نشر موقع "أوريون21" الفرنسي تقريرًا، سلط فيه الضوء على دعم حركة أمل وحزب الله الشيعية لزعيم الطائفة "المارونية" لشمال
لبنان سليمان
فرنجية، للترشح للانتخابات الرئاسية اللبنانية المقبلة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن اللبنانيين ظلوا منذ عدة أشهر في حالة ترقب حول من سيكون مرشح
حزب الله في السباق على رئاسة البلاد، وكان يتردد اسمان على ألسن الجميع: جبران باسيل، صهر رئيس الدولة الأسبق ميشال عون وزعيم التيار الوطني الحر، وزعيم زغرتا، الماروني سليمان فرنجية، ليضع الأمين العام للحزب الشيعي حسن نصرالله، في 6 آذار/ مارس 2023، حدًا للتشويق من خلال دعم فرنجية.
خريطة حزب الله
وأضاف الموقع أنه منذ خروج ميشال عون من قصر بعبدا (مقر الرئاسة)، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، فإن جميع الجلسات النيابية المختلفة لإيجاد خليفة له لقيت نفس المصير: عدم حصول أي مرشح على أغلبية الثلثين من أصوات النواب (86 صوتًا).
الآن؛ يراهن "حزب الله" الموالي لإيران على زعيم زغرتا ليصبح رئيس الدولة في المستقبل، وهو ما ينذر بزلزال صغير في الساحة السياسية اللبنانية.
وأوضح الموقع أنه منذ اتفاقات الطائف (1) في سنة 1989؛ تقلصت باستمرار مهام الرئيس الذي يجب أن يكون مارونيًا، وتتمثل مهامه الرئيسية في المشاركة في تشكيل الحكومة، ودعوة وتوجيه المجلس الأعلى للدفاع.
اظهار أخبار متعلقة
على خطى جده
وذكر الموقع أن سليمان فرنجية ولد سنة 1965 في زغرتا في شمال لبنان في مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 50000 نسمة، معظمهم من الموارنة، وينحدر من عائلة أرستقراطية إقطاعية كبيرة، ونشأ في بيئة حزبية. فوالده توني فرنجية كان يترأس تيار المَرَدَة، نسبة إلى المَرَديين، وهم مجتمع مسيحي منذ عهد الخلافة العباسية، عمل أعضاؤه كمرتزقة في الإمبراطورية البيزنطية.
في العاشرة من عمره، بدأت الحرب الأهلية اللبنانية متعددة الأوجه، خاصة الخلافات بين المسيحيين بين لواء المردة والقوات اللبنانية، وأسفرت إحدى الغارات عن مقتل والده توني ووالدته فيرا وشقيقته جيهان، وهكذا عاش يتيمًا، وتلقى الرعاية على يد جده سليمان، رئيس لبنان الأسبق من 1970 إلى 1976، وكان قريبًا جدًا من الرئيس السوري حافظ الأسد، الذي أقام معه علاقات في أواخر الخمسينيات.
في أعقاب اتفاق الطائف سنة 1989، تم إضفاء الشرعية على الإشراف السوري في جميع أنحاء الأراضي اللبنانية، وبفضل علاقاته الطيبة مع دمشق؛ حصل سليمان فرنجية على حقيبته الحكومية الأولى عام 1990 في ظل حكومة عمر كرامي، وأصبح نائبًا عن حزبه المردة في معقل العائلة عام 1991، وكان اغتيال رفيق الحريري في 14 شباط/ فبراير 2005 تحت وزارته، وبسبب صداقته مع بشار الأسد، تم تصنيفه من الشخصيات المؤيدة لدمشق، ويتمتع اليوم بشعبية في شمال لبنان، ولديه علاقة جيدة مع السكان السنة في طرابلس، وتربطه علاقات أخوية مع منطقة الكورة التي يقودها الحزب السوري القومي الاجتماعي.
اظهار أخبار متعلقة
رفض "المارونية السياسية"
ولفت الموقع إلى أنه -وبوساطة البطريرك بشارة الراعي- وقّع العدوان الزعيمان المارونيان السابقان لشمال لبنان، سمير جعجع وسليمان فرنجية، وثيقة مصالحة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
وتابع الموقع قائلًا إنه في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020، استنكر سليمان فرنجية التحقيق الذي يعتبره "مسيسا"، وشن هجومًا عنيفًا على القاضي، والأسوأ من ذلك أنه سيشارك مع حزب الله وحركة أمل في مظاهرة 14 تشرن الأول/ أكتوبر 2021 أمام محكمة بيروت؛ للمطالبة باستقالة هذا القاضي، وهو التجمع الذي تحول إلى اشتباكات مسلحة بين المليشيات، أسفرت عن مقتل عدة أشخاص في شوارع العاصمة اللبنانية.
وبالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتم انتقاد زعيم المردة؛ بسبب صلاته السياسية بالمحور الإيراني السوري وتمثيله الضعيف داخل المجتمع المسيحي. وفي الواقع، فإن سليمان فرنجية ليس من أنصار الموارنة السياسيين، مثل سمير جعجع أو جبران باسيل، بل نادرًا ما يذكر انتماءه الطائفي، ويطلق على نفسه اسم "علماني".
تحت رحمة تسوية إيرانية سعودية؟
وحسب الموقع، لا شيء يحدث في لبنان من دون موافقة القوى الإقليمية، فالمعسكر السني لن يصوت لسليمان فرنجية دون موافقة الرياض، إذ إنه بعد دقائق قليلة من إعلان حزب الله اختياره الانتخابي لزعيم المردة، عبّر السفير السعودي المؤثر للغاية في لبنان في تغريدة عن معارضة بلاده لترشيح زعيم زغرتا، ولكنْ -بحسب بعض الشائعات- لن تكون السعودية ضد انتخابه، شرط أن يختار نواف سلام المندوب الدائم السابق للبنان لدى الأمم المتحدة رئيسًا للوزراء.
ورأى الموقع أنه قد يؤدي التقارب الأخير بين طهران والرياض بوساطة بكين إلى إعادة توزيع الأوراق في لبنان، وبالتالي تفضيل تسوية بين القوتين الإقليميتين. علاوة على ذلك، كان زعيم حزب الله من أوائل الذين ردوا على إعلان تبادل السفراء في المستقبل بين طهران والرياض، حيث قال حسن نصر الله إن هذا التطور المهم قد يفتح آفاقا في جميع أنحاء المنطقة، وكذلك في لبنان.
ووفق الموقع، فبغض النظر عن التردد السعودي، يمكن لسليمان فرنجية الاعتماد على سوريا وإيران، وأيضًا على روسيا. ففي رحلة إلى موسكو في آذار/ مارس 2022؛ للقاء وزير الخارجية الروسية، سيرجي لافروف، انتقد الرجل من زغرتا الموقف الرسمي للبنان، ودعا بيروت للوقوف إلى جانب فلاديمير بوتين في صراعها ضد أوكرانيا.
هذا ويعتبر المرشح من شمال لبنان، البالغ من العمر 57 سنة، رجلًا مثيرًا للانقسام على الساحة اللبنانية وعلى الساحة الإقليمية، فتحالفه مع حزب الله وسوريا الأسد جعله منبوذاً من أطراف عديدة من المعارضة.
وختم الموقع تقريره بالقول إنه قبل التوصل إلى حل وسط بشأن انتخاب عون في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، عاشت البلاد عامين ونصف دون رئيس، وشهدت 46 جلسة برلمانية فاشلة.
شيء واحد مؤكد: في لبنان، بحسب الموقع، لا يمكن أن يكون هناك رئيس دون أن يحظى بموافقة مسبقة من الجيران الإقليميين الذين يؤثرون على شؤون بيروت، مثل إيران والسعودية وسوريا، وأيضًا القوى الغربية مثل فرنسا والولايات المتحدة، لذلك فإن زعيم زغرتا يعرف ما يجب فعله: إثبات أنه لن يكون فقط مرشح حزب الله ودمشق.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)