قالت رئيسة قسم دراسات السياسة الخارجية والدفاعية
في معهد أمريكيان إنتربرايز؛ إن النظام
الإيراني، يبحث عن رصاصة "سحرية"
من أجل إسكات الجمهور المضطرب، في المقابل فشل الشعب الإيراني بالقدر نفسه في العثور
على الطريقة السحرية نفسه، من أجل "الإطاحة برجال الدين الأبد".
وقالت في مقال بمجلة فورين بوليسي، ترجمته
"عربي21"؛ إن "الرصاصة قد تكون موجودة، وهي الفساد، لكنها تفتقر إلى
قوة غربية ومسؤولية لضغط الزناد".
وأضافت: "هل تذكرون صديق واشنطن العزيز،
الرئيس المصري السابق حسني مبارك - أحد الحاضرين في كامب ديفيد، الذي أجرى زيارات
سنوية لواشنطن، وتلقى عشرات المليارات من الدولارات في شكل مساعدات عسكرية
واقتصادية أمريكية، تمت الإطاحة به في عام 2011، لكن فساده كان أسطورة داخل مصر بشكل
غير رسمي بالطبع، مع تجاهل أكثر المعجبين به للأدلة الواضحة".
وتابعت: "كان يجب أن يكون واضحا في واشنطن
أيضا، ويمتلك مبارك عقارات في بيفرلي هيلز، وحصة من المنتجعات في مدينة شرم الشيخ
الساحلية المصرية، ومنازل في لندن ونيويورك. قدر الخبراء ثروته بنحو 70 مليار
دولار، كما يزعم أن ابنيه من المليارديرات.
وقالت؛ إن الرئيس العراقي السابق صدام حسين،
"الذي كان محبوب واشنطن قبل ذلك الغزو المحرج للكويت عام 1990. خلال
التسعينيات، استخدم برنامج النفط مقابل الغذاء الذي تديره الأمم المتحدة لسحب
ملايين الدولارات لتحقيق مكاسب شخصية له ولأبنائه، كما ورد أن بعض تعاملاته آثرت
أيضا الرئيس الروسي آنذاك بوريس يلتسين والشاب فلاديمير بوتين".
وكانت الحكومة الأمريكية أيضا على دراية تامة
بتهرب صدام من قيود بيع النفط، بما في ذلك إلى حلفاء الولايات المتحدة في الأردن
وتركيا والخليج العربي، وتعلق بالقول: "بالمناسبة، خمنوا من كان يستفيد أيضا
من أعمال صدام القذرة؟ الحرس الثوري الإيراني، وحليف الولايات المتحدة ذات مرة في
الحرب على الإرهاب الرئيس السوري بشار الأسد".
وأشارت إلى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي،
"هو ذاته الذي رعى إسقاط طائرة بان آم الأمريكية الرحلة 103 فوق لوكربي، إسكتلندا، في عام 1988، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 259 شخصا، بالإضافة إلى 11 شخصا على الأرض. وصحيح أنه لم يكن محبوبا لأحد، حتى بعد فترة
وجيزة من التقارب مع الغرب بعد 11 أيلول/ سبتمبر".
إظهار أخبار متعلقة
ولكن بعد ذلك، انقلب الرئيس الأمريكي باراك
أوباما على القذافي المسن في عام 2010، ودعم ضمنيا المجموعات الليبية التي أسرته
في النهاية وقتله، وصرحت الصحافة بأنها مصدومة، فقالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز:
"بينما تقوم ليبيا بعملية إحصاء اكتشفت ثروات مخفية مذهلة لمعمر".
فقد تم اكتشاف أن "القذافي الزئبقي "لديه أكثر من 200 مليار دولار مخبأة في جميع أنحاء العالم. أحدها، وبحسب ما أوردته
التقارير، كان هناك حوالي 37 مليار دولار في البنوك الأمريكية.
ولفتت كاتبة المقال إلى أن منظمة "متحدون
ضد إيران النووية" المناهضة للنظام، استعرضت بجدول زمني السرقات الرسمية،
وتوضح بالتفصيل مليارات الدولارات المسروقة داخل وزارة النفط الإيرانية،
والمليارات التي اختُلِست من البنوك الحكومية، ونسب مئوية صغيرة من الاعتمادات
الحكومية للصحة التي تم إنفاقها بالفعل على الأدوية والإمدادات. بعد تعيين الرئيس
الإيراني الحالي إبراهيم رئيسي لإدارة القضاء في البلاد في عام 2019، وتم الحكم
على سلفه بإيداع أموال الكفالة في 63 حسابا مصرفيا مختلفا، بما يقرب من 100 مليون
دولار.
وقالت؛ إنه تم تفصيل بعض هذا الفساد في الصحف
المحلية والتقارير داخل إيران. لكن، كلما اقترب الفاسد من القمة، قل احتمال وجود أي
أخبار. ويُزعم "أن ضابطا كبيرا سابقا في الحرس الثوري الإيراني فاسدا، وعمدة
طهران محمد باقر قاليباف قدم رشوة لمسؤولين حكوميين لتجنب تهم الاحتيال. كما تورط
القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني فيلق القدس، قاسم سليماني، في تسجيل تم
تسريبه".
حظيت القصة بتغطية محدودة للغاية داخل إيران
بسبب علاقات قاليباف بالمرشد الأعلى علي خامنئي وما يسمى وقاسم سليماني، وبالفعل،
انتقد خامنئي الصحف لنشرها القصة على الإطلاق، ووصف التسريبات بأنها جهود معادية للتشهير
بالعناصر المركزية التي أدت دورا في تقدم الثورة، ذات يوم كان التشهير ضد البرلمان
الإيراني، وذات يوم كان ضد مجلس صيانة الدستور، وذات يوم أصبح ضد الحرس الثوري
الإيراني، واليوم، جاء دور الحرس الثوري الإيراني. اليوم، يشوهون الحرس الثوري
الإيراني، ويحاولون تشويه صورة الشهيد العظيم سليماني".
وأضافت: "أبطل خامنئي تهم الاعتداء الجنسي
في قضية خطيب ديني مفضل، وانتقد الصحف والوزراء الذين تناولوا الفساد داخل
الحكومة، وندد بتهم الفساد ضد رئيس المحكمة العليا السابق آية الله صادق أمولي
لاريجاني، الذي اتهم بالتسامح مع السرقة على نطاق واسع. وتم القبض على نائبه
السابق في الواقع بتهمة ارتكاب جرائم مالية في عام 2019، تم استبدال لاريجاني في
النهاية برئيسي، الذي يُعتبر الآن مرشحا محتملا ليحل محل المرشد الأعلى المريض بعد
وفاته. وعندما بدأ رفسنجاني في تفصيل الثروة الهائلة لأبناء خامنئي في عام 2016،
تم القبض على ابنه بسرعة، وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.
وكتب رجل الدين المعارض مهدي كروبي، الذي يخضع
للإقامة الجبرية منذ 2011، رسالة مفتوحة إلى المرشد الأعلى في 2018، يتهمه فيها
بالتسامح مع الفساد المنهجي وإفقار عشرات الملايين من الإيرانيين بينما يُثري نخبة
صغيرة. وحذر من أنه "في ظل هذه الظروف، من الطبيعي أن تتحول الطبقات الدنيا،
التي كانت من المؤيدين الأساسيين للثورة الإسلامية، إلى برميل بارود".
وبعيدا عن تحميل الولايات المتحدة أو العقوبات
الدولية المسؤولية عن صراعهم، أوضح الإيرانيون أنهم يلومون حكومتهم. لو عرفوا في
الوقت الحقيقي، وليس بعد الحقيقة، على غرار القذافي ومبارك، مقدار الأموال
التي سرقها زعيمهم الأعلى وأعوانه، كما حذر كروبي، يمكن أن يقلب الميزان ويقلب في
النهاية ما تبقى من أنصار للنظام في قوات الأمن والجمهور ضدهم.
إظهار أخبار متعلقة
كيف يمكن حصول هذا؟ اتهم مسؤولو إدارة ترامب
خامنئي بجمع ثروة تقدر حوالي 200 مليار دولار. (كشف تحقيق سابق لرويترز عن أصول
بقيمة لا تقل عن 95 مليار دولار). لكن هذا هو مدى صفعات الحكومة الأمريكية للمرشد
الأعلى. بقدر ما بدأت إدارة ترامب في تفصيل ثروة خامنئي الشخصية، يمكن للحكومات
الأمريكية والأوروبية أن تبدأ في كشف شبكة الأصول المخفية، التي يملكها المرشد
الأعلى وعائلته، والتصرف بناء على المعلومات.
وقال الكاتبة؛ إنه في أعقاب غزو العراق للكويت،
جمدت الحكومة الأمريكية أصول صدام. الشيء نفسه بالنسبة لأصول القذافي ورفاقه، بمجرد
أن قررت الولايات المتحدة أنه يجب أن يذهب. صحيح أن بعض هذه الأصول كانت سيادية -
اسميّا، أموال الحكومة الأجنبية. لكن ليس كلها. فلماذا تنتظر؟ إذا كان من الممكن
تجميد أصول أعداء الولايات المتحدة الفاسدين في حالة الإطاحة بهم أو الحرب، فلماذا
لا نقوم بذلك بشكل استباقي؟ كما أوضحت إدارة بايدن وضوحا شديدا في حالة
الأوليغارشية الروسية وأعوان بوتين، فإنها تتمتع بالسلطة القانونية لتجميد عائدات
الفساد.
ولفتت إلى أنه كان لدى معظم الدكتاتوريين
الراحلين في الشرق الأوسط أموال وعقارات في الولايات المتحدة تحت سلطة الحكومة
الفيدرالية الأمريكية. ولدى الولايات المتحدة طرق متعددة لإيصال التفاصيل إلى
الشعب الإيراني، سواء من خلال أي تسريبات صحفية أمريكية، أو راديو فاردا الناطق
باللغة الفارسية (جزء من راديو أوروبا الحرة / راديو ليبرتي الممول من الولايات
المتحدة)، أو منبر الرئيس الأمريكي.
وختمت بالقول: "إذا كان الفساد، كما قال
لي كبار المسؤولين الأمريكيين، هو حقّا عقب أخيل للنظام الإيراني، ألم يحن الوقت
لأن يبدأ شخص ما في استغلال هذا الضعف لصالح الشعب الإيراني الذي طالت معاناته؟".