تتابع الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية سلسلة الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة السورية في الآونة الأخيرة، والجهود الإقليمية التي تحاول إعادتها إلى العالم العربي، بهدف إنهاء الحرب الداخلية، والحدّ من الوجود الإيراني فيها، وسط تقدير إسرائيلي مفاده أن الأسد يسعى للاستفادة من الشرعية المتجددة، لكنه لا يلتزم بأي عمل مقابلها، وبالتالي فكلما زادت هذه العملية ازداد الضغط على إسرائيل.
كارميت فالينسي، رئيسة الساحة الشمالية بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، زعمت في مقال نشرته
القناة 12، وترجمته "
عربي21"، أن "التقييم الإسرائيلي لعودة الأسد للجامعة العربية لا يعني أنه ينوي التخلي عن تحالفه الاستراتيجي الراسخ مع إيران، ما يعني استمرار استراتيجية المعركة بين الحروب التي تشنها إسرائيل ضد جهود حزب الله وإيران لترسيخ وتعزيز وجودها في
سوريا، وقد نفذت إسرائيل خلال أبريل وحده ما لا يقل عن تسع هجمات في سوريا، شملت مقتل ضباط من الحرس الثوري، واستهداف مطارات عسكرية، ما يعني تحويل سوريا ساحة للصراع الإقليمي والدولي".
وأشارت إلى أن "المتابعة الإسرائيلية للحراك العربي الجاري تجاه سوريا تؤكد أن التطورات الأخيرة على ساحتها قد تغير قواعد اللعبة المعروفة، وتؤثر على حرية دولة الاحتلال في العمل في أجوائها، رغم أنه في السنوات الثلاث الماضية وقع أكثر من ثلاثين هجومًا سنويًا إسرائيليا في سوريا، وعندما تم التركيز بشكل أكبر منذ عام 2022 على مهاجمة أهداف النظام السوري، وليس فقط الأهداف المحددة مع إيران ووكلائها، بما شمل تعرض المطارات الدولية في دمشق وحلب للهجوم، وأدت لإغلاقها أكثر من مرة".
وأوضحت أن "عودة الأسد إلى حظيرة العالم العربي، وإحلال مكانته كزعيم شرعي، قد يكثف الضغط على إسرائيل لتفادي الإضرار بأصول النظام، وتقويض سيادته واستقراره، بل وحتى دفع الأسد لمزيد من الثقة بالنفس، ما يعني إمكانية بدء ردوده على الضربات الإسرائيلية ضد نظامه".
تأتي هذه المخاوف الإسرائيلية من عودة نظام الأسد وسط توجه عدد من الدول العربية للاعتراف بشرعيته، وضخ مليارات الدولارات في إعادة إعمار سوريا، والضغط على المجتمع الدولي لتخفيف وربما حتى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، تمهيدا للحدّ من الوجود والنفوذ الإيراني في أراضيه، مع العلم أن القراءة الإسرائيلية تشير لما شهدته المنطقة من قمم جديدة من عدم الاستقرار والصراعات العنيفة.
اظهار أخبار متعلقة
في الوقت ذاته، تتحدث المحافل الإسرائيلية عن تجسيد الشرق الأوسط لعام 2023 حالة من الانفراج الإقليمي، وموجات
التطبيع المصممة لنزع فتيل التوترات من خلال الوسائل الدبلوماسية، ولعل الاتفاق على تجديد العلاقات بين السعودية وإيران هو الشاهد الأهم بينهما، فيما تعيش سوريا في عالمين متوازيين في الآونة الأخيرة، فبجانب العمل الدبلوماسي، فإنها تشهد موجة من الصراعات العسكرية التي تتواصل بقوة أكبر.
والأحد، قررت جامعة الدول العربية استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها بعد أكثر من 11 عاماً على تعليق أنشطة دمشق؛ إثر الاحتجاجات التي تحولت إلى نزاع دام.