ظهرت مشكلة اليتم في
فلسطين عندما اضطر
أبناؤها إلى حمل السلاح ضد الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية الاستيطانية،
وما نتج عنها من تيتم الكثيرين فكان لا بد من التصدي لهذه المشكلة. وقد ازداد عدد
دور الأيتام في فلسطين من أربعة دور عام 1930 إلى ضعف العدد مع اندلاع ثورة 1936- 1939 التي عرفت بثورة فلسطين الكبرى.
ومن بين هذه الدور كان المعهد الصناعي
للأيتام العرب الذي يقع على طريق حيفا-يافا القديم، المسمى بطريق رقم 4، على بعد
4 كيلومترات من مدخل طيرة حيفا.
بدأ مخطط لإقامة مشروع المعهد الصناعي
للأيتام العرب قبيل نكبة عام 1948، وهو عبارة عن مشروع ضخم أُقيم لرعاية الأيتام
الفلسطينيين والعرب، ومساعدتهم على شق طريقهم، خاصة بعد زيادة أعدادهم عقب جرائم
القتل والإعدام التي نفذها الجيش البريطاني والعصابات الصهيونية ضد المجاهدين
والمدنيين الفلسطينيين.
وقام على المشروع لجنة
اليتيم العربي في
حيفا، التي أُسست عام 1940، إذ بدأت بوضع مخططه، ثم حجر الأساس في تموز/ يوليو
عام 1947.
ونظم لهذه الغاية أسبوع اليتيم العربي عام
1943 وأظهرت البيانات أن أسبوع اليتيم هذا حقق تبرعات صافية بلغت ما مجموعه 12,510
جنيهات و362 ملا (نوع عمله) ما عدا الأرض المتبرع بها والتي تقدر مساحتها بـ 15
دونما، وكانت التبرعات النقدية 11,235 جنيها و320 ملا ودخل حفلات أسبوع اليتيم 1,275
جنيها و42 ملا. وهكذا استطاعت اللجنة أن تجمع في أسبوع مبلغا يعتبر رقما قياسيا
وقتها.
ووضع حجر أساس المعهد في حفل ضخم، بعد أن
نجحت اللجنة بجمع كل تكاليفه عبر جمع التبرعات من أهل الخير، ثم شرعت بالبناء
واستطاعت أن تصل إلى مرحلة متقدمة فيه.
ويعد المعهد من أضخم المباني في فلسطين،
نظرا لتطوره وأقسامه العديدة، وهو يشمل أقسام الكهرباء والميكانيكية والتجارة،
وغرف تدريسية ومساكن للطلاب ومساكن للأساتذة وجناح للإدارة وجناح للأكل، وغيرها من
الأقسام.
ومن أبرز ما ميز المعهد إقامة مشاريع داخله،
منها مسجد وكنيسة.
واتخذت اللجنة نشاطا مختلفا لتمويل
مشاريعها، فنظمت مشروع "يا نصيب اليتيم العربي" والذي شهد أوجه عام 1947.
أحد مشاريع لجنة اليتيم العربي
لكن لم يكتب لهذا المعهد أداء رسالته كما
يجب فقد جاءت العصابات الصهيونية إبان النكبة وأوقفت اكتماله، وسيطرت عليه عبر
المؤسسة الصهيونية.
ولم يكتف
الاحتلال بنهب المكان بل أعلن عن
إقامة المعهد الصناعي للأيتام اليهود مكانه الذي افتتح عام 1952 باحتفال كبير تحت
اسم "قرية تسفي سيترين" للأيتام اليهود، وشارك فيه المئات من المتطرفين
اليهود، الذين ارتكبوا أفظع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وبالرغم من تشتت شمل أعضاء الجمعية وتفرقهم
في الأقطار العربية، إلا أنهم قرروا أن يواصلوا أداء الرسالة النبيلة وأعادوا
تأسيس الجمعية عام 1949 وجعلوا مركزها المملكة الأردنية الهاشمية، وأقاموا مدرسة
صناعية في مدينة القدس عام 1965 بمساعدة من مؤازري الجمعية ومن الحكومتين الأردنية
والألمانية، وتم افتتاح المدرسة عام 1967 من قبل الملك الراحل الحسين بن طلال.
في
ذات العام احتلت القدس والضفة الغربية، وبدأ الاحتلال بتضييق الخناق على المدرسة
الصناعية وطلابها ومعلميها من خلال محاولاتها المستمرة لإغلاق المدرسة ومصادرتها،
وإحاطتها بالجدار العازل، وفرض ضرائب باهظة عليها، ووضع العراقيل أمام ممارسة
الجمعية أعمالها في القدس.
إلى جانب إدارة المدرسة الصناعية، استمرت
اللجنة في عملها المتواصل الهادف إلى تعليم وتثقيف أيتام فلسطين، وتوسعت الفئات
المستهدفة عبر السنين لتشمل أيتام العرب بالإضافة إلى المتفوقين من طلبة فلسطين
والطلبة العرب من خلال برنامج القروض الميسرة والمنح الجامعية. وقد بلغ عدد الطلبة
الجامعيين الذين استفادوا من برنامج المنح والقروض 7107 طالبا وطالبة ابتداء من
العام الدراسي 1949/1950 وحتى نهاية العام الدراسي 2016/2017.
وتواجه مدرسة اليتيم العربي في بيت حنينا
بالقدس محاولات لطمس هويتها وتحويلها إلى مدرسة تابعة للاحتلال، وهذا ما أثار غضب
طلاب المدرسة وأولياء أمورهم من مجموعة من التغييرات التي فرضتها الإدارة الجديدة
للمدرسة، ما دفعهم إلى عقد لقاءات وتنظيم وقفات احتجاج رفضا لمحاولات سرقة هوية
المدرسة العربية.
وأكد اتحاد أولياء أمور طلاب القدس في تشرين
الأول/ أكتوبر الماضي ضرورة الحذر والمتابعة الجدية منعا لتدريس المنهاج
الإسرائيلي (البجروت) في مدرسة اليتيم العربي الصناعية.
وقال الاتحاد في بيان نشر سابقا:
"المدرسة تتجه ضمن لعبة خفية إلى أسرلة التعليم، الضحايا سيكونون المعلمين
والطلاب، إن لم نتحرك ونوقف الأمر سنكون شركاء في تسريب العقار وتحويله إلى مدرسة
(بجروت) كما حصل مع مدرسة الفتاة اللاجئة القديمة".
ونظمت لجنة أولياء أمور طلبة مدرسة اليتيم
العربي، وقفة احتجاجية ضد سياسة إدارة المدرسة الحالية، التي تهدد مستقبل أبنائهم
وتقود المدرسة نحو المجهول.
ونظمت، وقفة احتجاجية أمام مدرسة اليتيم
العربي رفضا لقرارات إدارة المدرسة ومحاولات تسليمها لشركات تابعة للاحتلال.
وعقدت دائرة الأوقاف الإسلامية وممثلون عن
مدرسة اليتيم العربي في القدس اجتماعا طرح فيه ممثلون عن المدرسة مجموعة من
التخوفات أبداها المعلمون والشارع المقدسي ككل.
وثمة تخوف على الأرض المقامة عليها مدرسة
اليتيم العربي، ومساحتها 44 دونما، وأيضا هناك تخوفات على المدرسة ذاتها، وطريقة
إدارتها.
وبحسب دائرة الأوقاف الإسلامية فإن الوضع
الحالي في المدرسة، وما يتعرض له المدرسون، سيتم نقل صورة عنه لوزارة الأوقاف
الأردنية والشؤون الاجتماعية الأردنية في عمان، من أجل محاولة فهم ما يجري ووقف
عملية الأسرلة.
المصادر
ـ موقع لجنة اليتيم العربي.
ـ معهد الأيتام العرب في حيفا.. صرح فلسطيني
ضخم نهبته عصابات الاحتلال، وكالة الأنباء صفا، 29/12/2022.
ـ خالد وليد أبو أحمد، "لجنة اليتيم
العربي بحيفا" أساليب خلاقة لتمويل نشاطاتها، موقع جرايد.
ـ دور الأيتام، الموسوعة الفلسطينية.
ـ منحة تعليمية من لجنة اليتيم العربي،
جامعة النجاح الوطنية /نابلس، 13/8/2018.
ـ مدرسة اليتيم العربي: صرح مقدسي يواجه
رياح الأسرلة، موقع مدينة القدس، 25/10/2022.