"محور الشر"، هي مقاربة أمريكية تستخدمها كلما شعرت
بالخطر من فشل محتمل، أو إمكانية ظهور تحالف محتمل يعمل على تقويض مصالحها على المستوى
الدولي. جورج بوش الابن هو أول من استخدم هذا المصطلح، عندما صنّف العراق وإيران
وكوريا الشمالية كمحور للشر، في الحقيقة ما بحث عنه جورج بوش كان احتلال العراق
وتحويله إلى دولة فاشلة؛ ولذلك صنّفه كمحور للشر يعمل على تقويض المصالح الأمريكية.
ها هو
المصطلح يعود إلى الساحة السياسية بصيغة مختلفة نوعا ما، إذ إنه يجمع هذه المرة
بين
إيران وروسيا بحسب التوصيف النفعي للمصطلح لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل. اتخذت
إسرائيل مقاربة مزدوجة ومختلفة من الحرب في أوكرانيا منذ البداية، رغم تأكيد
زيلينسكي أنه يهودي الديانة، إلا أن إسرائيل رغبت باستمرار التغاضي عن ضرباتها في
العمق السوري من قبل الروس، ولذلك أظهرت حيادها (المزيف) في بداية الأزمة.
ومع
استمرار الحرب والاتجاه إلى نفاد الذخيرة الأوكرانية، اتجهت الولايات المتحدة لنقل
مخزون هائل من أسلحتها المخزنة في إسرائيل إلى الجبهات الأوكرانية، وهنا ظهرت
بوادر كسر الحياد الإسرائيلي. وعليه، فقد ظهر أول تحدّ لهذه العلاقة عندما قامت
إسرائيل بتنفيذ هجوم كفرسوسة في دمشق. اتضح في ذلك الوقت بأن قنوات التواصل
الروسية- الإسرائيلية لم تكن فعّالة، وبأن الإسرائيليين استخدموا القناة الأوروبية
بدلا من الوسيط الروسي لتفادي حرب مباشرة في سوريا.
انخرطت
فيما بعد إسرائيل بشكل مباشر في الحرب الأوكرانية- الروسية، وقدمت الدعم المادي
واللوجستي والدفاعي. وفي آخر التطورات، تحدثت الولايات المتحدة عن إرسال منظومة
القبة الحديدية الإسرائيلية إلى أوكرانيا، لتقابل هذه التصريحات تأكيدات روسية ضرورة تحويل 24 طائرة سوخوي 35 إلى طهران في القريب العاجل.
وبالعودة
إلى الساحة السورية، فيبدو أنّ الهجمات الصاروخية والجوية توقفت بشكل مفاجئ منذ 12 نيسان/
أبريل الماضي، ويعود ذلك إلى تقديرات إسرائيلية بأن هناك ضوءا أخضر روسيّا
لاستخدام منظومات الدفاع الجوي السورية في مواجهة الطائرات الإسرائيلية، أو خوفا
إسرائيليا من نقل طهران لمنظومة الدفاع الجوي 15 خرداد واستقرارها في سوريا.
كتقييم
لما سبق، يبدو بأنّ تسليم طائرات سوخوي 35 إلى طهران سيغير من معادلة التفوق
العسكري الإسرائيلي في المنطقة، إذ إن هذه الطائرات تعادل في القوة العسكرية
طائرات أف 35 الأمريكية، التي رفضت واشنطن تقديمها للحلفاء في تركيا، أو حتى
الإمارات لضمان الوضع السابق في التفوق العسكري الإسرائيلي.
هذه
الحالة كانت تُرضي إسرائيل، إذ هي من منعت تحويل هذه الطائرات إلى الإمارات،
وعوضا عن ذلك، نشطت إسرائيل بشكل غير مسبوق في الإمارات من خلال التغلغل في
الاقتصاد وإقناع القادة الإماراتيين، مثل خالد بن محمد، بإقرار قانونية القمار في
الإمارات من منظور جذب رؤوس الأموال، واحتمالية تحقيق مكاسب لأكثر من 6 مليار دولار
سنويا. تأتي هذه الجهود الإسرائيلية لفصل الدول الإسلامية عن الدين الإسلامي، ومنعها من امتلاك القوة العسكرية اللازمة لخرق معادلة التفوق الإسرائيلي.
إذا،
لقد انعكست الأزمة في أوكرانيا على المستوى الاستراتيجي للعلاقات، خصوصا
العلاقات
الإسرائيلية- الروسية، فحوّلتها من شراكة مهمة إلى عداء محتمل.
وهي
كذلك حوّلت العلاقات بين موسكو وطهران إلى شراكة استراتيجية عسكرية واقتصادية مهمة،
فكل من
روسيا وإيران تعمل على تقويض العقوبات الاقتصادية الأمريكية، وتعملان على
إلحاق الهزيمة العسكرية بما تسميانه المعكسر الغربي في أوكرانيا. ولذلك ستستخدم
موسكو الطائرات المسيرة الإيرانية من طراز شاهد 131 و136 ومهاجر 6 لضرب المواقع
الأوكرانية، وستستخدم كييف القبة الحديدية الإسرائيلية لمواجهة الهجمات الروسية،
بينما ستتلقى طهران طائرات متطورة من طراز سوخوي 35 قادرة على شن هجمات مباشرة في
الأراضي الفلسطينية المحتلة.
twitter.com/fatimaaljubour