شكلت
سلسلة الهجمات الفدائية المتصاعدة في
القدس المحتلة أول اختبار أمني هام لحكومة الاحتلال
الجديدة، ومحاولة للتعرف على سلوكها الميداني أمام التهديدات التي تصدرها، مع العلم
أن التحذيرات الصادرة عن الجهات الأمنية تطالب الحكومة وأجهزتها وجيشها بأن يتم إدارة
الوضع الميداني الحالي مع
الفلسطينيين مع إبقاء عين مفتوحة على "اليوم التالي"،
بالتزامن مع تفعيل اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية الجماعية ضد الفلسطينيين، رغم
عدم فعاليتها وجدواها، كما أثبتت التجربة.
ديفيد
كورين المدير التنفيذي لمعهد القدس للدراسات السياسية، وشغل سابقًا مدير الخطة الخمسية
للتعليم في شرقي القدس، ومستشار رئيس بلديتها لشؤون المقدسيين، زعم أن "مناطق
شرقي القدس المحتلة تشبه حساءً في إناء يغلي ويغلي، غالبًا ما يكون مغطى بغطاء، وبالتالي
يعمي أعيننا عن رؤية ما يحدث تحتها، وبالتالي فإن مستوى التوتر والعنف يطفو كل بضعة
أسابيع أو أشهر، يفيض ويكشف عن فقاعة داخلية، وكل من يعرف ما يجري في القدس يدرك أن
الفقاعات لا تتوقف للحظة، حتى عندما يكون هناك صمت وغياب للأحداث".
وأضاف
في مقال نشرته "
القناة 12"، وترجمته "عربي21" أنه "على خلفية
التصعيد في الأحداث الأمنية الفلسطينية بالتحديد، من المهم على حكومة الاحتلال اتخاذ
قرارات من شأنها أن تجلب الهدوء، ولا تشجع العناصر المعادية على إشعال الأوضاع مرة
أخرى، فالحكومة الآن تواجه أول اختبار أمني هام لها، وسلوكها يخضع للتدقيق من قبل جهات
مختلفة في الشرق الأوسط، وفي الشارع الفلسطيني، ويُنظر إلى ترددها بأنه ضعف إسرائيلي
وتراخ، ومن ناحية أخرى، فإن تشديد القبضة الحديدية ضد الفلسطينيين غير المنخرطين بالعمليات
الفدائية سيخلق تأثيرًا معاكسًا، لن يؤدي إلا لزيادة دائرة التوتر والعنف".
وأشار
إلى أن "الطريقة التي تدار بها سياسة الطوارئ الحالية، وعمليات صنع القرار يجب
أن تتم مع إبقاء عين واحدة مفتوحة في جميع الأوقات "لليوم التالي"، باستخدام
"بنك" أهداف للحكومة بشكل متناسب وبطريقة متمايزة، لأن الوضع في القدس يختلف
عن باقي المناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي يمكن ردعها أو ابتزازها، ولذلك من
الأهمية بمكان إدارة أحداث التصعيد في القدس المحتلة بذكاء، من خلال مزج العوامل المدنية
من قبل البلدية، والعوامل الأمنية المصاحبة، تحسباً "لليوم التالي".
ودعا
"لإنشاء قيادات فلسطينية محلية في القدس من شأنها تهدئة الأوضاع المشتعلة، من
بينهم التجار ورجال الأعمال الذين لديهم مصلحة اقتصادية في تهدئة المنطقة، والمرشدون
الاجتماعيون الذين يعملون بشكل روتيني وفي حالات الطوارئ لخلق روابط إيجابية قائمة
على تمكين نماذج الحياة التعاونية في القدس، والتمييز بشكل حاد بين اليد الأمنية القاسية
التي لا هوادة فيها ضد العناصر العنيفة، واليد المدنية ضد غيرهم، وبناء علاقات ثقة
مستمرة مع مرور الوقت، حتى في أوقات التوتر الأمني".
الخلاصة
الإسرائيلية أنه على خلفية التوتر الكبير الذي نشأ في شرقي القدس بعد إغلاق مخيم شعفاط
للاجئين، برز السؤال حول فعالية وشرعية الإجراءات العقابية، وعلى رأسها تطبيق الإغلاقات،
لأن التجربة أثبتت أن الإجراءات والتدابير العقابية الجماعية دون منطق سليم وبتركيز
جغرافي دقيق، ليست مجدية، كما أن سياسة هدم منازل المقدسيين تحت غطاء الأمن، لن يكون
أداة ردعية، على العكس من ذلك، فإنه سيزيد بشكل كبير من دائرة العداء الموجودة بالفعل
للاحتلال في المنطقة.