يرى الصحفي
بيتر بيومنت أن تهميش تل أبيب للسلطة
الفلسطينية قاد إلى ولادة جيل جديد من المسلحين
الذين لم يكن بالإمكان التحكم بهم.
ويضيف في مقال له بصحيفة "
الغارديان" أن جنود
الجيش الإسرائيلي حولوا مركز مخيم
جنين إلى أنقاض. في إعادة مشاهد معركة المخيم
عام 2002.
يقول بيومنت: "لا
تزال المشاهد قائمة من القتال قبل عقدين، حيث كان الصحفيون فوق أشجار الزيتون خارج
المخيم وهم يراقبون النيران من الطائرة المروحية على الشوارع، وامرأة كانت تقف في غرفة
على الطابق الأول من بيت قسم نصفين. ورجل على كرسي متحرك كان يحاول عبور شارع وسط حقل
من شظايا بيوت مهشمة". وعندما انجلى غبار المعركة عما صار يعرف بـ "معركة
جنين" عام 2002 قتل أكثر من 50 فلسطينيا و23 جنديا إسرائيليا، قتل 13 منهم في
كمين واحد وهم يحاولون المرور في شوارع مزروعة بالمفخخات.
أما العملية الإسرائيلية الحالية، فقد وصفت بأنها الأكبر
في الضفة الغربية ومنذ دخول القوات المدن الفلسطينية أثناء الانتفاضة الثانية حيث حاصرت
المقاطعة التي كان يقيم فيها ياسر عرفات في رام الله وحاصرت كنيسة المهد في بيت لحم
و"تلك أيام عنف في الضفة الغربية، كانت فيها الدبابات الإسرائيلية في الشوارع
ومعارك صاخبة وجنازات غاضبة تبعت ذلك".
وترى الصحيفة أن جنين والضفة الغربية تغيرت في العقدين الماضيين،
حيث همشت إسرائيل وبشكل ثابت
السلطة الوطنية التي يدعمها الغرب، بشكل فتح المجال أمام
جيل من المسلحين خارج عن السيطرة.
ويقول الإسرائيليون إنهم نشروا في الهجوم الحالي ألفي جندي.
ويبدو هذا مألوفا، فمرة أخرى الجرافات المصفحة تشق طريقها إلى المخيم، وقناصة اعتلوا
ظهور البيوت في عملية تمت المصادقة عليها قبل 10 أيام.
اظهار أخبار متعلقة
وقبل والآن، فمخيم جنين كان المكان الذي اعتبرت فيه قبضة
الأمن الفلسطيني ضعيفة. فقد حصل هجوم عام 2002، مباشرة بعد عملية انتحارية في عطلة
يهودية وقتل فيها 30 شخصا. أما هجوم الاثنين فقد حصل بعد مواجهة عنيفة قبل أسبوعين
في جنين بعدما قال الجيش إن صاروخا أطلق من المنطقة في الأسبوع الماضي.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العقيد ريتشارد هيتش،
مدافعا عن العملية: "كان هناك حراك حول جنين منذ العام الماضي". ولو كان هناك
فرق، ففي الانتفاضة الثانية، شاركت قوات الأمن مع مقاتلين مرتبطين برموز فلسطينية بارزة
في القتال. وفي هذه الدوامة من العنف، فقد كان غياب قوات الأمن الفلسطيني سببا في التصعيد
الأخير.
ويقول الكاتب إن مستوى
المقاومة في المخيم فاجأ الإسرائيليين،
حيث أظهرت لقطات فيديو انفجارا جرح سبعة جنود إسرائيليين ومروحيات وغارات بالمسيرات
لإنقاذ الجنود. كل هذا زاد من الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من وزارئه المستوطنين
وأنصارهم في الضفة الغربية لشن عملية واسعة هناك. وهو حادث كشف عن ضعف نتنياهو، فقد
أسهمت سنوات التهميش للسلطة الوطنية كشريك محتمل في السلام وحكومة قابلة للحياة وتحالفه
مع اليمين المتطرف الذي تجرأ أكثر على خلق فراغ في المجتمع الفلسطيني بالضفة. كل هذا
جرأ الجماعات المسلحة في جنين والمدن الأخرى بما فيها نابلس، كجيل جديد غير راض عن
السلطة الوطنية.
ولكن نتنياهو أضعف من جهة أخرى، وتتعلق بتوقيت الهجوم، فهو
يرغب بالظهور بمظهر القوي وسط احتجاجات جديدة ضد قانون الإصلاحات القضائية التي بدأت
النقاشات حولها يوم الأحد. وربما أراد حرف النظر في ضوء مطالب بعض الساسة لتعليق التظاهرات
أثناء العملية. لكن هناك شيء واضح، فمحاولة إعادة النظر في عنف الضفة والمدن الأخرى،
كما أظهرت تجربة غزة بوضوح، لن يحل الموضوعات القديمة والسامة للاحتلال وبناء الاستيطان.