أثار قرار
القضاء التونسي سجن رئيس حركة النهضة ورئيس مجلس النواب المنحل
راشد الغنوشي ردود فعل محلية ودولية منددة، حيث طالبت عديد الجهات بإطلاق سراحه.
ونددت حركة النهضة بإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيسها الغنوشي الموقوف على ذمّة قضية التآمر على أمن الدولة على خلفية تصريحات له في اجتماع لجبهة الخلاص الوطني.
واعتبرت الحركة في بيان أن هذا القرار الذي وصفته بالظالم، هو قرار سياسي الغاية منه التغطية على "الفشل الذريع لسلطة الانقلاب في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية للمواطنين والعجز عن معالجة الأزمة المالية الخانقة".
وقالت الحركة إن "التنكيل برمز وطني قضى ردحا من عمره في مقاومة الدكتاتورية والنضال السلمي من أجل الحريات والديمقراطية ووصل إلى رئاسة البرلمان بالانتخابات العامة والحرة، لن ينقذ البلاد من أزماتها المعقدة ولن يَفُتّ في عضد المعارضين الشرفاء".
وأكدت أن مضمون تلك التصريحات محل محل التتبع العدلي ليس فيه أية دعوة للتحريض ولا يمس البتة من السلم الأهلية وأن الاتهام تعمد اجتزاء المداخلة لتبرير الإيقاف، بحسب ما جاء في البيان.
بدوره، اعتبر رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي أن "إحالة أهم شخصية سياسية، بحكم موقعها وحضورها في مقدمة المشهد السياسي التونسي لأكثر من أربعين سنة، بناء على رأي أدلى به بمناسبة ندوة فكرية حوارية نظمتها جبهة الخلاص، إنما يدل على انهيار حالة الحريات في البلاد والذي انتهى إلى تجريم حرية الرأي والتعبير والنشاط السياسي السلمي".
وقال الشابي في بيان صادر باسمه إن "إيقاف الشيخ راشد الغنوشي ورفاقه يأتي في سياق حملة طالت أكثر من عشرين شخصية معارضة بتهم باطلة وفي غياب أدنى حجة على سبب احتجازها لمدة تزيد على الشهرين، كما تأتي في سياق غلق مقرات الأحزاب السياسية وحضر نشاط جبهة الخلاص الوطني دون إذن قضائي وبناء على أحكام الأمر المشؤوم عدد 50 لسنة 1978 والذي يكفي التذكير بتاريخه (26 كانون الثاني/ يناير 1978) للدلالة على أهدافه وللظروف الدموية التي جاء فيها بهدف إخضاع البلاد للقبضة الحديدية التي لم تحل دون سقوط أصحابها سقوطا مدويا.
واعتبر أن "هذه الإجراءات أثارت موجة عارمة من الاحتجاجات في الداخل والخارج تناقلتها كل وسائل الإعلام العالمية وأدانتها كل القوى الصديقة للشعب التونسي وأنصار الديمقراطية في العالم والتي واجهتها السلطة بلغة خشبية تدل على عدم إدراكها لقوانين الحياة السياسية وحقيقة العلاقات الدولية".
وطالبت جبهة الخلاص الوطني بالإطلاق الفوري لسراح الشيخ راشد الغنوشي وكافة المعتقلين السياسيين، محملة السلطة كل المسؤولية عن ما قد يصيبه من أذى وهو شيخ الثمانين الذي يعاني من أمراض مزمنة (ارتفاع ضغط الدم خاصة) يمكن أن تعرضه لحادث دماغي في ظروف السجن المقيتة والمشينة، بحسب البلاغ.
وأعرب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن "استنكاره الشديد لسجن رئيس حزب النهضة، ورئيس البرلمان المنحل، المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ راشد الغنوشي"، مطالبا بإطلاق سراحه وسراح جميع المعتقلين السياسيين فورًا.
وطالب الاتحاد في البلاغ السلطات التونسية بتجنب الاعتقالات السياسية وإطلاق سراح جميع السياسيين فورا، داعيا جميع الأطراف إلى إعلاء مصلحة الشعب التونسي الشقيق، وتغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد والاجتماع على الخروج من الأزمة التونسية المعقدة والضخمة.
واعتبر أن اعتقال راشد الغنوشي - وهو قد تجاوز عمره الثانية والثمانين - وإيداعه بالسجن بعد يومين من اعتقاله، ومن قبل اعتقال عدد كبير من السياسيين واستمرار سجنهم؛ يعد تجاوزا خطيرا لكل القيم الدينية والقانونية، وإمعانا في التنكيل بالسياسيين وتكميم أفواه المعارضين، وإيذانا بالعودة الكاملة إلى النظام الاستبدادي والحكم الفردي الذي يأباه الإسلام الحنيف وكافة الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، بحسب البيان.
وفي ردود الفعل الدولية، اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، أن توقيف رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي "تصعيدا مقلقا من الحكومة ضد مَن تتصورهم خصومها".
وقال نائب متحدث الخارجية الأمريكية فيدانت باتل، في بيان، إن "توقيف الحكومة التونسية لخصومها السياسيين ومنتقديها يتعارض بشكل جوهري مع المبادئ التي اعتمدها التونسيون في دستور يضمن بشكل صريح حرية الرأي والفكر والتعبير".
وتابع باتل: "توقيف الرئيس السابق لمجلس نواب الشعب راشد الغنوشي وإغلاق مقر حزب النهضة وحظر اجتماعات بعض الجماعات المعارضة، وإيحاء الحكومة بأن هذه الإجراءات تستند إلى تصريحات علنية، هي إجراءات تمثل تصعيدا مقلقا من الحكومة ضد مَن تتصورهم خصومها".
وشدد على أن "التزام الحكومة التونسية باحترام حرية التعبير وحقوق الإنسان الأخرى يتخطى أي فرد أو حزب سياسي وهو ضروري لديمقراطية نابضة وللعلاقات بين الولايات المتحدة وتونس".
بدوره، أعلن نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية فولفغانغ بوشنر، أن بلاده تتابع بقلق بالغ التطورات السياسية الداخلية في تونس، قائلا: "نشهد تآكلا للهياكل الديمقراطية وتزايد التضييق لدور المجتمع المدني".
واعتبر أن اعتقال رئيس حزب النهضة التونسي، راشد الغنوشي، يعتبر جزءا من سلسلة مثيرة للقلق من الاعتقالات لممثلي المعارضة التونسية والصحفيين والناشطين هذا العام.
وأضاف أنه "من الواضح أن جميع الحقوق والحريات الديمقراطية التي اكتسبها الشعب التونسي من خلال نضاله الشجاع في 2011 أصبحت الآن عرضة للخطر".
وجدد ممثل الحكومة الألمانية دعوته للحكومة التونسية من أجل احترام المبادئ العامة لدولة القانون والحق في محاكمة عادلة وحرية التعبير، قائلا: "يجب أن تستمر إتاحة التعددية السياسية في تونس".
وأعربت ماليزيا، الخميس، عن "قلقها العميق" من التطورات السياسية الأخيرة في تونس، إثر الحكم بسجن رئيس حزب النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي.
اظهار أخبار متعلقة
وقال وزير الخارجية الماليزي زامبري عبد القادر، في بيان، إن بلاده "تتابع التطورات في تونس" بما في ذلك الحكم بسجن الغنوشي.
وأوضح أن "التطورات شأن داخلي لتونس"، لكنه طلب من السلطات التونسية منح "اعتبارات خاصة" لزعيم حزب النهضة الغنوشي (82 عاما).
وأضاف: "نظرا لصحته وتقدمه في السن، فإننا ندعو لأخذ اعتبارات خاصة لراشد الغنوشي في شهر رمضان المبارك".