كشف الأيام التي أعقبت
الزلزال المدمر في جنوب
تركيا وشمال
سوريا، عن مأساة
الأطفال الذين تحولوا إلى
أيتام بين ليلة وضحاها، والذين يجهد المسؤولون للبحث عن ذويهم، وسط فقدان الأمل من
ربط بعضهم بعائلاتهم؛ بسبب اختفائها بالكامل تحت الركام.
وقال تقرير لصحيفة
"
واشنطن بوست" ترجمته "عربي21"، إنه بعد 12 من الحرب في
سوريا، باتت منطقة شمال غرب سوريا، موطنا لملايين الأشخاص من كافة أنحاء البلاد،
والذين غالبا حجبت أسماؤهم وتواريخهم بسبب النزوح والتهجير، فيما يواصل عمال
الإغاثة الطواف بالمستشفيات للبحث عن المفقودين.
ونقلت الصحيفة عن نور
آغا، وهي عاملة إغاثة ببلدة جنديرس، إنهم لم يتمكنوا من التحقق من قواعد البيانات للأطفال، لأنهم لم يكونوا قادرين على إخبارنا بأسمائهم، بفعل الصدمة الشديدة التي
تعرضوا لها.
بعد مرور أكثر من
أسبوع على الكارثة ، مع تجاوز عدد القتلى 41000، لا تزال العائلات الممتدة
والسلطات على جانبي الحدود التركية السورية تحاول معرفة عدد الأطفال الذين تيتموا،
وكيفية الاعتناء بهم، وهم منتشرون في الخيام، وأجنحة المستشفيات، وينامون في
السيارات أو في شقق لأقاربهم الذين رحلوا.
وقال المسؤولون
المحليون في جنديرس التابعة لريف حلب، إن أكثر من 1200 شخص قتلوا، وتحدث راكان حسن
حاجي، عن ابنة أخته مزيان الناجية الوحيدة من عائلتها، بعد انهيار شقة والدها على
العائلة.
وتبلغ مزيان 12 عاما،
وهي الابنة الكبرى لعائلتها ولديها شقيقان توأمان، وجميعهم قضوا في الزلزال، وتقول
بألم: "أنا أريد فقط والدتي".
وقال مسؤولون يتجولون
في المدينة، ويراجعون سجلات مكتوبة بخط اليد لأسماء العائلات التي تعاني من وضع
مماثل بوجود أيتام: "لقد كان كابوسا، نحن لا نعرف كل هؤلاء الناس، ومن الجيد
أن للفتاة أقارب حولها".
وخرج بعض الأطفال من
تحت الأنقاض مذهولين أو يبكون، ويذكر أحد عمال الإغاثة كيف حاولت فتاة مقاومة فريق
الإنقاذ الذي سحبها إلى بر الأمان، وهي تصرخ في وجههم بشكل هستيري، بأنها تريد
إعادتها إلى أسرتها، التي لا تزال مدفونة تحت منزلهم.
ويعيش 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر،
بحسب الأمم المتحدة، وتواجه عائلة حاجي مخاوف في كيفية الإنفاق على طفل آخر، مع
طفليها الآخرين، ويعمل الرجل عاملا باليومية، وبالكاد يغطي احتياجاته.
قال خال الفتاة:
"ستكون قرة عيني الآن، ستكون ابنتنا.. أنا لا أعرف كيف سنفعل ذلك".
اظهار أخبار متعلقة
وتكشف السلطات التركية عن تعذر الوصول إلى
أسر 263 طفلا، جرى إنقاذهم، ووسط الصراع بين النظام والمعارضة، فلن يتم مشاركة
أرقام الإحصاءات بين مناطق النظام ومناطق الشمال الغربي للبلاد الخارج عن سيطرته.
وقالت ليلى حسو من
شبكة حراس، التي تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للقصر في شمال غرب سوريا:
"معظمهم في سن مبكرة جدًا، ومن ثم يصعب التواصل معهم".
وأعربت عن قلق كبير بشأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عاما، أولئك الذين كانت لديهم
ذكريات قوية عن الزلازل وسنوات الحرب التي جاءت من قبل.
وأضافت: "لقد
رأينا حالات انتحار في هذه الفئة العمرية حتى قبل الزلزال.. الصدمة هي الأصعب على
الأطفال الذين يتذكرون".
وفي مستشفى غازي عنتاب،
قالت عائشة هلال شاهين، رئيسة التمريض في المكان، إنهم عالجوا ما لا يقل عن 60
قاصرا منذ الزلزال، ومعظمهم فقدوا أحد والديهم على الأقل.
ويجلس طفل في التاسعة
من العمر في أحد الأجنحة، يرتدي قميص كرة قدم، ويتحدث بعيدا عن مع عمه، بعد أن
أنقذه فريق، من تحت الركام، الذي مكث فيه مدة 156 ساعة، ويقول الصغير إنه
"يريد أن يصبح طيارا حين يكبر، ولاعبه المفضل رونالدو"، وعمه يستمع إليه
بهدوء.
وقالت الصحيفة، إن
الطفل لم يبلغ بأن والديه قتلا في الزلزال، وقال عمه: "أخبرنا علماء النفس ألا يبلّغ في سن مبكر، لا نريد أن تكون لديه آمال.. نحن ننتظر أن يتعافى، وبعد ذلك
سنخبره".
وفي عفرين بسوريا، نقل
الأيتام المصابون إلى المستشفيات، وبعضهم كان بانتظار أقاربهم لاصطحابهم.
لم يخرج محمد محمد
البالغ من العمر ثماني سنوات من المستشفى بعد، لأن الأطباء كانوا قلقين من أنه ما
زال مذهولاً، لدرجة أنه لا يستطيع الكلام، وقالت عمته ياسمين التي جلست بجانب سريره
إن والديه توفيا وهو معي الآن.
وفي جناح آخر في
المستشفى، كان طفل مراهق بانتظار بتر ساقه، وقال وردان ناصر كبير أطباء المستشفى،
إن معظم العمليات الجراحية هي البتر، هي أصعب الأشياء التي نقوم بها، وأصعب ما
نخبر به العائلات".
وأشارت الصحيفة إلى
أنه بالنسبة لبعض الأطفال، لا يوجد عائلات لإبلاغهم بالوضع، والأطباء غاضبون من
تعثر المساعدة الدولية، حيث كان بالإمكان إنقاذ الكثير من الآباء.
وقال رئيس مديرية
الصحة في منطقة عفرين، أحمد الحاج حسن: "لا أريد مجرد أكياس جثث تأتي بعد
الكارثة.. أريد أن يصل الناس إلي قبل حاجتهم لكيس الجثث؛ لكي نتمكن من
إنقاذهم".