قال مصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية
المغربي، إن هناك صراعا بين رؤيتين وفلسفتين للأسرة، تجعلنا بين خيارين، فإما أن
نحافظ على المجتمع وثوابته كما هو منصوص عليها في الدستور أو أننا سننسلخ عنها،
مؤكدا أنه لا مجال لحلول وسطى في هذا الموضوع.
جاء ذلك في كلمة للخلفي خلال ندوة علمية نظمتها أول الكتابة الجهوية
لحزب العدالة والتنمية بمدينة كلميم وادنون ومنظمة نساء العدالة والتنمية حول "تعديلات
مدونة
الأسرة السياقات الدولية والوطنية"، ونشرها الموقع الرسمي
"للعدالة والتنمية" اليوم.
وأوضح الخلفي أن الإصلاح المطلوب للأسرة ولمدونة الأسرة، هو الذي
ينبع من معالجة المشكلات الحقيقية التي تواجه المرأة والأسرة المغربية، في
المقابل، يردف المتحدث ذاته، التعديلات التي تدفع بها الأجندات الأجنبية والغربية
لا علاقة لها بالإصلاحات المطلوبة، لأنها في العمق تريد استنساخ النموذج الفاشل
للأسرة الغربية بالمغرب.
وذكر الوزير السابق، أن مرد وجودنا بين خيارين بخصوص تعديل المدونة،
يرجع إلى طبيعة المطالب التي تدفع بها الجهات الحاملة للأجندات الغربية، ومن ذلك
الدعوة لإلغاء تجريم العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، وإلغاء تجريم الشذوذ الجنسي،
والدعوة إلى المساواة في الإرث، وإباحة الإجهاض، والغاء الاستثناء في الزواج لأقل
من 18 سنة، وإلغاء تعدد الزوجات.
وجدد الخلفي التذكير بالموقف الثابت للمغرب بخصوص مرجعية نظامه
الأسري، حيث تقدمت له العشرات من التوصيات في الاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر
2022، وأجاب بوثيقة أعلنت في مارس 2023، قال فيها إن هناك توصيات مرفوضة لأنها
تتعارض مع الثوابت الجامعة للأمة.
وأضاف: "فعلا هناك توصيات لا يمكن لأحد أن يقبل بها، ومنها
تغيير مناهج التعليم لإنتاج صورة إيجابية عن الموقف من الشذوذ أو ما يسمى بالمثلية
الجنسية".
وشدد الخلفي أن هناك توصيات تسعى إلى تحطيم الأسرة، والتي تريد
الذهاب إلى مستوى أعلى مما ذُكر، بل تريد أيضا رفع التجريم عن الخيانة الزوجية،
وأن يبقى الحق للزوجة أو الزوج فقط في المطالبة بتعويض عن الضرر، منبها إلى أن هذا
الواقع، هو السبب الرئيس الذي جعل فرنسا تسجل أعلى معدلات الطلاق في العالم.
وبخصوص أولويات الإصلاح، قال المسؤول الحكومي السابق، إن هناك خمسة
مؤشرات حاملة لأرقام دالة وتحتاج إلى علاج، ومنها انخفاض حالات الزواج وتضاعف
حالات الطلاق ما بين 2010 و2022، وارتفاع معدل سن الزواج إلى 31 سنة لدى الشباب
ولدى النساء إلى 26 سنة، وتراجع معدل الخصوبة، وارتفاع نسب الأسر التي تعيلها نساء
إلى 20 بالمائة، ثلاثة أرباعهم أرامل أو مطلقات، وغيرها.
ونبه الخلفي إلى أن الإصلاح المطلوب، القائم في ظل الهوية وثوابت
الأمة، هو القادر على حفظ الأسرة المغربية من التفكك، وتخفيف الأعباء عن المرأة
وحفظ حقوق كل مكونات الأسرة، من زوجة وزوج وأبناء.
وعن الضمانات التي تجعل المغرب يرفض الخضوع للإملاءات الغربية بخصوص
الأسرة، قال الخلفي إن أولها هو ما أعلن عنه جلالة الملك في خطاب العرش لعام 2022،
حين قال بأنه بصفته أميرا للمؤمنين فإنه لا يمكنه أن يحل حراما ولا أن يحرم حلالا.
وأردف، وأما الضمانة الثانية، فهي وعي الشعب المغربي، الذي يُعبر عن
مواقفه بوضوح حين يمس في هويته، وأما الضمانة الثالثة، فهي هذه الحركية الآن
الموجودة في المجتمع بخصوص المدونة والتعديلات المطلوبة.
ومع ذلك، يقول الخلفي، فإنه يجب على جميع مكونات المجتمع، أفرادا وهيئات،
تحمل مسؤولياتهم في هذا الموضوع، والوعي بما يقع، والتعبئة والتعبير عن الموقف،
رفضا للمساس بالأسرة ودفاعا عن الفطرة.
وعاد النقاش مجددا حول مدونة (
قانون) الأسرة أو الأحوال الشخصية إلى
صدارة اهتمامات السياسيين المغاربة، في سياق مطالبة عديد الهيئات والمنظمات
بمراجعة القوانين التي تنظم أحوال الأسرة بعد عقدين من تجربة المدونة وانسجاما مع
روح دستور 2011 ومسايرة للتحولات التي يعيشها المجتمع.
وقد دعا وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، في نيسان (أبريل) الماضي،
إلى فتح نقاش موسع حول إصلاح مدونة الأسرة، معتبراً أن كل القضايا الواردة فيها
قابلة للنقاش.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد دعا قبل ذلك في خطاب العرش
يوم 30 يوليو/ تموز 2022 إلى مراجعة القانون المنظم للأسرة، لتجاوز ما أسماها
بالاختلالات والسلبيات التي أظهرتها التجربة العملية لهذا القانون الذي تم تعديله
آخر مرة عام 2004.
ويدور النقاش في القانون، حول مواضيع مثل تقسيم
الإرث، وزواج القاصرات، وتقسيم الأموال المكتسبة بين الزوجين خلال فترة العلاقة
الزوجية، والطرد من بيت الزوجية، والولاية الشرعية والحضانة.
إقرأ أيضا: إسلاميو المغرب يدينون محاولات إزاحة المرجعية الإسلامية في إصلاح مدونة الأسرة