اهتمت الصحف العبرية بالحديث عن التطورات
السياسية الحاصلة في الشرق الأوسط، بعد زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن
فرحان لسوريا ولقاء زعيم النظام السوري بشار الأسد، مؤكدة أن "
إسرائيل"
أمام شرق أوسط "جديد وخطير" من المتوقع أن يغير ميزان القوى.
"يديعوت"
وأوضحت "يديعوت أحرونوت" في
افتتاحيتها التي كتبتها سمدار بيري، أن دول العالم "ستتابع باهتمام كل
التفاصيل؛ الصغيرة والكبيرة، وستبحث عن معان خفية في محاولة لانتزاع معلومات عن
اللقاء المغلق الذي سيعقد الشهر القادم في
السعودية، ويجمع بين الأسد والملك سلمان
بن عبد العزيز ونجله، ولي العهد محمد بن سلمان؛ الحاكم الحقيقي".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أن عودة علاقات سوريا مع السعودية
"هي النقطة التي تلعب دورا أساسيا، وللإيرانيين توجد مصلحة دائمة في سوريا، ترتبط
بمعظمها بإسرائيل، كما أن العلاقات مع
إيران هي موضوع استراتيجي لدول عديدة في
المنطقة، وفي الآونة الأخيرة وقعت "
المصالحة الكبرى" بين الرياض وطهران،
علما بأن الدعم السعودي لسوريا سيعزز هذه العلاقة، وزيارة الأسد ستغير ميزان القوى في
الشرق الأوسط؛ فالطريق إلى الشرعية لم يعد يمر عبر القاهرة، بل عبر الرياض،
والسعودية تموضع نفسها كقوة رائدة في المنطقة؛ المال يتحدث في النهاية".
ونوهت الصحيفة، إلى أن "مصر تحاول أن تبقى
ذات صلة، وسبق أن أعلنت بأنها ستأخذ على عاتقها حملة إعادة بناء سوريا بعد سلسلة
هزات أرضية، والإمارات ستمول معظم المشروع، وكل هذا يحصل بينما يحرص الأسد على أن
يلعب دور من لا ينثني أو مستعد للتنازلات، وفي هذه الأثناء تسير له الأمور بشكل
لا بأس به"، منوهة إلى إمكانية أن "تلين" قطر بشأن موقفها من عودة
سوريا لجامعة الدول العربية.
ورأت أنه "مهم لإسرائيل أن تفهم أن شرق
أوسط جديدا يبنى أمام ناظرينا، وفي حال حصلت كل التوافقات وصمدت، من شأننا أن نرى
شرق أوسط بنجومية السعودية، التي بدأت بالاقتراب من إيران، مع مسارات التفافية على
الولايات المتحدة".
وبحسب "يديعوت": "السؤال
الأكبر؛ كيف سيؤثر كل هذا على علاقات إسرائيل والدول العربية؟ حاليا لا يوجد تردٍ
في منظومات العلاقات مع الدول المجاورة، حيث لا يمكن تجاهل الدعوات لإبادة إسرائيل
والتي تخرج الآن من طهران".
وأضافت: "السؤال الكبير؛ كم سترغب
السعودية في الاستثمار في هذه العلاقة على حساب إسرائيل؟ الأمر الوحيد الذي يمكن
لإسرائيل أن تفعله كي توقف تحسين العلاقات تجاه أعدائها؛ أن تبادر لخطوة هامة مع
الفلسطينيين، واحتمال أن يحصل هذا مع الحكومة الحالية هو صفري".
"إسرائيل اليوم"
من جانبها، أوضحت صحيفة "
إسرائيل
اليوم" في مقال كتبته مراسلتها شيريت افيتان كوهن، أن "تغييرات تكتيكية
وتحالفات جديدة تطرأ على العلاقات بين الدول في الشرق الأوسط، وهذه انعطافة تخلق
مرحلة جديدة في هامش القوات في المنطقة"، منوهة إلى أن "تل أبيب تتابع عن
كثب التطورات السياسية في المنطقة وخريطة المصالح كثيرة الأذرع، التي يوجد فيها
للصين وإيران دور متزايد، مقابل الولايات المتحدة، التي توجه الوسائل والمقدرات
باتجاه الحرب الروسية الأوكرانية، مخلفة فراغا يحتله آخرون".
وأشارت إلى أن تطور وعودة علاقات سوريا الأسد
مع العديد من الدول العربية ومنها؛ الإمارات، البحرين، الأردن، الجزائر، تونس، مصر
والسعودية، يأتي "كخطوة لترسيم عودة سوريا لحضن الدول العربية"، منوهة إلى أنه بالتزامن مع هذه التطورات، "استقبلت السعودية بعد قطيعة، وفد حركة حماس
برئاسة إسماعيل هنية".
وقال لـ"إسرائيل اليوم" أساف أوريون،
وهو باحث كبير في "معهد بحوث الأمن القومي" الإسرائيلي: "في نظرة
تاريخية واسعة، تعد هذه مرحلة جديدة توقف فيها الدولاب منذ الربيع العربي"،
مضيفا: "نرى اليوم نوعا من إعادة التنظيم، المصمم الأساس لها هو أن الولايات
المتحدة تركز على أجزاء أخرى من العالم".
وبحسب أوريون، "المفهوم في الشرق الأوسط،
أن تراجع الاهتمام الأمريكي، يدفع الدول إلى أن تخفض خطر إيران عليها، من خلال سلسلة
العلاقات والتهدئة، ومثال على ذلك؛ استئناف العلاقات الإيرانية – السعودية، إضافة
إلى تنويع المساند من القوى العظمى، مثلما تعمل بضع قوى في المنطقة".
ونوه إلى أن "الصين لا تعرض ضمانات أمنية
مثل واشنطن، فهي تعمل بأداتها المفضلة - الاقتصاد - ومن خلالها تحقق أهدافا
سياسية"، لافتا أن "الولايات المتحدة لا تهجر المنطقة؛ الحقيقة أن
السعودية تقيم علاقات مع الصين، وفي نفس الوقت تطلب ضمانات أمنية من الولايات
المتحدة، وتشتري طائرات من شركة "بوينغ" الأمريكية بعشرات المليارات،
نحن نرى في المنطقة نوعا من تنوع المساند، تكاثر العلاقات، الموردين والحوارات،
لكن ليس تحيزا لطرف ما".
اظهار أخبار متعلقة
وقالت الصحيفة: "ليس فقط إيران والصين، بل
وإسرائيل أيضا اتخذت خطوات هامة للغاية في تغيير الخريطة منذ التوقيع على
"اتفاقات إبراهيم" (التطبيع)، إسرائيل "تتحدث مع الكل"، رسميا
مع الإمارات، وغير رسمي مع دول أخرى في محاولة لتوسيع الاتفاقات، كما أن تحسن
علاقات إسرائيل وتركيا، يعيد تصميم خريطة القوى".
وبين أن "الجبهة الأكثر معنى التي تشخصها
إسرائيل هي بالطبع إيران، علما أن محاولات عزلها تضعف، فالاتفاق النووي لم يعد،
لكن أيضا لا توجد عقوبات ذات مغزى في الموضوع، وهي تبدأ في أن تصبح جهة في المنطقة
تسعى الدول قربها كي تقلل المخاطر من ناحيتها".
ونوه أوريون، أنه "يوجد لإيران الكثير من
الثقة بالنفس، هي تشعر بأن العزلة انتهت، وتنشط جدا في العراق، وسوريا وحيال
تركيا، ويحتمل أن تنجح في تهدئة الحرب في اليمن"، مضيفا: "لا يوجد حب
بين إيران والسعودية، توجد ببساطة منفعة في عودة العلاقات بينهما في هذه المرحلة".
وعلى المستوى الأمني، "تلقت إسرائيل عرضا
لمحور؛ إيران، العراق، اليمن، سوريا ولبنان، والذي يرتبط مع الساحة الفلسطينية،
ابتداء من التخطيط والتنفيذ للعملية في "مجدو"، وانتهاء بعشرات الصواريخ
من لبنان نحو إسرائيل"، بحسب "إسرائيل اليوم".
وأكد أوريون، أن "صورة القوة لإسرائيل
تصدعت، وهذا يؤثر على الجانب الأمني وعلى رغبة الدول في المنطقة في توسيع العلاقات
(التطبيع) معنا"، لافتا أنه "تم تشخيص إسرائيل كضعيفة أكثر في هذه
الفترة من ناحية داخلية بعد الاحتجاجات الداخلية وضعف الحكومة في الخارج، وهذه
محفزات لمحاولات متزايدة للعمل ضدها بالذات في هذا الوقت".
وبين أوريون، أن "مقياس قيمة إسرائيل في
اتفاقات التطبيع، مبني من الأمن الذي تعرف كيف تعطيه، وهو يتضمن استعدادا لاستخدام
القوة بما فيها القوة السياسية المتمثلة في العلاقات الاستراتيجية مع
واشنطن"، مضيفا: "هذان أمران يضعفان في الفترة الأخيرة، رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو لا يدعى لواشنطن، وزيارته للإمارات ألغيت، وهذه ليست نهاية
المطاف، لكنها صورة الوضع في هذه اللحظة".
مصدر سياسي إسرائيلي بحسب "إسرائيل
اليوم"، "يصيغ الأمور بشكل مختلف، ويزعم أن التطورات السياسية –
الأمنية هي نتاج إحباط إيراني..، إسرائيل لا تزج يدها إلى الصحن، حتى وإن كان
الإسناد الأمريكي قل، إسرائيل تقيم ممثليات في دول حول إيران مثل؛ أذربيجان،
البحرين، الإمارات وقريبا ستفتح سفارة في تركمانستان".
وأضافت الصحيفة: "مثل المصالح الاقتصادية
مع الصين، تعمل إسرائيل بشكل مشابه على تعميق العلاقات مع الدول التي أقامت معها
علاقات في الماضي؛ مشاريع اقتصادية تتحقق مع الولايات المتحدة، الهند والإمارات،
وبالطبع؛ التوقع للاجتماع السنوي في المغرب لمنتدى النقب في شهر أيار/مايو،
استمرارا للقمة التي عقدت العام الماضي في "سديه بوكر"".
وذكرت أن "النشاط الإسرائيلي، يؤدي
بالإيرانيين لأن يسددوا بالعملة ذاتها ويحاولوا تجنيد حلفاء في المنطقة، هكذا
يقولون في تل أبيب، وهذا هو سبب اتصالاتهم مع السعودية، الإمارات والبحرين".
وتساءلت "إسرائيل اليوم": "ماذا
بالنسبة لإسرائيل والسعودية؟ لا توجد مؤشرات على اختراق إسرائيلي في المنطقة
قريبا، ضمن أمور أخرى، على خلفية شخصية بعض الوزراء الكبار في إسرائيل، ومع ذلك،
في وزارة الخارجية لا يستبعدون هذه الإمكانية".