نشرت صحيفة
"لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن دور
النساء في الجهود الأمنية أو القمعية للحكومة والحوثيين على مدى ثماني سنوات من الحرب في
اليمن.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن النساء في اليمن كنّ المفتاح لخدمة مصالح أحد المعسكرين وإن كانت مشاركتهن محدودة. ومنذ سنة 2017، تسهر 300 ضابط شرطة على ضمان الأمن والحفاظ على النظام في مأرب، حيث يقمن بتفتيش واستجواب النساء المشتبه بهن اللاتي يدخلن أو يغادرن المدينة الواقعة تحت الحصار. وهذا يمثل ثورة بالنسبة لهن في مجتمع قبلي لا يعترف بسلطة الدولة ولا حتى النساء، سواء قبل الحرب أو بعدها.
قتلة يتنكرون في زي نسائي
وتحدثت الصحيفة عن هدى، وهي إمرأة من مدينة حجة تبلغ من العمر 32 سنة، التي فرت من الأراضي التي احتلها المتمردون
الحوثيون الذين قادوا انقلابا في نهاية سنة 2014 دفع الحكومة إلى المنفى في جنوب وشرق البلاد. وحيال هذا الدور، قالت هدى: "أريد أن أشارك في حماية وسلامة السكان. نريد أن نقف جنبا إلى جنب مع الرجال في هذا التحدي الأمني الجديد".
وذكرت الصحيفة أن الحوثيين الذين يسعون للاستيلاء على آخر معقل للحكومة في شمال البلاد، وضعوا العديد من الخلايا النائمة في المدينة بعضها مؤلف حصريا من النساء. وحسب صفية، البالغة من العمر 33 عاما، من صنعاء فإنهم "يضعون عبوات ناسفة تحت السيارات المستهدفة التي غالبا ما تعود لقادة عسكريين وسياسيين. والأمر الأكثر مكرًا أن الحوثيين كانوا يختبئون تحت النقاب لإخفاء وجوههم دون أن يلاحظهم أحد. لذلك، قمنا بإنشاء شبكة من النساء للحصول على المعلومات. وعلى ضوء ذلك، تولى فريق من الزملاء مسؤولية متابعة من يُشتبه في سلوكهم".
وتؤكد كل من صفية وهدى أنه لا يمكن للنساء المشاركة في دوريات في الشوارع أو التدخلات التي تشمل الرجال بمفردهن. ولا يزال المجتمع اليمني في الأساس محافظًا خارج المدن الكبرى، ولكن مع تدفق آلاف النازحين من جميع أنحاء البلاد، أصبحت مأرب بمرتبة المدن الكبرى الوطنية. حيال ذلك، قالت هدى "إن المدينة باتت أقل قبلية مما كانت عليه في السابق. تتخذ المدينة طريقا جديدا وتتغير القبائل المحلية عندما تحتك بسكان من مناطق أخرى".
اظهار أخبار متعلقة
أوردت الصحيفة أن أول لواء شرطة نسائي يعود تشكيله إلى سنة 2015 بتشجيع من سلطان العرادة، محافظ مأرب والرجل الثاني في مجلس الرئاسة الذي تم تشكيله سنة 2022 خلفا لرئيس الدولة السابق عبد ربه منصور هادي. وقال حينها "نريد بناء كل طبقات الدولة، بما في ذلك النساء، لأنهن يشكلن جزءا من المجتمع" مشيرا إلى أن "مساهمة المرأة تحسن المجتمع وتدفعه إلى الأمام".
تلقت ضابطات الشرطة في مأرب دروسا في القانون اليمني وإطلاق النار لمدة ستة أشهر. وكن جميعهن تقريبا على دراية بالأسلحة النارية الموجودة في كل مكان في الحياة اليومية اليمنية. ومن جهتها، قالت رنا التي تحمل مسدسا معها: "لقد علمني زوجي وأولادي بالفعل كيفية التصويب".
"زينبيّات"
في مركز شرطة مأرب، تناقش مجموعة من
الشرطيات بخجل هذا القانون اليمني الشهير، وهل هو عادل لكلا الجنسين؟ في حضور العقيد نجيب سعد ناصر لم تكن الإجابات بارزة جدا. صرح هذا الرجل وزملاؤه بأن "القانون اليمني في حد ذاته يضمن المساواة، لكن عندما يتعلق الأمر بتطبيقها واحترامها، يكون الأمر معقدًا. يتمثل الغرض من هذا القسم النسائي على وجه التحديد في احترامه من خلال سلطة نسائية. لكن السلطات العليا في الدولة لا تدعم تأنيث الشرطة الوطنية. فقط الحاكم يسعى لدفع هذا الاتجاه".
في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، لا سيما في العاصمة صنعاء، تبلور وجه الحكم تدريجيا في ثماني سنوات. فيما يتعلق بالولاء للطائفة الزيدية، وهي فرع من الشيعة، أقام المتمردون نظاما دينيا صارمًا ومحافظا ومقيدا للحرية وحتى ظلاميا. منذ كانون الثاني/يناير 2021، تنظم وزارة الصحة والسكان اليمنية سعر مهر الزواج، ويقع تسهيل زواج الفتيات الصغيرات، وحظر وسائل منع الحمل. ومنذ نيسان/أبريل 2022، طُلب من النساء الخروج رفقة محرم في أي رحلة.
وذكرت الصحيفة أنه من المفارقات أن هذه الجماعة كثفت من استخدام النساء لقمع المعارضة. تتذكر وفاء محمد الشبيبي، التي كانت شرطية قبل الانقلاب في صنعاء، "الزينبيات" برعب قائلة: "إنهن مخيفات لأننا لا نعرف من هن أو كيف يبدين. لا نرى وجوههن ولا نعرف أسماءهن. وكلهن يسمين أنفسهمن زينب".
وحسب الأسيرة الحوثية السابقة، هناك العديد من الأقسام النسائية. إجمالا، كان عددهن في حدود 5000 امرأة مسؤولات عن قمع المظاهرات النسائية، واعتقال أهداف معينة في منازلهن، والتجسس على الناشطات، والمشاركة في تعذيب النساء، و"التشجيع على الاغتصاب"، أو "تقييد" المرأة أثناء جرائم الشرف أو أثناء التعذيب، وذلك حسب تقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتقول وفاء: "كل هذا لم يحدث من قبل في تاريخ بلدنا".
اظهار أخبار متعلقة
مشاهير على اليوتيوب حكم عليهم من قبل الحوثيين
أشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء الأشخاص جمعوا عدة ملايين من المشتركين على مواقع التواصل الاجتماعي. خضع ثلاثة من مشاهير يوتيوب اليمنيين للمحاكمة منذ 11 كانون الثاني/ يناير من قبل محكمة يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء. وهم أحمد حجر ومصطفى المومري وأحمد علاو الذين اعتقلوا في كانون الأول/ ديسمبر لنشرهم مقاطع فيديو تنتقد الفساد وتدهور الأوضاع المعيشية في العاصمة التي تخضع لسيطرة المتمردين منذ سنة 2014. ووجهت إليهم تهمة "نشر معلومات كاذبة" و"التحريض على الفوضى". وطالبت النيابة "بتسليط أشد العقوبات المنصوص عليها في القانون" بحقهم دون تحديد فحواها.
أكثر من ثماني سنوات من الحرب
ذكرت الصحيفة أن المتمردين الحوثيين استولوا على العاصمة صنعاء في سنة 2014، مما أدى إلى اندلاع صراع مدمر. ورغم تدخل تحالف عسكري دولي بقيادة السعودية، فقد استولوا على مساحات شاسعة من الأراضي، لا سيما في شمال غرب البلاد. منذ ذلك الحين، أودى الصراع في اليمن بحياة مئات الآلاف وأغرق أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وقد انتهت الهدنة سارية المفعول منذ نيسان/ أبريل 2022 وجددت مرتين في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر دون أن تتوصل الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون إلى اتفاق لتمديدها.