نشر
موقع "
ذا هيل" الأمريكي تقريرًا، سلّط فيه الضوء على حالات
الإفلاس المتزايدة
في الولايات المتحدة الأمريكية، فرغم أنه لم يحدث أي
ركود رسمي حتى الآن، فإن عددًا
كبيرًا ومتزايدًا من
الشركات الأمريكية تعلن إفلاسها، بناءً على أرقام من مصادر مختلفة.
وقال
الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه وفقًا لتقرير جديد صادر عن
"إس أند بي غلوبال S&P Global"، وهي شركة
للتداول العام مقرها روكفلر في مدينة نيويورك، فإن عدد الشركات التي أفلست حتى الآن
في سنة 2023 أعلى من الأشهر الأربعة الأولى من كل عام منذ 2010. وقد بلغ عدد إيداعات
الإفلاس من نيسان/ أبريل حتى الآن 236، وهو ضعف الرقم المماثل في العام الماضي وأعلى
من أي من السنوات الـ 12 السابقة.
وأفاد
الموقع بأن خدمة أخرى تتعقب حالات الإفلاس ذكرت أن إيداعات الإفلاس التجاري على أساس
سنوي حتى آذار/ مارس الماضي، قد ارتفعت بنسبة 24 بالمئة، وأن إيداعات إعادة التنظيم
التجارية بموجب "الفصل 11" زادت بنسبة 79 بالمئة. ووفقًا للإحصاءات الصادرة
عن المكتب الإداري للمحاكم الأمريكية، فقد ارتفع إجمالي إيداعات الإفلاس بنسبة 2 بالمئة
فقط مقارنة بالعام السابق، لكن إيداعات الأعمال زادت بنسبة 9.9 بالمئة.
وأضاف
الموقع أن الخبر السار هو أن هذه الأرقام لا تزال أقل مما كانت عليه قبل وباء كوفيد-19.
لكن الخبر السيئ هو حالة النمو المتواصل، وهو مقياس آخر متضارب يحيّر الاقتصاديين،
حيث كان الناتج المحلي الإجمالي ينمو (على الرغم من التباطؤ)، بينما البطالة في أدنى
مستوى لها منذ 50 سنة، أمًا الإنفاق الاستهلاكي فقد بقي على حاله، في حين تعمل الشركات
الناشطة في مجال الخدمات بشكل جيد تزامنًا مع تعافي قطاع السفر ما بعد فترة الوباء.
لماذا
الكثير من حالات الإفلاس؟
بحسب
الموقع؛ وبغض النظر عن نمو الاقتصاد، فإن هناك حاجة إلى رأس المال لإدارة الأعمال التجارية
والقوى العاملة وتمويل المعدات والممتلكات، بالإضافة إلى التدفق النقدي لشراء المخزون
ودفع الرواتب. ولسوء الحظ، أصبح رأس المال هذا أقل توفرًا وأكثر تكلفة بكثير.
فمنذ
أكثر من عام بقليل، كان سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية - أي السعر الذي يفرضه
بنك الاحتياطي الفيدرالي على البنوك الأعضاء مقابل المال - أقل من 1 بالمئة. الآن هو
أكثر من 5 بالمئة، وهو ارتفاع بأكثر من 20 مرة، ولم يحدث في الذاكرة الحديثة أن نمت
أسعار الفائدة كثيرًا وبهذه السرعة، حيث تفاجأت بعض البنوك، ولا سيما بنك "وادي
السيليكون"، بالتغيير السريع في السياسة النقدية لدرجة أنها لم تستطع مواكبة ذلك.
والآن بدأت الشركات تشعر بخطورة الأمر.
وأشار
الموقع إلى أن السعر الأساسي (المعدل الذي تفرضه البنوك على أفضل عملائها) أصبح الآن
8.25 بالمئة. عادةً ما يدفع العميل النموذجي - شركة صغيرة أو متوسطة الحجم - 1 إلى
3 نقاط مئوية أعلى من ذلك، بافتراض أنه مؤهل للتمويل على الإطلاق. لذلك فقد ارتفعت تكلفة
رأس المال بالنسبة لهم بشكل كبير، ما تسبب في تراجعهم عن الإنفاق والاستثمارات.
وبين
الموقع أن هناك عملاء آخرين - في المقام الأول شركات ناشئة وشركات متوسطة - يجدون صعوبة
كبيرة الآن في الحصول على قروض. وهذه المشكلة لا تمس عملاء محددين، فقد تراجعت جميع
القروض المصرفية والموافقات للشركات الصغيرة حتى شهر نيسان/ أبريل، وفقًا للبيانات
الشهرية الأخيرة من شركة التكنولوجيا المالية " بيز2 كريديت / Biz2 Credit".
حيال
ذلك؛ نقل الموقع عن روهيت أرورا، الرئيس التنفيذي للشركة قوله: "في حين أنه من
الجيد أن يعمل الناس، فإن سوق العمل الضيق يضر بالنتائج النهائية للشركات الصغيرة،
فالشركات التي تحتاج إلى رأس مال عامل لدفع فواتيرها تدفع تكلفة رأس مال أعلى مقابل
ذلك. يضع هذا المزيج ضغوطًا حتى على الشركات الصغيرة المزدهرة، إنها حالة "كاتش-22"
في الوقت الحالي" (كاتش-22 أو شرط-22 (في علم المنطق) هو حالة متناقضة لا يستطيع
الفرد التعامل معها بسبب الشروط المتناقضة).
والأكثر
من ذلك، أن جميع قروض فترة كوفيد، بما في ذلك قروض الأعمال الصغيرة والمنح والإعفاءات
الضريبية، قد انتهت صلاحيتها أو تنتهي الآن. لذا فإن الشركات التي كانت تستحوذ على
أموال هذه القروض على أمل التعافي قد فقدت فرصتها الآن.
ولفت
الموقع إلى أن كل هذا يعني أن ما سبق من أرقام الإفلاس أعلاه، ليست سوى نصف القصة فقط.
فهذه الأرقام مأخوذة من الاستطلاعات وإيداعات المحكمة وتشمل فقط تلك الشركات التي مرت
بمشكلة إعلان إفلاسها رسميًا. ولكن ما لم يتم تضمينه هو عدد لا يحصى من الشركات الصغيرة
التي من المحتمل أيضًا أن تعلن إفلاسها الآن.
وأفاد
الموقع بأنه مع انخفاض ثقة الأعمال التجارية الصغيرة إلى أدنى مستوى لها في 10 سنوات،
فليس من المستبعد وجود العديد من الشركات المفلسة الأخرى التي لم يتم الإبلاغ عنها
بعد. وعلى الرغم من التغييرات التي تم إجراؤها مؤخرًا على قوانين الإفلاس لجعل إعادة
تنظيم بعض الشركات الصغيرة أسهل وأسرع وأقل تكلفة، فإن الكثير من هذه الشركات تغلق
أبوابها وتختفي، أو تقوم بإغلاق شركة خاسرة لبدء تأسيس شركة أخرى، أو محاولة العثور
على طريقة للدفع لدائنيها بشكل غير رسمي على أمل إنقاذ العلاقات في المستقبل.
ونظرًا
لوجود القليل من البيانات حول هذه الشركات الفاشلة، فإنه لا يمكننا سرد القصص إلا عندما
يحدث الفشل فعلًا. ولكن بالنظر إلى ما نراه، وحقيقة أن العديد من الشركات الكبرى قابلة
للفشل، فمن المنطقي أن نفترض أن هناك العديد من الشركات الأصغر التي تواجه نفس المشكلات.
وختم
الموقع تقريره بالقول إن الاقتصاد لا يزال رسميًا خارج حالة ركود، لكن إذا كانت
كل حالات الإفلاس هذه تحدث الآن، فقد نصل بالفعل إلى حالة ركود.