تزداد التحذيرات الصادرة عن دولة
الاحتلال من دفع ثمن مقابل باهظ
مقابل
التطبيع مع
السعودية، رغم أنه مصلحة واضحة لواشنطن والغرب، وبهذه الطريقة ستبعد
الولايات المتحدة المملكة عن تعزيز المحور الصيني الإيراني والروسي، وتكسب النقاط التي
تحتاجها في الصراع الحالي من أجل النظام العالمي الجديد، لكن الإسرائيليين يعتبرون
أن التطبيع لن يكون بأي ثمن.
مائير بن شبات الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، ذكر أنه "عندما
تشتعل النيران في فناء منزلك الخلفي، فإن من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، التقدم باتفاقيات
تطبيع إضافية، بما في ذلك مع السعودية"، هذه هي الرسالة التي نقلتها واشنطن للمسؤولين
الإسرائيليين، بحسب أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية في مؤتمر مجلس العلاقات
الخارجية (CFR)
في الولايات المتحدة، واصفا محاولة الترويج للتطبيع الإسرائيلي السعودي بأنها
"صعبة للغاية".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
إسرائيل اليوم"، وترجمته
"عربي21" أن "الحديث الإسرائيلي عن التطبيع مع السعودية يصطدم مع الصور
القادمة من الضفة الغربية التي لا تضيف تعاطفا مع إسرائيل، بل توفر الذخيرة للدعاية
التي تقوم بها العناصر الإسلامية والمنظمات الموالية للفلسطينيين والكيانات الأخرى
المعادية لإسرائيل، وعندما تكون المشاعر السائدة في الشارع سلبية تجاهها، يضطر الجميع
لخفض صورتهم حتى يمرّ الغضب، لكن يبدو أن بلينكن يستخدم الحماس الإسرائيلي للتطبيع
مع السعودية كرافعة للضغط عليها بشأن القضية الفلسطينية".
وأوضح أنه "حتى قبل التصعيد في الساحة الأمريكية، منذ صعود إدارة
بايدن، لم تسجل إنجازات كبيرة في مجال التطبيع، وفي واشنطن نقلوا رغبة واضحة باستمرار
زخم الاتفاقات، لكن النتائج أتت ضعيفة، ولم تتسع دائرة الدول الشريكة في الاتفاقيات،
وكان التقدم في القنوات الثنائية التي تم تعبيدها في الإدارة السابقة، وبصرف النظر
عن "قمة النقب" التي كمنت أهميتها بتشكيلها، فلم تسجل أي مبادرات ومشاريع
مدنية بشراكة واسعة من دول الاتفاقية، ولم يتم الانتهاء من تطبيع العلاقات مع السودان،
حتى مع المغرب الذي توطدت العلاقات معه، لم يحدث أن أقيمت السفارات، ولم تعقد اجتماعات
إسرائيلية رسمية مع الملك".
وأشار إلى أن "السلوك الإسرائيلي هو بالفعل اعتبار لمكانة العائلة
المالكة في الرياض، لكن ثقله ليس حاسمًا، فالإدارة الأمريكية وسياساتها في المنطقة
ساهمت أكثر بكثير في الواقع الذي تم إنشاؤه، ولعل ضعفها وسلوكها في الشرق الأوسط دفعت
السعودية لأحضان الصين، ومن الناحية العملية، وعن غير قصد، أضعفت زخم التقارب مع إسرائيل،
مع العلم أن تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية أصبح الآن مصلحة مميزة لواشنطن والغرب،
وليس فقط تل أبيب والرياض".
يبدو أن التطبيع السعودي الإسرائيلي، إن تم فعلا، فقد يبعد المملكة عن
تعزيز المحور الصيني الإيراني الروسي، وسيمنح الولايات المتحدة النقاط التي تحتاجها
في المنافسة على النظام العالمي الجديد، وتحويل المملكة إلى مركز لوجستي دولي يربط
أوروبا وأفريقيا وآسيا، وتحدث ثورة في التجارة العالمية.
أما من وجهة النظر الإسرائيلية للتطبيع مع السعودية، فإنه هدف مهم تحقيقه،
ولكن ليس بأي ثمن، وعلى رأسها عدم تقديم التنازلات في ملف إيران، وبشأن الانتشار النووي
في الشرق الأوسط، بجانب التنازلات الأمنية في الساحة الفلسطينية، وهي أثمان باهظة للغاية
من وجهة نظر الاحتلال، حتى مقابل مثل هذا الإنجاز الكبير مع السعودية.