون غضبهم بعد مقتل مهسا أميني،
فلو أرادت إيران أن تتغير فعليه الرحيل. وسيكون إرثه هو انزلاق النظام إلى شرعية فوضوية.
وكذا سلسلة من الخيارات المتعاقبة في مجال السياسة الخارجية، والتي علمتها استراتيجيته
"التوجه نحو الشرق" حيث فضل التعامل مع روسيا والصين على حساب الغرب.
ولا
ننسى أن الأخطاء التي ارتكبها الغرب وسياسة الرضا عن النفس أسهمت في هذه الأزمة. وحاول
باراك أوباما التعامل مع إيران، وكانت النتيجة هي اتفاقية عام 2015، لكن الحزب الجمهوري
في الكونغرس منع عملية رفع العقوبات عن طهران كما توقعت. وأدى هذا إلى منع روحاني والإصلاحيين من تقديم الوعود الاقتصادية التي وعدت بها الاتفاقية. وزاد الوضع سوءا مع وصول ترامب إلى
السلطة حيث قام وبدفع من بنيامين نتنياهو بالتخلي عن التزامات أمريكا بالاتفاقية بشكل
أسهم في زيادة نشاطات إيران النووية.
وما
خشيه كل من ترامب ونتنياهو إزاء تحول إيران لقوة نووية، تحقق تقريبا بسبب السياسات والتآمرات
التي قاما بها.
وكان
قرار أوباما بعدم الرد على تجاوز النظام السوري الخط الأحمر باستخدامه الأسلحة الكيماوية
مدعاة للتخلي عن سوريا كساحة لإيران وروسيا. وفتح فشل التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية
مدعاة لمنح إيران الفرصة للتأثير على حماس في غزة وتمويل حزب الله. ووضعت إيران في
تعاونها مع روسيا نفسها كحليف مهم، ما يعني أن ملامح عدة من النزاع قد تندمج مع بعضها
البعض وتتحول إلى مواجهة أوسع.
والغريب
أنه لا يوجد أي نقاش في الغرب حول ما يجب عمله. فهل تبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها
في الغرب عن طرق لمساعدة المحتجين وبشكل نشط. وإن لم يكن هذا، فهناك حاجة ماسة لإعادة
النظر حول بناء عملية حوار بناء مع غالبية الإيرانيين الذين يرفضون نظام بلدهم وقيادتهم
التي تفقد شرعيتها بشكل متزايد ويحلمون بغد أكثر ازدهارا وديمقراطيا.
فما
هي السياسة الغربية تجاه إيران؟ بداية جديدة يجب القيام بها قبل أن تأتي بشكل متأخر.