تتواصل الاحتجاجات الإسرائيلية الداخلية ضد حكومة اليمين، وانقلابها القانوني القضائي، ووصلت إلى قطاعات لم تنخرط قبل ذلك بأنشطة سياسية وحزبية، وهي جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، حيث صدرت دعوات متلاحقة من كبار قادة
الجيش تطالب الجنود والضباط بعدم الالتزام بقرارات الحكومة الحالية، ما يعني وصول الاستقطاب الإسرائيلي الداخلي إلى مستويات غير مسبوقة من قبل، ما حدا بقيادة جيش الاحتلال للإعراب عن خشيتها من اتساع الظاهرة بين القوات والضباط.
إيهود
باراك قائد الجيش ووزير الحرب الأسبق، لم يتردد في مخاطبة جنود وضباط الجيش بقوله إنه "عندما تكون هناك أوامر منافية للمنطق، وكأن عليها راية سوداء، فمن حق الجندي أو الضابط رفض تنفيذها، لأن هذا من واجبه، لأن الحكومة الحالية إذا لم تتوقف عن إجراءاتها، فإننا سنكون أمام نظام ديكتاتوري في غضون ستة أسابيع، - وسيتعين على الجمهور الإسرائيلي أن يفعل ما لا يفعله النواب في الكنيست".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف في مقابلة نشرتها
القناة 12، وترجمتها "عربي21" أنه "عندما تكون هناك أوامر يرفرف عليها علم أسود، فليس من حق الجندي أو الضابط أن يرفض، بل هذا من واجبه، وقد أظهرت التجربة التاريخية أنه عندما يستمر 3.5٪ من السكان في التظاهر بعناد في المظاهرات والاحتجاجات بكل الوسائل المتاحة لها، فإن الحكومة إما أن تنهار أو تسقط".
أما رئيس الأركان الأسبق الجنرال دان حالوتس فقال إن "الجنود الإسرائيليين لن يخدموا في ظل ديكتاتورية، واليوم بت أسمع المزيد والمزيد من البيانات الرافضة، ليس فقط من سلاح الجو، وما يصلني من احتجاجات من مرتدي البزة العسكرية مفاده أنه إذا كانت هناك دكتاتورية في إسرائيل، فمن الأفضل الخدمة العسكرية في أوغندا أو رواندا، حيث سيدفعون هناك مالا أكثر، لأننا سنصبح في هذه الحال مرتزقة".
وأضاف في مقابلة نشرتها
القناة 13، وترجمتها "عربي21" أن "معلوماته المتوفرة تفيد بأن جنودا في سلاح الجو أبلغوا قائدهم بأنهم يحتجون ضد تصرفات الحكومة الجديدة، ما حدا بواحد من كبار الضباط للإعلان أنه لا يرغب في استمراره في منصبه، رغم أنه شغل سلسلة من المناصب العليا في سلاح الجو، وفي الاحتياط يشغل منصب قائد غرفة التحكم، ما يجعلنا أمام أكبر ضابط يتخذ مثل هذه الخطوة الاحتجاجية، لأنه من وجهة نظر أخلاقية، في ظل الحكومة الحالية، لا يمكنه الاستمرار بأداء واجباته، صحيح أنه قد يستمر في تدريب الطيارين، لكنه لن يكون المسؤول عن الأنشطة العملياتية للقوات الجوية".
دفعت هذه الدعوات المتلاحقة برئيس الأركان وقائد الجيش الجديد الجنرال هآرتسي هاليفي لمخاطبة كبار الضباط والجنود "بألا يدخلوا البزة العسكرية في النزاع السياسي والحزبي الحاصل في الدولة"، بزعم الحفاظ على جيش واحد، وهو الذي يجب أن "يبقى فوق كل الجدل السياسي، وترك الخلافات في الخارج".
اظهار أخبار متعلقة
وكشف في تقرير نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الخلاف الذي يهز المجتمع الإسرائيلي هذه الأيام، يبقى فيه الجيش نقطة التقاء للمجتمع، وبالتالي فإن الخلاف محظور أن يصل إلى من يخدمون فيه، لأن مهمته واحدة وهي حماية الدولة، ما يتطلب أن يبقى الجيش فوق كل الجدل السياسي".
تضاف هذه الدعوات الإسرائيلية الداعية لانخراط الجيش في الاحتجاجات على الحكومة لتحذيرات سابقة من جنرالات كبار اعتبروا أن الحكومة الحالية بتشكيلتها الفاشية العنصرية وصفة للتحريض الداخلي، وقد ينتهي المطاف إلى مواجهة إسرائيلية داخلية، وسينجذب جنود الجيش للمزيد والمزيد فيها، ما يعني تعبيد الطريق لكوارث خطيرة للغاية في داخل الجيش، ويعتبر في الوقت ذاته تحدياً للقدرة على مواجهة التهديدات الأمنية، لأن الدولة تشهد حالة من ضياع الطريق والتفكك والفوضى.
في الوقت ذاته، فإن انخراط الجيش في الاستقطابات الإسرائيلية الداخلية من شأنه توسيع رقعتها، ما سيجعل دولة الاحتلال، وفق تعبيرات الجنرالات أنفسهم، تعيش تهديدا وجوديا ناجما عن الافتقار للحكم، واستمرار وجودها، نظرا لغياب دولة الحكم والقانون والنظام، ما يلقي بظلال سوداء على الشعور بالأمن الشخصي لكل إسرائيلي، وفي كل مكان.