ننرقب دولة الاحتلال
الإسرائيلي تبعات
الحرب الروسية على أوكرانيا، التي مر عليها عام كامل ومازالت نهايتها غير واضحة، والتي لها تأثيراتها على تغير ميزان القوى العالمي، ليس فقط في أوروبا بل أيضا في الشرق الأوسط.
الجنرالان عاموس يادلين وأودي أفينتال ذكرا "الدرس الإسرائيلي الأول من الحرب، وهي مرونة الأوكرانيين، وقدرتهم على استيعاب تبعات الحرب، مع أنه بعد مرور عام عليها، فقد أصبح من الممكن تحديد سلسلة الدروس التي يمكن لإسرائيل الاستفادة منها، في العمليات الاستراتيجية والعسكرية عالية المستوى، والمهام الاستراتيجية والاستخبارية، خاصة وأن الفجوة بين القيادة السياسية الروسية العليا والعسكرية أدى لقرار خاطئ بغزو أوكرانيا؛ بناء على تقييم غير صحيح لقدراتهما".
وأضافا في
مقال مشترك نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21"، أن "المعطيات الإسرائيلية تكشف الدرس الثاني، ومفادها أن الحرب دحضت توقعات المخابرات الغربية بأن
روسيا ستجتاح أوكرانيا، وتقضي عليها، وتحتل كييف التي ستنهار قواتها بسرعة، وأن الرد الغربي سيكون ضعيفا، وقد عرفت إسرائيل هذه الإخفاقات في الماضي البعيد والقريب، في حرب الغفران 1973 بوصفها المثال الشهير للفشل بتقييم الاستخبارات والتصور الأمني، وصولا لحرب لبنان الثانية 2006، حين قررت لجنة فينوغراد أن هناك ثغرات خطيرة في عملية صنع القرار وعمل المستويين السياسي والعسكري، وغياب تفاعلهما".
وأكدا أن "الدرس الثالث يتعلق باليوم، عشية المواجهة المحتملة مع
إيران، واحتمال حدوث تصعيد في الساحة الفلسطينية، وحتى في الجبهة الشمالية، مما يتطلب من المستوى السياسي الإسرائيلي أن يتعرف بعمق على القدرات العملياتية للجيش والعدو، وإجراء حوار استراتيجي شامل مع المستوى العسكري في وقت مبكر حول أهداف الحرب وإدارتها وإنهائها، وعدم الاكتفاء بالمراجعات الاستخباراتية، وعرض الخطط العملياتية، مع العلم أنه في حرب نووية لن يكون رابحون وخاسرون، بل خاسرون فقط".
إظهار أخبار متعلقة
وأشارا إلى أن "الدرس الرابع من وجهة نظر إسرائيل يوضح إمكانية اندلاع حرب نووية بين روسيا وأوكرانيا، وهنا تكمن أهمية الحاجة لمنع إيران بأي ثمن من الحصول على سلاح نووي، خاصة وأن إيران قد تدفع دولا أخرى في المنطقة كالسعودية وتركيا ومصر لحيازة السلاح النووي، مما سيشكل تحديا كبيرا لإسرائيل".
وأوضحا أن "الدرس الإسرائيلي الخامس يتمثل بأن حرب أوكرانيا تشكل استنزافا على نطاق واسع، ودخلت روسيا والغرب في سباق تسلح صناعي، فيما يتضاءل مخزون الأولى من الأسلحة الدقيقة، مما أظهر حاجتها لمساعدة إيران وكوريا الشمالية والصين، فيما مخزونات الذخيرة والأسلحة في الغرب، بما فيها الأمريكية، آخذة في النفاد، وخطوط إنتاج الصناعات الدفاعية لا تعمل بالمستوى المطلوب، مع أن الآونة الأخيرة شهدت نقل الولايات المتحدة لأوكرانيا مخزونا من القذائف من مخازن الطوارئ في إسرائيل، مخصصة للجيش الأمريكي، ولكن أيضا لإسرائيل، في وقت الحرب".
وأكدا أن "الدرس الإسرائيلي السادس يتعلق بتحقيق التفوق الجوي لاستهداف البنى التحتية الحيوية، وشبكات الطاقة، ومحطاتها، ومنشآتها، والمياه والصرف الصحي، بصواريخ كروز والصواريخ الباليستية والطائرات الانتحارية الإيرانية، مما يعني اكتساب إيران دروسا عملية من استخدام أسلحتها بأوكرانيا، ويتوقع أن يصبح
حزب الله وحماس، اللذان يراقبان الحرب، أكثر حرصا لتطوير منصاتهم لإطلاق النيران الدقيقة، وتسريع جهودهم بهذا الاتجاه، وهذا تهديد استراتيجي للجبهة الداخلية المدنية والعسكرية لإسرائيل، ويتطلب استثمارا مكثفا للموارد في الردع، وبناء قوة الدفاع والوقاية".
وأوضحا أن "الدرس السابع يتمثل بالحاجة الأوروبية للمعرفة والخبرة العسكرية الإسرائيلية، وأنظمة أسلحتها المتطورة في مجالات الدفاع الجوي والصواريخ وحماية الدبابات المطورة، وأنظمة الاستخبارات والقيادة والسيطرة الإلكترونية، مما يستدعي الحاجة لتوثيق العلاقات مع حلف الناتو للاستفادة منه، رغم أن تعاونهما لسنوات ماضية كان صعبا، لكن الحلف قد يقلل معارضته لإسرائيل بسبب مساعداتها في الحرب".
وزعما أن "الدرس الإسرائيلي الثامن سوف يتجسّد في الحرب القادمة في غزة أو لبنان، وستدور في بيئة حضرية تعمل فيها حماس وحزب الله، وستقارنان التحركات الإسرائيلية العسكرية بما اتخذته روسيا في أوكرانيا، مما سيتعين عليها بذل الكثير من الجهد لإقناع العالم بأنها تدافع عن نفسها، على حدّ زعمهما".
إظهار أخبار متعلقة
وأضافا أن "الدرس التاسع مرتبط بتعاظم المحور الإيراني الروسي، وخيار إيران الاستراتيجي بالانضمام لروسيا في الحرب، وتزويدها بمئات الطائرات الانتحارية بدون طيار، وقد خلقت الشراكة العسكرية التكنولوجية المشددة بينهما سلسلة من التحديات العملياتية والاستخبارية أمام إسرائيل؛ لأنها تعني مساعدة روسية لإيران في المجالات الحساسة كالاستخبارات العسكرية والسيبرانية والصواريخ، وربما النووية، مما سيزيد حرية أكبر لإيران للعمل في سوريا؛ كمكافأة روسية على مساعدتها في حرب أوكرانيا على حساب إسرائيل".
وختما بالقول بأن "الدرس العاشر يتمثل بتضييع إسرائيل فرصة ذهبية لإظهارها في ساحة المعركة؛ باعتبارها حليفة لأوروبا يمكن الوثوق بها، وفي الشرق الأوسط قد تدفع ثمنا في ضوء تآكل صورتها كدولة غربية، وذات نفوذ في واشنطن، كما أن خوفها الواضح من روسيا، وخشيتها من تقييد حرية عدوانها في سوريا، يضرّ بصورتها كدولة قوية، مما يعني أن الوقت حان لإعادة فحص سياستها "للنزول من السياج"، ومساعدة أوكرانيا ضد روسيا والطائرات بدون طيار الإيرانية".
تكشف هذه الدروس الإسرائيلية العشرة من حرب أوكرانيا أنها قد تتجه لتغيير سياستها، والتخلي التدريجي عن السياسة السابقة، مع أن الاحتلال لا يتردد في الاعتراف بأن لديه مصلحة في تجنب الأزمات الكبيرة مع روسيا؛ لأنه بعد مرور عام على حرب أوكرانيا، من الواضح أنها لن تختفي كلاعب مؤثر في الشرق الأوسط، على العكس من ذلك، فإنها ستتقوى أكثر فأكثر في علاقاتها مع إيران وتركيا والخليج، ولا تنوي سحب قواتها من سوريا، رغم أن نظرة لسياستها الخارجية، تظهر العديد ممن كانوا شركاءها يتحدونها بسبب سياستها التدميرية في أوكرانيا، لكنها تبدو مجبرة على الاستمرار فيها.