الكتاب: "براءة الإسلام من براءة الاختراع .. ديمقراطية أم تمكين؟!"
الكاتب: جميل أكبر
الناشر: مؤسسة أركان للدراسات والنشر، عام 2022م
عدد الصفحات: 160
كثيراً ما نسمع عن براءة اختراع جديدة ينجزها الإنسان في هذا الكون،
فبراءة الاختراع ليست قاصرة على تخصص معين، أو أنها تخص فئة معينة، فهي امتياز خاص
يمنح بشكل رسمي لمخترع في فترة زمنية محددة، وبحسب مصوغات قانون براءة الاختراع،
يمنح لصاحب الاختراع حق منع الآخرين من صناعة، أو استخدام، أو حتى بيع وعرض
اختراعه دون موافقته، ولعل مما يحار فيه الباحث اليوم، هل مسألة براءة الاختراع من
حق موجدها كما هي معظم النظم المعاصرة، ذلك أنها ستشحذ همم الباحثين والمبتكرين
للمزيد من الإبداع لخدمة البشرية جمعاء، أم أنها حق من حصل عليها، كما تدفع إليه
الشريعة بفك سرها مثلاً؟
في هذه الدراسة يحاول الكاتب إقناع الباحثين، أنه من
الأفضل للبشرية تبني ما وجهت إليه الشريعة، فمتى كانت المعرفة مشاعة وليست محتكرة،
وفي ظروف محددة توجدها الشريعة إن طبقت، سنرى العلاقة بين التلوث الحاصل واحتكار
المعرفة.
هذه الدراسة تمثل جزءا من فصل المعرفة في كتاب قص الحق، للكاتب جميل
أكبر الأستاذ بجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية، وصف أكبر دراسته في مقدمة بسيطة
حملت مفاهيم عميقة بأنه "عبارة عن مقال، يجيب عن إشكالية فكرية، فقد استبعد
تحقيق الديمقراطية والتمكين معاً، كما أشار بأن الديمقراطية إذا ما اقترنت
بالرأسمالية فإنها ستؤدي لتمكين الناس أكثر من الاشتراكية، ولكنها أيضاً منقوصة
إذا ما قورنت بالإسلام في حال إذا ما طبقت من حيث التمكين"، (ص5).
تطبيق الإسلام من حيث التمكين جعل المؤلف يضع هذا الكتاب للرد على
تساؤل مهم ألا وهو؛ كيف يمكن للإسلام ألا يحمي
الملكية الفردية، خصوصاً في ظل العرف
العالمي بأحقية المخترع في ملكية الابتكار؟ وهو ما نهى عنه الإسلام، فالرسول محمد
صل الله وعليه وسلم قال: "من كتم علماً يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من
النار"، وفي هذا السياق تسأل المؤلف
ماذا عمن يعملون في الشركات، ويرون الفقراء يموتون وهم بحاجة للدواء الذي لا تبيعه
الشركات؛ إلا بأسعار مرتفعة، لكسب المال لابتكار أدوية جديدة ستنقذ الملايين
مستقبلاً؟ فهل يؤثمون، أما أن الإسلام غير صالح لحاضرناً؟.
وضع المؤلف في مستهل دراسته بعض التوضيحات التي صنفها بأنها توضيحات
مشبوهة، ومن ثم قام بالرد عليها، ومن أهمها:
أولاً ـ الكثيرين يرون أن الإسلام دين قد أفلح سابقاً لبساطة الماضي،
وسهولة تركيبته السياسية والاقتصادية؛ ولذلك صلح الإسلام لها، أما الآن وبتقدم
المجتمعات، وظهور مستجدات لم يأت الإسلام بتوضيحها، يتوجب الآخذ من مجتمعات أخرى
لحقن مجتمعنا بما قصر فيه الإسلام، ويجيب هنا: يجب عدم الخلط بين السهولة والصعوبة
في الحياة من جهة، والسلاسة والتعقيد من جهة أخرى، فقد كانت حياة من سبقنا صعبة
جداًـ؛ كونهم لم يملكوا البرادات التي تحفظ الأغذية، وأن تنقلهم كان بالبهائم، أما
اليوم فتوجد البرادات لحفظ الأغذية، ويتحركون بالسيارات التي تقرب المسافات، وتسهل
عليهم التنقل مما يجعل الأمر أكثر سهولة من الماضي، بالإضافة لسلاسة العلاقات
قديماً فللفرد علاقات محدودة مع أقاربه وجيرانه وعملائه في السوق، على نقيض من الحياة
المعاصرة فهي أكثر تعقيداً وتشعباً"(ص7).
يخلص المؤلف إلى أن ما يحتاجه البشر هو مجتمع سهل في حياته، وسلس في
علاقاته وغزير في إنتاجه، وهو ما يقدمه الإسلام إن طبق في ظل التقدم التقني
المعاصر.
ثانياً ـ يؤكد أكبر أن الكتاب عبارة عن مقالة مقتبسة مقص الحق،
وغالبا ما يستخدم المؤلف عبارة "مقصوصة الحقوق"؛ وذلك لتوضيح إشكالية
المعرفة من خلال منظومة الحقوق التي أتت بها الشريعة حتى لا يتصادم الناس في
حياتهم، نتيجة الانطلاقة التي ضمنتها الشريعة لهم، وهنا يستخدم المؤلف عبارة العقل
البشري القاصر، والقصد ليس رفض استخدام العقل لأن الشريعة تحث على استخدام العقل
في كل مناحي الحياة إلا مع نصوصها" أي ما قال الله عز وجل والرسول صل الله
وعليه وسلم "؛ لأن استخدام العقل مع النصوص سيؤدي بالظلم والتخلف والفساد
والذل، كما حدث مع النظم الرأسمالية والاشتراكية.
ماركس انتقد الرأسمالية لأنها تسلب الناس الاحترام؛ إلا بمقدار ما يملكون، بالإضافة لأنه نظام يعيق الأفراد من تحقيق ذاتهم، لأنه لا فرق بين الإنسان والألة، وهناك من يدافعون عن الرأسمالية، ويرفضون هذا النقد من جانبين الأول: أن الرأسمالية أدت إلى تقدم المجتمعات تقنياً، والجانب الثاني: يعتبر أن الآلات أدت إلى انخفاض الأعمال الإنتاجية التي تعتمد على المصانع،
ثالثاً ـ إشكالية كلمة" شريعة"، التي اعتبرها المؤلف قد
أخذت تصوراً خاطئاً لدى البعض، فعندما تقال كلمة شريعة، سيتصور من في الخليج أن
القائمين عليها رجال بلحى غير مهذبة، ويطاردون النساء في الأسواق حتى لا يكشفن
شعورهن، أما في الجزائر فالشريعة مرتبطة بظهور الإرهاب عند البعض، وعند البعض
الآخر بإمام مسجد مفصول عن الواقع، وفي مصر هم السلفيون الذين رفضوا المضي مع
الثورة لأنهم يرفضون الخروج على الحاكم، ويضيف الكاتب" الشريعة ليست عبادات
فحسب غرضها تقييد الناس، كما يظن الكثير بل على العكس الشريعة هي تحرير للناس، هو
الجانب الأهم في الشريعة الذي ان طبق ارتقت عبادات الناس وقيمهم وأخلاقهم قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
ومن ثم طرح المؤلف الضرورات والحاجيات والكماليات التي تحتاجها
البشرية، فلم يستثني أحدا من الناس، من الأهواء والشهوات، فجميع الفاسدين يحبون
التلذذ بالشهوات، وكذلك المتقين يحاولون بالطرق المشروعة الإستفادة قدر المستطاع
مما هو مباح لهم، هذه الغرائز والنزوات حاولت الأديان تهذيبها؛ إلا أن النظم
البشرية أتت لتزيدها سعيرا، خصوصا في ظل ندرة الموارد وجعلها المحرك الأساسي
للنظريات الاقتصادية، ما يعني ضرورة سيطرة السلطات على آليات الوصول للموارد ومن
ثم توزيعها، وهنا يظهر فسادا لقائمين على المال العام؛ لذلك فإن الشريعة عملت على
تخفيف المال العام، والحد من الصلاحيات قدر المستطاع كي لا يظهر الفساد، كما أن
الموازين انقلبت بين البشر من حيث الضروريات والحاجيات والكمالياتـ، فما هو كمالي
لفرد" كالعطر للفقير"، أصبح ضروري لأخر" الثري"، وما هو حاجي
لفرد "كالحاسب الآلى مثلاً" أصبح ترفاً لأخر يصعب الوصول اليه لأنه
فقير(ص 30) .
استطرد المؤلف في توضيح الفساد في جانبين الأول: هو تمكن النظامين
الديمقراطي والرأسمالي من ترسيخ جذورهم في المجتمعات، والجانب الثاني: فهو الهدر
من خلال اطلاق العنان للأهواء، وهذه الأهواء لا تتحقق إلا بالتسخير مثال: من أراد
أن يبني قصراً فارهاً لن يتمكن إلا بتسخير الآخرين، وعرف المؤلف السعادة لعوام
الناس على أنها حصيلة عنصرين أحدهما مادي والأخر معنوي .
فالمادي فيمكن اختصاره في توفر المال، والسلع، والخدمات للإنسان، أما
العنصر المعنوي فيتعلق بالراحة النفسية من جميع جوانبها من أمنية إلى عاطفية، ومن
الممكن أن يلتقى العنصرين المادي والمعنوي، فقد يأتي التمكن للإنسان بالراحة
النفسية، وقد يأتي التمكن المعنوي من خلال الراحة النفسية بالتمكن المادي، فمن هو
أكثر سعادة بالطبع هو أكثر إنتاجاً وأوفر مالاً.
التعاسة والقناعة
صنف المؤلف التعاسة والقناعة وفق مثلث عالم الاجتماعي ماسلوMaslow، وما وضعه عليها من شروط
العالم مورايMurray،
فمثلث ماسلو بدأ بالحاجة للمسكن والمأكل، ومن ثم الأمان، ثم الحاجة للمودة
والانتماء، ثم الحاجة للاحترام والتقدير من الأخرين، ثم أخيراً الحاجة إلى تحقيق
الذات، وبذلك فقد حدد معالم النجاح للبحث في العلاقة بين التعاسة والرأسمالية
والمجتمع، أما موراي فقد وضع عدة شروط تؤدي إلى تعاسة الأفراد، إن لم يحققها لهم
المجتمع، وهي كالتالي:
1 ـ إذا لم يحصل الناس على ما يأكلوه أو ما يسكنون فيه.
2 ـ إذا سلبوه المودة.
3 ـ إذ لم يحصلوا على الاحترام.
4 ـ وأخيراً إذا أعاقهم المجتمع عن اعمال تتناسب مع قدراتهم.
هناك بعض الانتقادات لتلك الشروط، فالرأسمالية تسقط عند الشرط الأول،
لأن من ضروريات الرأسمالية البطالة، فكيف لها توفر المساكن والمأكل لجميع
العاطلين، كما أنها تسقط في شرط آخر وهو توفير الموارد والألفة؛ لأن العلاقة بين
الأفراد، أصبحت مبينة على المصالح، وليس على أساس الصداقة والتقارب (ص70).
كما أن ماركس انتقد الرأسمالية لأنها تسلب الناس الاحترام؛ إلا
بمقدار ما يملكون، بالإضافة لأنه نظام يعيق الأفراد من تحقيق ذاتهم، لأنه لا فرق
بين الإنسان والألة، وهناك من يدافعون عن الرأسمالية، ويرفضون هذا النقد من جانبين
الأول: أن الرأسمالية أدت إلى تقدم المجتمعات تقنياً، والجانب الثاني: يعتبر أن الآلات أدت إلى انخفاض الأعمال الإنتاجية التي تعتمد على المصانع، وبالتالي أدت إلى
تغيير النمط الوظيفي والعمل خارج المصانع.
طاقة الذات واحترام الذات
لكي يرضى الفرد عن نفسه لا بد وأن يحظى بتقدير الآخرين واحترام الذات Self-respect ،
وهنا ملحوظة بأن هذه الكلمة لا مقابل لها في اللغة العربية بطريقة واضحة ومحددة،
فقد علل المؤلف ذلك مدافعاً بأن المجتمع المسلم لم يحتج لهذه الكلمة أصلاً، وذلك
أن معظم الأفراد، وكانوا يملكون ما يعملون فيه، إن طبقت الشريعة على باقي الأفراد،
الذين يعملون بالأجرة فإنهم أقلية، وبذلك سيزيد عليهم الطلب فتزداد مكانتهم.
وقد ميز موراي بين طاقة الذات واحترام الذات بأن عرف طاقة الذات: على
أنها ما يشعر به الفرد بغض النظر عن سلوكياته، أما احترام الذات فهو الذي لا يأتي
إلا بتحمل الفرد لمسؤولياته يتمكن من خلالها من نيل احترام الآخرين، كما أن طبيعة
عمل الإنسان بالذات في المجتمعات الرأسمالية تعبر عن مكانة في المجتمع، فهل الدهان
كالمهندس به مثلاُ؟ بالإضافة لأن الإسلام إن طبق سيوجد مجتمعاً يتلافى هذه المأزق
من جذورها، لأن الجميع سيعمل إما مضطراً أو محباً(ص79).
تحقيق الذات
المجتمعات المفتوحة تنتج تكافؤ الفرص، وتضع الإنسان المناسب في
المكان المناسب، ولا تربط الإنسان بأبيه وأمه، وإنما بذكائه وقدراته، ولكن ذلك أمر
يصعب تنفيذه لأمرين: الأول لأن عدم تمكن الناس وضع الأموال في أيدي الحكومات، التي
إما أنها ورثت الحكم أو نصبت في الوظائف من هم ليسوا أهلاً لها، والثاني: بسبب
وجود الرأسمالية التي أوجدت الطبقية، مما أدى إلى وضع الأقل كفاءة في المنصب
الأعلى أحياناً، أما إن طبق الإسلام، فإن التمكين فاتح للكل، و التقسيم الطبقي
معدوم ، فإن الغالب هو انجذاب الناس لشغل ما يتناسب مع مقدراتهم وكفاءاتهم من
أعمال(ص86).
وصف المؤلف العلاقة بين العموم، وأنماط الملكية والتحرر والتمكين؛
بأنها علاقة مباشرة ووطيدة، فالمالك لمصنع أو مؤسسة يفعل ما يعتقده في صالحه، أي
أنه يملك قراره على عكس، من المستأجر لبيت لا يملك تعديل السكن، ومعرض مع انتهاء
العقد للخروج من السكن، كما أن الأخير لا يملك قراره، وهو دائماً تحت مطرقة رئيسه،
لذلك تجده يفكر في إرضائه؛ مما يضعه أمام قيود كبيرة تحرمه الإبداع في العمل، لأنه
منزوع عن الحرية.
المجتمعات المفتوحة تنتج تكافؤ الفرص، وتضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، ولا تربط الإنسان بأبيه وأمه، وإنما بذكائه وقدراته
قارن المؤلف بين الاشتراكية والرأسمالية، فوصف "الاشتراكية
الجميع فيها أجير ولا حافز لديه للإنتاج، ولذلك فإن تطبيق هذا النظام سيسحق
البشرية فقراً ومجاعة، فهو آفة وليس نظام ، أما الرأسمالية: فجوهرها يعتمد على
تقسيم الإنتاج إلى رأسمال وعمالة، تبلور في هذا النظام بعض الأنظمة الحقوقية التي
تحفظ حق الأجير، وقد ظهرت التحزبات والنقابات، لتعبر عن الشد الدائم بين الفريقين والمالك الأجير، وكلما
تطورت منظومات حقوقهم أو تغيرت فأنها ستأخذ من طرف لتعطي الطرف الأخر، فيسعد طرف ليتعس الطرف الأخر.
الأمراض
جعلت الهموم السابقة التي عايشها الناس كأجراء في العمل، نظام المجتمعات أعرجاً، نظاماً يستعين على عرجه ببدائل تحاول رفع الإنتاج، ما زاد من
ضغوط الناس النفسية والجسدية بسبب
الانفعالات غير المناسبة التي تجعل الجسم في حالة استنفار دائماً بسبب الكرب، الذي
بدوره يؤدي إلى الأمراض، (ص107).
كما أثار المؤلف موضوع التلوث، وقد أصر على أن النظام الرأسمالي مهما
حاول فسيؤدي للتلوث بالضرورة؛ بسبب الطبقية التي أدت لجلد الناس للمزيد من العمل،
وفي المقابل أكد المؤلف أنه في حال طبقت الشريعة، فإن ساعات العمل ستكون أقل، مما
يؤدي إلى انخفاض الانتاج، وبالتالي يقل التلوث بقلة المنتوجات التي لا حاجة لها.
شركات الأدوية.. علاج أم سرقات؟
يشير المؤلف في دراسته ما بدأه في المقدمة، ليؤكد أحقية الفرد على
مجتمعه في العلاج مهما كان النظام اشتراكيا، أو رأسمالياً، أو إسلامياً. لكن
الرأسمالية جعلت كشف المرض وتقديم العلاج سلعة، ليس المرضى فقط، وإنما أيضا
للأصحاء بإيهامهم بالمرض، مما أدى لإمراضهم بالأدوية كما علاج الأمراض النفسية؛ مما أدى إلى تلاعب الشركات
الرأسمالية، من خلال إيجاد سمات تثقيفية تسويقية للأدوية، باستخدام الدعايات وما
تصوره من سعادة للمرضى بعد تناول الأدوية المعلن عنها، إضافة إلى عمليات بعض
الظواهر الطبيعية على أنها مرض بذريعة توعية الناس (ص114) .
كما أن عمليات إغواء الأطباء من قبل شركات الأدوية وأحوال المستشفيات
الخاصة، ولا تقوم به من تطويل لمدة المرض بغرض استمرار المريض في مراجعة المستشفى
قدر المستطاع، واحالة شركات التأمين، ورفضها تقديم العلاج لارتفاع التكلفة
والاستعانة بالعلاج الأقل تكلفة، فقد تحول تعليم الطب تدريجياً؛ بسبب دعم شركات
الأدوية إلى منهج تعليمي يعتمد على المنتجات الطبيعية الذي تنتجه الشركات الدوائية.
وأخيراً.. أثار المؤلف مرة أخرى موضوع الأدوية مع تطبيق الشريعة، على
قاعدة أن المعرفة مشاعة إن طبقت الشريعة، وليس محتركة لمن ابتكرها كما هو الحال مع تطبيق النظم البشرية، مستعيناً
بحديث الرسول الله صل الله وعليه وسلم" من كتم علماً يعلمه جاء يوم القيامة
ملجما يلجام من النار"، فالشريعة حثت
الناس على نشر العلم، ولكنها لا تفرض ذلك عليهم فمن أراد الأجر والعقاب نشر علمه،
ومن بخل بعلمه على الناس لأنه أوجد وصفة
الدواء مثلاً، وانفق عليها أموالاً طائلة، وسهر على اكتشافها أو ابتكارها عشرات
السنين فهذا شأنه وحسابه على الله، أما، وان استطاع أحداً فك سر هذا الدواء فإن
ذلك لا يعد سرقة.
هذا الكتاب غني بالأفكار، وانتقى المؤلف كلماته بعناية شديدة واختصار
كبير دون المساس بجوهر الفكرة التي يريد إيصالها، لذلك فإنني أنصح جميع الباحثين
بقراءة هذا الكتاب، وأدعو نفسي والباحثين إلى قراءة كتاب قص الحق "فكيف لكتاب
مقدمته براءة الإسلام من براءة الاختراع ديمقراطية أم تمكين؟؟ أن يكون؟؟!!