قالت صحيفة
نيويورك
تايمز؛ إن
اليمن بات أمام بصيص أمل، بعد مقتل مئات الآلاف، والتشريد، نتيجة الحرب
المستمرة منذ 8 سنوات، بعد تحقيق انفراجة بين أطراف الحرب، والمحادثات باتت مختلفة
عن أي جولات سابقة.
وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن الفرق بين هذه
المفاوضات وتلك التي جرت في السنوات الماضية، أنها ليس في ساحة المعركة ويخشى بعض
المحللين من أن المحادثات قد تؤدي ببساطة إلى مرحلة مختلفة من الصراع المعقد.
وبدلا من ذلك، فإن العامل الذي يلفت الانتباه هو التقارب المفاجئ الشهر الماضي
بين قوتين إقليميتين؛
السعودية وإيران.
ولسنوات، غذى الخصمان
صراعا بالوكالة أدى إلى تفاقم الحرب في اليمن، مما أدى إلى مقتل أكثر من 350 ألف شخص، كثير
منهم بسبب الجوع، في ما كان أصلا أفقر دولة في المنطقة. لكن المحادثات الأخيرة
بين إيران والسعودية خلقت تفاؤلا.
وظل القتال في اليمن
هادئا نسبيا في الأشهر الأخيرة، على الرغم من انقضاء الهدنة في تشرين الأول/
أكتوبر، انخرط الطرفان في محادثات سلام بوساطة عمان المجاورة، لكن تلك
الاجتماعات استمرت دون نهاية واضحة تلوح في الأفق حتى هذا الشهر.
وصرح هانز غروندبرغ،
مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، لوكالة أسوشيتيد برس يوم الأحد، أن "اليمن هو
الأقرب الآن لتحقيق تقدم حقيقي نحو السلام الدائم".
أما بالنسبة للمفاوضات
هذا الأسبوع، فقد جمعت في العاصمة اليمنية، صنعاء، السعودية التي تقود تحالفا عسكريا
تدخل في اليمن في عام 2015 والحوثيين، المدعومون من إيران، الذين يسيطرون على
العاصمة والشمال الغربي لليمن.
إظهار أخبار متعلقة
ونشرت وكالة الأنباء
اليمنية (سبأ) التي يديرها الحوثيون، الأحد، صورا لوفدين عماني وسعودي يلتقيان
بمهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين.
وكتب محمد البخيتي،
المسؤول الحوثي، على تويتر يوم الأحد: "من الواضح أن أجواء السلام تخيم على
المنطقة، مما يشجع التفاؤل والأمل".
قال أحمد ناجي، المحلل
الكبير المختص باليمن في مجموعة الأزمات الدولية؛ إن وفودا سعودية زارت صنعاء من
قبل، لكن مع اتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية، هناك
"زخم جديد في المنطقة".
في مقابلة، قال
البخيتي: "على عكس المرات السابقة، شعرنا بجدية من السعودية".
وقال سفير السعودية في
اليمن، محمد الجابر، على تويتر؛ إنه جاء إلى صنعاء لإجراء محادثات "لتثبيت
الهدنة ووقف إطلاق النار"، و "استكشاف سبل الحوار" التي يمكن أن
تصل إلى حل سياسي شامل للبلاد.
قالت ندوى الدوسري،
باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط؛ إن مجلس القيادة الرئاسية اليمني الذي
يشرف على الحكومة المعترف بها دوليا، قد تم استبعاده في الواقع من تلك
المفاوضات.
أما الأهداف الفورية
فهي أساسية. وقال البخيتي؛ إن المفاوضين يسعون لإعادة الهدنة والانسحاب الكامل
للقوات الأجنبية من اليمن.
ويريد المفاوضون أيضا
تمهيد الطريق لمحادثات أوسع لحل الصراع السياسي، متعدد الأوجه وإصلاح
الاقتصاد اليمني المدمر.
ومن المرجح أن تتضمن
الاتفاقية إقناع السعودية للحكومة اليمنية المتحالفة معها لتسهيل دفع رواتب موظفي
الخدمة المدنية اليمنيين، الذين ظلوا دون تعويض منذ سنوات، وغالبا ما يكونون
المعيل الرئيسي لأسرهم. ومن شأن ذلك أن يرفع العبء على وكالات الإغاثة الإنسانية،
التي تكافح من أجل خدمة ملايين اليمنيين الجوعى الذين هم في أمس الحاجة إلى دعم الأمن الغذائي.
ويمكن أن يفتح الاتفاق
أيضا المزيد من الرحلات الجوية من مطار صنعاء، مما يسمح لآلاف الأشخاص بالسفر
للعلاج المنقذ للحياة، ورفع القيود المفروضة على الموانئ، وتوفير المزيد من
السلع الأساسية وتخفيف التضخم، كما قد يسمح باستئناف صادرات النفط اليمنية.
إظهار أخبار متعلقة
وقال البخيتي؛ إنه تم
الاتفاق على بعض هذه القضايا من حيث المبدأ خلال محادثات سابقة في عُمان. وقال: "ما يحدث الآن هو إيجاد آلية للتنفيذ".
ومع ذلك، فإن حرب
اليمن أعمق من القتال بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين، ومن شأن
الاتفاق بين الجماعتين أن يضفي شرعية حتمية على
الحوثيين.
وقالت الدوسري:
"الحوثيون لن يتخلوا عن طموحهم في حكم الجمهورية اليمنية كله. بمجرد خروج السعوديين،
سيتوسع الحوثيون عسكريا لإعادة تأكيد ما يرون أنه حقهم في ممارسة السيطرة على
البلاد".
أما بالنسبة للوضع
الإنساني، فحتى قبل الحرب الأهلية في اليمن، كانت اليمن أفقر دولة عربية. لكن الصراع أدخل
اليمنيين في أزمة إنسانية ربما تكون الأسوأ في العالم، ودفع بالبلاد إلى حافة
المجاعة، يحتاج حوالي 24 مليون شخص – 80% من سكان اليمن - إلى مساعدات إنسانية،
وفقا للأمم المتحدة، وقد نزح ملايين الأشخاص.
أما بالنسبة لأهمية
الانفراج بين السعودية وإيران، فعلى الرغم من أن الحرب تنطوي على أكثر من مجرد
صراع بالوكالة، إلا أن التوترات بين السعودية وإيران -التي اتُهمت مرارا بتزويد
الحوثيين بالأسلحة- أدت دورا رئيسيا. والآن، تعمل السعودية على تنمية علاقات
أوثق مع إيران؛ في محاولة لتخفيف التوترات الإقليمية.
وقال ناجي: "كل
من الرياض وطهران حريصتان على إثبات أن جهودهما الدبلوماسية كانت مفيدة في تحقيق
الهدوء في اليمن. إنهما تريدان النجاح في هذا المسعى".
يتوق المسؤولون
السعوديون إلى إنهاء تدخلهم العسكري في اليمن، الذي كان مكلفا ومضرا بسمعة
المملكة الدولية. علاوة على ذلك، تسببت الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة
التي شنها الحوثيون على الحدود الجنوبية للسعودية، في مقتل العشرات من المدنيين
وتدمير البنية التحتية.
وقال ناجي: "يبدو
أن السعوديين في عجلة من أمرهم للتوصل إلى اتفاق، دون إعطاء الكثير من الوقت
لمناقشة هذه التفاصيل المهمة، التي يمكن أن تخلق انقسامات كبيرة في وقت
لاحق".