تأخر الأردن في إنهاء كافة قيود جائحة كورونا، حتى مطلع عام 2022، حتى تلقى المواطنون هناك تبعات سلبية ناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، أبرزها التضخم وتذبذب سلاسل الإمدادات.
وهذا العام أضيف تباطؤ الاقتصاد العالمي، ومخاوف الركود، إلى سلسلة تحديات تواجهها الأسر في الأردن، مع استمرار ارتفاع حاد في أسعار الاستهلاك، أرهق جيوبهم.
لذلك، لم تتبدل توقعات الأردنيين كثيرا بحال أفضل لبلادهم على الصعيد الاقتصادي حتى نهاية العام الجاري، في امتداد للسنوات الثلاث الماضية.
المواطنون ما زالوا يعتقدون أن أحوالهم الاقتصادية مستمرة في التعقيد، في ظل استمرار نسب التضخم المرتفعة، وارتفاع أسعار الخدمات، والأهم من ذلك كله ارتفاع فوائد القروض، مع ثبات الدخول أو حتى تناقصها لدى البعض.
اظهار أخبار متعلقة
كرم محمود، وهو موظف في القطاع الخاص، يشرح للأناضول حاله المعيشي، مبينا أن مصدر دخله الوحيد هو من راتبه الوظيفي، والذي يثقل عاما بعد آخر بالأعباء دون أية زيادة أو تحسن.
يقول كرم، إن الأسعار ولنفس السلع الأساسية التي تتطلبها الحياة المعيشية، ارتفعت دون رقابة أو تدخل من قبل الحكومة؛ وفي الوقت ذاته بقي راتبه على حاله أو حتى تناقص بسبب فرض ضريبة للدخل عليه.
تكاليف الفواتير الشهرية وأقساط المدارس أيضا عبء لا يمكن التخلص منه، وسط استمرار ارتفاع الكلف المعيشية، ما يجعل كرم يعيد ترتيب سلم أولوياته ليتركز على الغذاء والتعليم بعيدا عن أية رفاهية.
أما منير حمدان، وهو أيضا موظف في قسم خدمات الصيانة بإحدى شركات القطاع الخاص، يقول للأناضول إن زيادة كلف المعيشة ونفقات أبنائه الثلاثة عاما بعد آخر، أو حتى شهرا بعد آخر، دفعته للبحث عن عمل إضافي.
وهو ما حدث فعلا منذ 7 أشهر، حيث حصل على عمل في أحد المحلات التجارية في فترة ما بعد الظهر، أملا بأن يتحسن دخله ويستطيع تأمين الأعباء التي لا مهرب منها.
وقال: "طالما بقي الحال الاقتصادي للبلد على هذا الحال، دون تمكن الشركة من زيادة راتبي واستمرار ارتفاعات الأسعار، سأبقى مضطرا للعمل الإضافي".
وبحسب آخر أرقام صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، ارتفع التضخم في البلاد خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 3.98 بالمئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وتتوقع وزارة المالية أن يبلغ التضخم 3.8 بالمئة في كامل 2023.
اظهار أخبار متعلقة
الخبير الاقتصادي حسام عايش، يقول للأناضول إن تحليل الواقع الاقتصادي في الأردن، يجعل من الصعب توقع تحقيق نمو يفوق 2.5 بالمئة العام الحالي، وهي نسب مقاربة لما تحقق سابقا.
هذا كله سينعكس على الحال الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، ويفرض استمرار ارتفاعات الأسعار والتكاليف، دون إغفال تأثير حالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد العالمي وتأثير ذلك محليا، بحسب عايش.
وذكّر الخبير الاقتصادي، بأن الأردن يعتمد بجزء كبير من موارده الاقتصادية، على المساعدات الخارجية، وكذلك على الضرائب والرسوم التي يدفع المواطنون ثمنها بنهاية المطاف.
تقديرات وزارة المالية تشير إلى أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 2.7 بالمئة لعامي 2022 و2023، مقابل 2.4 بالمئة لعام 2021، حيث يعتبر الأردن من الدول القليلة التي توقعت المؤسسات الدولية أن يحافظ على تحسن أدائه الاقتصادي.
خطاب الموازنة الذي قدمه وزير المالية محمد العسعس في مجلس الأمة بداية العام الحالي، قال إنه رغم الضغوط التضخمية العالمية التي تعرض لها الاقتصاد في 2022، إلا أن انعكاساتها محليا كانت أقل بكثير من معظم دول العالم.
صندوق النقد الدولي من جهته، قال مؤخرا إن الأردن تمكن من مواجهة عدد من الصدمات العالمية والإقليمية الكبرى، وحافظ على استقراره الاقتصادي رغم وجود دين مرتفع نسبيا.
ولفت إلى أن مستويات نمو الاقتصاد الأردني "منخفضة نظرا لمستويات البطالة المرتفعة"، جراء تداعيات جائحة كورونا.
وقال: "تحقيق الازدهار في الأردن يتم من خلال تعميق الإصلاحات التي تحسن بيئة الأعمال، والعمل على خفض تكاليف الطاقة، ورفع قابلية الاستثمار، والاستفادة من استثمارات في دول مجاورة".