من أهم الظواهر
الاجتماعية والسياسية التي لا تخطئها العين في عالمنا العربي والإسلامي، غياب
الانسجام والتفاهم بين جيل الكبار والشباب والمراهقين، الذي وصل لدرجات خطيرة
تراها في غياب حتى مجرد لغة للتفاهم أو لهجة للحوار، وهو ما يستوجب أن نقف أمامه
طويلا؛ ندرس وندقق حتى نفك الألغاز التي صارت تتضمنها هذه العلاقة، وصولا لسبل
للتفاهم والحوار تجعلنا قريبين من شبابنا، كما تجعل شبابنا قريبين من تفهم حرصنا
عليهم وعلى مستقبلهم، وليس وصايتنا عليهما.
بداية، لا بد أن
نستبعد الأفكار والمفاهيم السائدة لدى بعض الكبار: أن ليس ثمة مشكلة، وإذا كانت
فإنها في
الشباب أنفسهم الذين يتمردون بطبيعتهم على القديم، فضلا عن نظرتهم السلبية
للآخرين، وأنهم سيأتون يوما رغما عنهم منكسرين لإرادتنا!! مذعنين لطرائق تفكيرنا!!
فهذا النوع من التفكير صار أقرب إلى النعامة التي تدس رأسها في الرمال؛ ظنا منها أن
ما لا تراه ليس موجودا، وأن ليس ثمة خطر محدق!!
نقطة البداية تكون بالعمل على فهم شبابنا: ممّ يعاني؟ كيف يفكر؟ ما هي أهم مشكلاته؟ كيف ينظر للأجيال الأكبر أو الأسبق؟ كيف يمكن بناء جسور جديدة تؤمن الحوار، وتضمن التواصل دون فرض أو وصاية؟
كما يجب أن نقرر
أن المسؤولية الأكبر في هذا الخلل، إنما تعود بالأساس للكبار الجامدين أو
التقليديين أكثر مما يتحملها الشباب الحالمون بطبعهم.. وإن كانت هناك مشكلة في
العلاقة مع الشباب، فنحن المسؤول عنها ونحن المسؤول عن حلها، وإيجاد صيغ جديدة لهذه
العلاقة تضمن صحتها وتؤمن مستقبل مجتمعاتنا، التي لا تقوم ولا تنهض بغير الفريقين.
ولا أكون مبالغا
إذا قلت؛ إن نقطة البداية تكون بالعمل على فهم شبابنا: ممّ يعاني؟ كيف يفكر؟ ما هي
أهم مشكلاته؟ كيف ينظر للأجيال الأكبر أو الأسبق؟ كيف يمكن بناء جسور جديدة تؤمن
الحوار، وتضمن التواصل دون فرض أو وصاية؟
هذه المهمة على
عظمها، لازال يعتبرها البعض لونا من تمضية وقت الفراغ، أو أنها أقل بكثير من مهام
مجتمعية أخرى كثيرة أعظم أهمية وأكثر جدوى!!
والحقيقة التي
يجب أن يدركها هذا البعض، أن الشباب هم أهم رصيد للأمم، وأنهم وقود كل نهضة
والدعائم الرئيسة لأي بناء مجتمعي فاعل، والقوة الحقيقية الداعمة لاستمرار
واستقرار
المجتمعات؛ إذا أمكن، نجحت عملية انخراطها في مساراتها ومشاريعها الطموحة، أو
أمكن دمجها في بنيان حضارتها بشكل صحيح.