نشرت صحيفة
"
تلغراف" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن توقعات
صندوق النقد الدولي
المثيرة للاهتمام بشأن انخفاض أسعار
الفائدة مرة أخرى بعد انقشاع سحابة التضخم
الحالية، ولكن يبدو أنه كان مخطئًا ذلك أن أسعار الفائدة تشهد ارتفاعًا متواصلًا.
وقالت
الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن توقّعات صندوق النقد
الدولي لهذه السنة تشمل تراجع أداء
الاقتصاد البريطاني ليكون الأسوأ بين دول
مجموعة السبع، لكن لا يوجد إلى الآن مؤشرات على ذلك. وهذا ليس المثال الوحيد، ذلك
أن سِجل
صندوق النقد الدولي يزخر بالتوقعات غير الصحيحة.
وذكرت الصحيفة
أن صندوق النقد الدولي سبق أن توقع انخفاض أسعار الفائدة بعد انتهاء مخاوف التضخم
الحالية، لكن هناك تساؤلات حول مدى صحة هذه التوقعات وسط تواصل ارتفاع أسعار
الفائدة.
اظهار أخبار متعلقة
يعتقد أغلب
الناس أن نظام سعر الفائدة الحالي مُقدّر وحتمي، ولكن الأمور ليست بهذه البساطة.
في الواقع، يجب أن يضع جميع العاملين في الأسواق المالية وأولئك الذين يتأثرون
بتقلباتها مخططًا لتاريخ أسعار الفائدة بشكل مستمر أمامهم. ويكمن الحل في التعرف
على الوقت الذي يوشك فيه نظام الفائدة على التحوّل إلى نظام آخر. ويخوض صانعو السياسات
حاليًا معركة لخفض التضخم، ولا نعرف بعد إلى أي مدى سينجحون في ذلك. ولكن السؤال
الأكثر أهمية هو ماذا سيحدث بعد ذلك؟
وحسب الصحيفة،
تعتمد جهود الحد من التضخم على تخطي النظام الذي ساد بعد الأزمة المالية العالمية
وحتى التشديد السياسي الأخير. ويعتقد صندوق النقد الدولي أننا لم نتخط هذه الأزمة
بعد.
بالعودة إلى
تاريخ أسعار الفائدة العالمية الحقيقية، ستلاحظ انخفاضا ملحوظًا منذ سنة 1990 وصولا إلى فترة الجائحة. وخلال هذه
السنوات، سُجل ضعف مستمر في الطلب واجهه صناع السياسات بخفض أسعار الفائدة معززة
أحيانًا بالتيسير الكمي، الذي ينعكس على سندات العائدات المنخفضة.
ما هو سبب ضعف
الطلب الإجمالي؟
أوضحت الصحيفة
أن تباطؤ الاستثمار الحقيقي من قبل الشركات ولّد ميلا متأصلا نحو الادخار العالي.
وكان لهذه القصة جانب دولي ومحلي: على الصعيد الدولي ظهر عجز كبير في الحسابات
الجارية بين كبرى الدول إذ حققت الصين ومجموعة من الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو
فائضًا ضخمًا ومستمرًا، وكذلك اليابان والدول المنتجة للنفط وألمانيا. وبعد اعتماد
اليورو، سجّلت منطقة اليورو ككل فائضًا اقتصاديًا كبيرًا.
أما على الصعيد المحلي، كان لبعض العوامل داخل
الدول الغربية تأثيرات رئيسية على غرار انعدام المساواة في الدخل بين السكان؛ ففي
حين يميل أصحاب الدخل المنخفض إلى إنفاق نسبة كبيرة من دخلهم، يميل الأشخاص الأكثر
ثراءً إلى إنفاق نسبة أقل بشكل نسبي. وكان للعوامل الديموغرافية تأثير واضح أيضًا
إذ انتقلت نسبة كبيرة من العمال إلى التقاعد.
وأضافت
الصحيفة أن الأزمة المالية العالمية لسنة 2007 و2009 زادت الوضع تعقيدًا. أولا،
تسببت مرحلة ما بعد الأزمة في تشديد الرقابة على البنوك ما جعل الإقراض أصعب
بالنسبة للعديد من المقترضين المحتملين. ثانيًا، أثار الارتفاع الهائل في نسب
المديونية قلق العديد من الحكومات، بما في ذلك الحكومة البريطانية، مما دفعها إلى
تشديد السياسة المالية. ولم يتوقع أحد تقريبًا أن يكون لهذه العوامل تأثير على
المشهد الاقتصادي، بما في ذلك صندوق النقد الدولي. وهذا من شأنه أن يجعلنا حذرين
حاليا من قبول الرأي السائد حول مستقبل أسعار الفائدة.
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت
الصحيفة إلى أن هناك بعض الأسباب الوجيهة التي تجعل إمكانية العودة إلى نظام أسعار
الفائدة الحقيقية المنخفض في السنوات المقبلة أقل ترجيحًا، أبرزها وأكثرها أهمية
العامل الديموغرافي. ففي معظم أنحاء العالم الغربي وكذلك معظم الدول الآسيوية،
يتقدم السكان في السن ما يؤثر على التركيبة السكانية. ويعني تقاعد نسبة هامة من
السكان التحوّل من ذروة الادخار إلى الادخار السالب. وسيحدث ذلك حاليا على نطاق
واسع في العديد من البلدان، بما في ذلك الصين ومعظم الدول الأوروبية. يكمن الخطر
في أن يؤدي انخفاض عدد السكان إلى ضعف إنفاق الاستثمار، كما حدث في اليابان.
وأضافت
الصحيفة أنه بمجرد أن يقلل العالم استخدامه للوقود الأحفوري بشكل كبير، ستنتهي
ظاهرة الإفراط في الادخار وفائض الحساب الجاري الهائل للدول النفطية ما يعني
العودة إلى سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية والتيسير الكمي، وذلك حسب صندوق
النقد الدولي. لكن نظرًا للمغالطات والمخاطر التي أحدثتها هذه السياسة، فإن العودة
إلى هذه السياسة دون تفكير سيكون بالتأكيد قرارًا غير حكيم.
قد يكون الحل البديل
محاولة دعم الطلب من خلال سياسة مالية أكثر تساهلاً، بما في ذلك استثمار مبالغ
طائلة في البنية التحتية. ولا شك أن هذا الخيار قد يواجه بعض العراقيل في معظم
الدول الغربية، بسبب ارتفاع مستويات الدين العام المثيرة للقلق بالفعل.
وذكرت الصحيفة
أن تحفيز الاستثمار التجاري قد يكون حلا بديلا آخر مع تخفيف القيود والإصلاح
الهيكلي الجذري لكل شيء بدءًا من الأنظمة التخطيطية إلى تبني خطط تسعير الطرق،
التي ستحدث تحولاً جذرياً في سوق النقل. وتصميم مثل هذا البرنامج والعمل على
تنفيذه سيمثل تحديًا حقيقيًا للحكومات.