ما زالت قضية النائب الأردني عماد
العدوان تثير التفاعل في دولة الاحتلال، وآخرها الدعوات الإسرائيلية لتحميل المملكة ما قال عنه الاحتلال إنه "ثمن" تهريب النائب لأسلحة إلى الضفة الغربية، في ظل المفاوضات الجارية للإفراج عنه مع القصر الملكي والخارجية الأردنية، وسط تقديرات بأنه لن يحاكم في دولة الاحتلال، وسيعاد إلى الأردن قريباً، فيما التقاه سفير المملكة داخل السجن.
أرييه إلداد الكاتب اليميني المتطرف زعم أن "قضية العدوان تعيد للأذهان جذور العلاقة بين الحركة الصهيونية والأسرة الهاشمية عبر الاتصالات عشية حرب 1948، وما تلاها من حروب واتفاقية السلام، حيث وقع الأمير فيصل أحد أفراد الأسرة الهاشمية اتفاقية منذ مائة عام مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية، فيما التقت غولدا مائير الملك عبد الله الأول عشية حرب النكبة، مع مزاعم بأن لديهما عدوا مشتركا وهو المفتي أمين الحسيني، وتفاهم بشأن الاعتراف بعد الحرب بوضعهما في الميدان في طريقهما لاتفاقية سلام".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
معاريف" العبرية، وترجمته "
عربي21" أن "مقتل الملك عبد الله بالمسجد الأقصى على يد أحد الفلسطينيين أنهى هذا الفصل من الرواية، ورغم اتفاقيات الهدنة، فقد تسلل أردنيون وفلسطينيون وقتلوا إسرائيليين، وردّ الاحتلال بـ"أعمال انتقامية"، وحتى في هذه السنوات نشأت قنوات اتصال سرية ومباشرة بين الموساد والملك حسين، بمن فيهم رئيس الجهاز أفرايم هاليفي، وفي 1967 انضم الملك حسين لمصر وسوريا، وهاجم إسرائيل، وقصف تل أبيب والقدس، واحتل الفيلق الأردني قصر الحاكم جنوب القدس المحتلة".
وأشار إلى أنه "رغم خوض الأردن حرب الاستنزاف، فقد أنقذته إسرائيل عندما حاول ياسر عرفات السيطرة عليه خلال أحداث أيلول الأسود 1970، ومنعت الغزو السوري لمساعدة فتح، وتم إنقاذ الحسين من العديد من الاغتيالات بفضل المعلومات التي قدمها له الموساد، وعشية حرب الغفران 1973، التقى حسين بغولدا مائير، وحذرها من أن سوريا ومصر على وشك الهجوم، لكنها تجاهلته، وفي الحرب أرسل دبابات لمرتفعات الجولان لمساعدة السوريين، وتم تدمير 22 دبابة، لكن وزير الحرب موشيه ديان أمر بالحفاظ على سرية هذه الحقيقة".
وأوضح أن "الخيار الأردني الذي قاده شمعون بيريس فشل في 1987، ونسفه إسحاق شامير، ومنذ اعتراف الجامعة العربية بمنظمة التحرير ممثلا وحيدا للفلسطينيين، ومع اندلاع انتفاضة الحجارة، فقد تخلت المملكة عن أي اتصال مع الضفة الغربية، لكنها وافقت على رعاية الفلسطينيين في مؤتمر مدريد 1991 كجزء من وفد أردني فلسطيني مشترك، واستمر هذا التمثيل المشترك حتى اكتشف الأردن أن إسرائيل اعترفت بمنظمة التحرير من خلف ظهره خلال اتفاق أوسلو، ما سمح له بتوقيع اتفاق وادي عربة مع إسرائيل في 1994".
وأضاف أن "هذه اتفاقية طالب فيها الأردن بالحصول على "مكانة خاصة" في الأماكن المقدسة في القدس المحتلة، وفي 1997 قتل جندي أردني سبع إسرائيليات، ووصل الملك حسين إلى إسرائيل، وزار العائلات الثكلى، ودفع تعويضات، وبعد بضعة أشهر، تم القبض على عميلي موساد في عمّان حاولا اغتيال خالد مشعل قائد حماس، حيث تضرر الأردن من هذه العملية الفاشلة، ولم يفرج عنهما إلا بعد إطلاق إسرائيل لسراح الشيخ أحمد ياسين، ومنذ ذلك الحين حرص الأردن على تدفيع إسرائيل ثمنا عن كل عمل ترتكبه، ولا يرضيه".
وزعم أنه "في كل مرة استخدمت فيها إسرائيل القوة لقمع المقدسيين، احتفظ الأردن بموظفي قنصليتها "أسرى" لديها، حتى تستسلم، وتقبل الشروط الأردنية، وصولا لإعلان سفيرها في عمان غير مرغوب فيه، ومع مرور الوقت استبدلت العلاقات الشخصية الخاصة مع الملك حسين بالعداء الملحوظ من جانب نجله الملك عبد الله الثاني، وفي عهده يبادر الأردن، ويشارك بكل مبادرة لإدانة إسرائيل، وجرها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، ويرفض الاعتراف بسيادة الاحتلال على المسجد الأقصى، ونظموا الاحتجاجات بعد وضع البوابات الإلكترونية والكاميرات، وصولا لاستسلام إسرائيل، وقبولها بشروطه".
وأشار إلى أن "مجلس النواب الأردني أصبح شديد العداء لإسرائيل، والملك المسيطر على البرلمان لا يتدخل حتى عندما يقول رئيسه إنها "تدنس الأقصى"، رغم أن هناك أهمية استراتيجية للعلاقات مع الأردن بسبب الحدود المشتركة، وهي أطول من أي حدود أخرى".
اظهار أخبار متعلقة
هذا كلام جديد حول مستقبل قضية العدوان على العلاقة الأردنية الإسرائيلية، في ضوء أهميتها الاستراتيجية الخاصة، ما يجعل الإسرائيليين على يقين بأنهم سيطلقون سراحه، ليس لأنه يتمتع بحصانة دبلوماسية، لكن الدعوات الإسرائيلية تتحدث عن ضرورة فرض بطاقة ثمن باهظة على الأردن، تمامًا كما فعل في مناسبات مماثلة، وأهم هذه الأثمان إخراج
الوقف الأردني من المسجد الأقصى.
الدعوات التحريضية الإسرائيلية تصل حد الحديث عن أنه طالما أن الأردن يغطي 75 بالمئة من أراضي فلسطين الانتدابية، وأن 70 بالمئة من سكانه فلسطينيون، فإن ذلك من شأنه عودة الحديث عن "الخيار الأردني"، ما يستدعي من دولة الاحتلال التصرف وفقًا لمصالحها الحقيقية، والتوقف عن ما يعتبره ساستها الخضوع لما يصفونه بـ الابتزاز الأردني.