إذا كان هذا غير ممكن الحدوث حسب المنطق البشري السليم فإن الأمر لا
يخرج عن أحد احتمالين اثنين: إما أن يكون المنتصر الحقيقي في الحرب هو فرنسا
وليس الشعوب المغاربية، وفي هذه الحالة تكون
الفرنسية "غنيمة حرب"
للمنتصر و"هزيمة حرب" للمنهزم بطبيعة الحال والمقال! أو أن يكون
المنتصر هو الشعوب الرافضة للفرنسة والتنصير والمنهزم هو فرنسا ووكلاؤها، وفي هذه
الحالة تكون
اللغة العربية هي (غنيمة الحرب) الفعلية المسترجعة والمفتكة من فوهات
مدافع العدو، كما ورد في نص خطاب الرئيس بن يوسف بن خدة يوم الاحتفال بالنصر
واعتراف فرنسا باستقلال الجزائر على الورق يوم الخامس من يوليو سنة 1962 وتكون
الفرنسية حينئذ هي هزيمة الحرب، (وليست غنيمته) لكونها ظلت على الدوام تمثل أساس
الرهان في المعركة الحضارية والسياسية والسيادية، ومعركة الهوية والوحدة الوطنية
بين الطرفين المتحاربين على الدوام منذ جهاد الأمير عبد القادر وبوعمامة وفاطمة
نسور والمقراني والحداد في الأولين إلى بن باديس والخطابي والثعالبي وبن بو العيد وبن
مهيدي وعميروش والحواس وبن خدة في الآخرين!!
2 ـ إذا كان منطق الغنيمة هذا يقضي
(افتراضا) أن يغتنم المنتصر كل شيء مادي ومعنوي من العدو، مثل قطع السلاح وغيره
(ولنعتبر اللغة سلاحا) وقد استعملها أبناء الثورة الأصلاء كذلك (لمحاربة العدو
بسلاحه) فهل يغنم المنتصر السلاح لدعم ترسانته الوطنية (ضد العدو) أم يستعمله ضد
نفسه بتصويبه إلى نحره، كما هو واضح بالنسبة لأصحاب "غنيمة الحرب" عندنا
في البلاد المغاربية (الفرنكو شونية؟!) وهو عكس ما فعله مالك بن نبي ومالك حداد
وبن خدة ولمين دباغين بلغة المعتدين دفاعا عن لغة الشعب والدين!!
وإذا افترضنا حسن النية لدى بعض هؤلاء المغالطين، (أو المغلطين) وحاولنا
مجاراتهم في خلطهم بين الشرف والعلف، وبين الجنسية والهوية، والغاية والوسيلة
والأمة والقبيلة.. فلماذا يصرون على اعتبار اللغة وسيلة محايدة لتحقيق التنمية
الاقتصادية والتقدم التكنولوجي"... عندما يتعلق الأمر باستعمال اللغة
الفرنسية وتأبيدها في البلاد وفرضها على العباد، كما يلاحظ إصرارهم من خلال محاولة
فرضهم لهذه اللغة إداريا ومدرسيا على الأولاد والأحفاد (مثلما فرضها دوبرمون
ولامورسيير والمارشال بيجو واليوطي على الأجداد قبلهم...)، وعندما يلاحظون ترجيح
الكفة لصالح اللغة العربية بالتطبيق الديموقراطي الشعبي الحقيقي يلجئون إلى
الانقلاب ضد الانتخاب، أو إلى التزوير بلا حساب أو عقاب، ويتشبثون في الوقت ذاته
برفض مبدأ اتخاذ اللغة العربية وسيلة للمحافظة على التماسك الاجتماعي، والانسجام
الثقافي، والازدهار الاقتصادي، والدعم السيادي للاستقلال، والوحدة الوطنية ويهرعون
إلى المحافر والمقابر والكهوف الجبلية والصحراوية لمحاولة العثور على بقايا رسوم
لحيوانات منقرضة ورموز لحروف وألفاظ مهجورة من الاستعمال، منذ قرون، ليحاولوا
النفخ فيها لبعثها" حية تسعى "كرمز لهوية (ضرار) محلية أو جهوية، كلما
شعروا بقانون أو قول أو فعل يهدد" غنيمة حربهم "الفرنسية في البلاد
المغربية للدفاع عنها نيابة عن أهلها في بلادها إرضاء أو مساعدة لهم على مواصلة
الاستحلال بعد الاحتلال وتفصيل القوانين وتعديل الدساتير لإبعاد الرجال بالتزوير
والتغيير بعد تصوير وحفظ محاضر الاستفتاء على تقرير المصير في المتاحف الوطنية لدى
الدولتين على الضفتين !؟!
إذا كانت اللغة مجرد وسيلة (محايدة) للتقدم التكنولوجي كما يدعون.. فلماذا يحاربون بشراسة محاولة اعتماد اللغة الإنجليزية في المدرسة الوطنية كمجرد لغة للانفتاح بها على كنوز التطور العلمي والتكنولوجي الهائل المكتشف بها أصلا، والمدون بها أيضا، ويفرضون اللغة الفرنسية (جريمة الحرب) الدخيلة والعليلة على أبنائنا في السنة الثانية ابتدائي (كما هو حاصل في بعض هذه البلاد المستحلة).
3 ـ إذا
كانت اللغة التي تعتبر بكل المقاييس روح الشعب الذي يتحدث بها (كما يقول كل فلاسفة
السياسة والحضارة في العالم...) من الأمور التي تدخل ضمن الغنائم التي يسبيها
المنتصر من المهزوم... فلماذا لم تغنم ألمانيا والفيتنام اللغة الفرنسية، ولم تغنم
كوريا اللغة اليابانية، ولم تغنم فرنسا ذاتها اللغة العربية (مع أنها أممت كل
شيء!) بعد احتلال البلاد والسيطرة على مقدراتها منذ سنة 1830، كما قلنا وقبل هذا وذاك لماذا لم يغنم الغرب الأوروبي عموما، وإسبانيا على وجه الخصوص،
اللغة العربية (وقد كانت يومئذ لغة الحضارة والعلوم والفلسفة والثقافة الراقية في
كل أقطار العالم مثل اللغة الإنجليزية اليوم دون منازع) وذلك إثر سقوط غرناطة
وانهزام العرب النهائي بملوك طوائفهم الأنانية والخيانة في الأندلس سنة (1492)، بل
أليس العكس هو الذي حصل حيث عمد المنتصر الإسباني إلى كل الوسائل لاستئصال رموز
العربية والإسلام من المساجد وشواهد المقابر، لاسترجاع وحدة التراب والشعب
الإسباني، في ظل وحدة الهوية "اللاتينية المسيحية التي كانت عليها قبل (8) قرون خلت(!؟)، أم أن أزابيلا
وفيرناندو ودوبرمون، والماريشال بيجو واليوطي وكل أجداد الجنرال دوقول في الأولين
والاخرين.. كانوا جميعا أقل وطنية وأقل عصرانية ووفاء وذكاء، وأقل حرصا على سيادة
ومصلحة ومستقبل أممهم ودولهم من أصحاب" غنيمة الحرب "في البلاد
المغاربية المعاصرة بكل ألوانهم وأصولهم الفسيفسايية المنصهرة في بوتقة الثقافة
القرآنية اللسان والوجدان حتى الآن كما شاهد العالم بأسره ذلك على المباشر في
مباريات كأس العالم في قطر قبل أقل من عام كما تذكرون وكذلك في الانتخابات
الرئاسية التركية قبل أيام فقط (راجعوا مقالنا حول الموضوع في عربي 21 !!) لأننا
جميعا ننتمي إلى أمة واحدة رغم تنافر شعور بعض شواذنا وتحايل أعدائنا بكل استغباء
على بعضنا وهم في الحقيقة يعرفون حقيقة معدن شعوب أمتنا أكثر من وكلائهم المعتمدين
في بلداننا!؟
4 ـ وإذا
كانت اللغة مجرد وسيلة (محايدة) للتقدم التكنولوجي كما يدعون.. فلماذا يحاربون
بشراسة محاولة اعتماد اللغة الإنجليزية في المدرسة الوطنية كمجرد لغة للانفتاح بها
على كنوز التطور العلمي والتكنولوجي الهائل المكتشف بها أصلا، والمدون بها أيضا، ويفرضون
اللغة الفرنسية (جريمة الحرب) الدخيلة والعليلة على أبنائنا في السنة الثانية
ابتدائي (كما هو حاصل في بعض هذه البلاد المستحلة).
وهكذا أصبح هؤلاء الاستحلاليون" يفرضون لغة عدو شهدائنا فرضا
بميزانية دولنا على أبناء شعبنا في الإدارة وعلى أبنائهم في الأقسام العلمية
بالجامعات الوطنية بدل الإنجليزية اللغة العلمية الأولى في العالم، مع العلم أن
هؤلاء الطلاب درسوا باللغة العربية (في الابتدائي والثانوي كما هو الحال في
الجزائر الآن) فيعوقونهم بهذا الإجراء الظالم عن مواصلة الدراسة باللغة العربية
التي درسوا بها طوال حياتهم، فيصبحون أميين في الجامعة بما ينجر عن هذا الإجراء
"لاستحلالي" من ظلم في حق المتفوقين منهم فيصبحون معوقين اجتماعيا
ومعقدين نفسيا وربما "إرهابيين" سياسيا وأمنيا، نتيجة هذا الظلم الشنيع
الواقع في حقهم وحق وطنهم وحضارة، أمتهم،.!!؟؟
علما بأن أمثال ابن خلدون وابن رشد وابن سينا وابن الهيثم والبيروني
وكل العباقرة الذين درسوا ودرسوا أوروبا، وعلموها معنى الحضارة والعلم بكل فروعه المتقدمة
في ذلك الوقت، لم يتخرج أي واحد منهم في كامبريدج أو السوربون، بل درسوا ودرسوا
باللغة العربية وحدها في بغداد وقرطبة وبجاية وفاس وبقية الحواضر ومراكز الإشعاع
العلمي والحضاري الأخرى في مشارق الأمة ومغاربها كما أسلفنا!؟
ولذلك فقد كان من المفروض، بل ومن الواجب أن يواصل هؤلاء الطلبة
تعليمهم باللغة العربية ذاتها في الجامعة، ولكن أصحاب "الغنيمة ـ
الجريمة" يرفضون بل ويحاربون دخول اللغة العربية إلى الأقسام العلمية في
الجامعات الوطنية مع العلم أن العربية هي الأقدر على ذلك حتى الآن من اللغة
الفرنسية، ذاتها لأن هذه الأخيرة لا تعدو كونها مجرد ناقلة عن اللغة الإنجليزية
مثلها في ذلك مثل بقية لغات العالم في العصر الحاضر، وحجتنا في ذلك أننا إذا فقدنا
العلم (فرضا) حسب زعمهم وبكيفية نسبية إن درسنا العلوم باللغة العربية شأننا في
ذلك شأن جميع الدول المستقلة في العالم والتي تدرس في جامعاتها كل المواد بلغاتها القومية...
فلا نفقد على الأقل الروح الوطنية والسيادة والحضارة، كما هو حاصل من تشبثهم
المشبوه والمذل بلغة جلادي الشعب ماضيا وحاضرا (من الأجداد إلى الأحفاد)!! انظر
تصريح رئيس الاتحاد الإفريقي (ألفا عمر كوناري) في اجتماع وزراء التربية الأفارقة
في 5/4 2005 بالجزائر الذي قال فيه: "إن ثمة 100جامعة عالمية... لا تتضمن أية
جامعة إفريقية". وهو ما يبين بالدليل القاطع والبرهان الساطع واقع التقدم
التعليمي والعلمي (بغنيمة الحرب) الفرنسية أو الإنجليزية في كامل القارة الأفريقية
وعلى رأسها البلاد المغاربية بالذات التي لم تمكنها (غنيمة الحرب الفرنسية) من
تجاوز مستوى محو الأمية بالحروف اللاتينية على حساب اللغة الوطنية (العربية) كما
هو منصوص عليها في كل دستور (شاهد زور) من دساتير هذه البلاد كلها العضو (مع ذلك )
في جامعة الدول العربية...!!؟؟
5 ـ إذا
كانت اللغة مجرد وسيلة (كما يغالطون) فلماذا لا يعتمد الفرنسيون (أسيادهم) اللغة
الإنجليزية في جامعاتهم، وكذلك الألمان واليابانيون والإسبان والطليان والروس
والكوريون والإيرانيون والأتراك (النموذج التكنولوجي المشرف للأمة الإسلامية التي
تباهي بها الصناعة الأمريكية والأوروبية والروسية والصينية واليابانية واليهودية (في فلسطين المحتلة) التي لم يعتمد حكام هذه البلاد كلها
اللغة الإنجليزية في جامعاتهم وإداراتهم العمومية، ليوفروا بذلك على أنفسهم مشاق
وأخطاء وأموال الترجمة إلى لغاتهم الوطنية والقومية السيدة بامتياز لديهم...!!؟
أم أن الجواب يكمن كما نعتقد ـ في وجود أسباب "استحلالية
"غير معلنة من وراء الاستماتة في دفاعهم وفرضهم (لجريمة حربهم) على شعوب
المغرب العربي مثلما فعل أسلافهم منذ مطلع الاحتلال الغاشم من بوابة القارة
السمراء الجزائر سنة 1830،!!؟
وللإجابة هنا على المعترضين على هذا الكلام بقولهم عن كيفية التوفيق
بين ما نقول وبين حقيقة معيشة أثناء الكفاح المسلح للجزائر وقبله في الحركة
الوطنية، حيث كانت الأغلبية من رجالها (خارج رجال جمعية العلماء المسلمين
الجزائريين وحزب الاستقلال في المغرب الشقيق...) من المتعلمين باللغة الفرنسية (في
مدارس الأنديجان)، وقد حاربوا فرنسا وجاهدوا بإخلاص كأحسن ما تكون الحرب وأفضل ما
يكون الجهاد، تماما مثل كل الوطنيين الآخرين... بحيث لا يمكن أن يجرى الفرز حينئذ في الوطنية
وحب الوطن والتضحية في سبيله في ذلك الوقت بين المتعلم بالعربية والمتعلم
بالفرنسية... التي لم يترك لهم المحتل الأجنبي الاستيطاني غيرها (كوسيلة تواصل
كتابي.) وعن توضيح هذه المسألة رفعا لأي التباس حول هذا الموضوع الحساس اليوم، نقول بأنه يمكن تقسيم النخبة أو
الطبقة المتعلمة باللغة الفرنسية من أفراد الشعب إلى فئتين أو نوعين:
النوع الأول ـ تنطبق عليه جميع الصفات والأحكام التي تطلق عليه
دائما، فهو قد تفرنس وتتصر وتشيع (نسبة إلى الشيوعية) وحارب لغته القومية واحتقر
أبناء وطنه، وانجذب كلية نحو الثقافة الغربية، وكاد يذوب في المجتمع الفرنسي على
الرغم من أن الأوروبيين المستحمرين ظلوا في قرارة أنفسهم ينظرون بعين الاحتقار إلى
كل مغاربي مهما قلدهم، ومهما أظهر ولاءه لهم، ومهما تبرأ من أصله ويبقى عندهم
العربي عربي ولو كان العقيد بن داود (كما يقول مثل شائع في الجزائر).
من حكمة الله أن يكون يوم استقلال الجزائر هو يوم غزوها الصليبي الغاشم ..مما يستوجب اليقظة الكانلة والوعي الدائم لكل جيل في كل حين بالخطر الداهم . والدليل أننا كنا أحرارا مستقلين فاحتللنا وكنا مستعبدين فوق ارضنا فاستقللتا بفضل الجهاد القائم وماذا يمنع العدو الغادر المتربص من إعادة الكرة إذا وجد الثغرة في الجدار الحاكم.!؟
النوع الثاني ـ على قلة عدده وندرة معدنه فقد بقي مرتبطا بواقع شعبه
وأمته، محافظا على دينه ومقومات هويته محبا للغته الوطنية (رغم جهله لها) وهذا
النوع النادر من الوطنيين لم يزده تعلم الفرنسية المفروضة عليه إلا وعيا وكرها للاحتلال
وتصميما على مكافحته؛ وقد استعمل اللغة الفرنسية في ذلك الكفاح مجرد وسيلة بالفعل
(في ظل حرمانهم الجائر من لغتهم القومية) تعلما وتعبيرا كما هو معلوم وموثق بالصوت
والصورة الصادقة والناطقة حتى أيامنا هذه.
وأورد هنا هذه الرسالة الخطية المترجمة عن اللغة الفرنسية بعثها العقيد
المجاهد الكبير عمرو أو عمران (ممثل الثورة في ليبيا) من إستوكهولم (عاصمة السويد)
إلى المجاهد الليبي الكبير الهادي إبراهيم المشيرقي رئيس لجنة مناصرة الثورة الجزائرية المسلحة بليبيا (نقلا عن كتابه "قصتي مع ثورة المليون شهيد ـ دار الأمة الجزائر
2000م). جاء فيها:
"الأخ العزيز الهادي...
فكرت أن أحكي لك عن أخباري حتى أطمئنك أولا... ثم لأحييك على الرغم
من المسافة البعيدة التي تفصل بيننا وبين إخوتنا الليبيين الذين برهنوا لنا أمام
الله وأمام
التاريخ على تأييدهم القوي للقضية الجزائرية أولا... وعلى روحهم
الوطنية تجاه بلدهم وتجاه إخوتهم العرب بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجههم...
وإني أكتب لك الآن بالفرنسية ليس حبا فيها... لكنك تعلم أني لا أقدر
على الكتابة باللغة العربية... وهذا ليس خطئي بل هو تأثير إمبريالي عميق الأثر...
وربما يأتي اليوم الذي نتعلم فيه لغتنا العربية العزيزة واليوم يبدو الأمر صعبا
علينا إذا أضفنا المشاغل الزائفة الأخرى التي تأخذ من وقتنا واهتمامنا... وإنني
فخور جدا لأنني وجدتك أخا صادقا بالقلب والفعل وليس باللسان. فقط!!!.".
ستوكهولم في 9 ديسمبر 1958
وشتان بين هذا الطراز النادر من الوطنيين الذين كانت ألسنتهم وأقلامهم
الفرنسية ترجمانا صادقا عن مشاعرهم العربية والوطنية النابضة، وقد استشهد منهم من
كتبت له الشهادة، وبقي منهم من بقي صامدا مجاهدا يحارب المستعمر بلغته في المجال
السياسي والفكري دفاعا عن مقومات الأمة، وثوابت هويتها وفاء بالعهد وإنجازا للوعد،
واستمرارا في الجهاد الصادق تحقيقا للاستقلال الأكبر... قلت شتان بين أصحاب هذه
الإرادة الفذة والوعي الوطني الرفيع... وبين المغالطين من أقطاب
"الاستحلال" الفرنسي الذين يتخذون من اللغة الفرنسية غاية في ذاتها
لإذلال شعبهم، تملقا لأسيادهم، وادعاء كاذبا على التاريخ الحي للأمة بأن ثورة
نوفمبر فجرت بالفرنسية، بل ربما قالوا بأنها فجرت من أجل استرجاع اللغة الفرنسية
"غنيمة الحرب" كما يدعون بكل حماقة ووقاحة، وجهل واستخفاف بعقول أبناء
هذا الشعب، في الجامعة قبل الجامع وفي أجهزة الإعلام والإدارة والشارع!!
ومن ثمة فما كانت دعواهم ووصاياهم للمستخلفين "في الأرض، والمستأمنين
على الغنيمة" الفرنسية "إلا العض عليها بالنواجذ ومواصلة المعركة بها
ومن أجلها، حتى إزالة آخر حرف عربي من على شواهد القبور في الجزائر وباقي البلاد
المغاربية أسوة بما فعله أبناء العمومة من الإسبان في غرناطة سنة 1492!!
ذلك هو
الفرق بين الفئة الأولى والفئة الثانية من النخبة المتفرنسة المتوارثة في هذه
البلاد من العهد الغابر إلى الوقت الحاضر ولكل عصر آباء لهبه وآباء بكره ومسيلماته
وأبناء خطابه وصلحاء دينه وأبناء باديسه وأبناء ثوراته التحريرية الثلاث في بلاد
المغرب العربي التي كان لها مكتب في القاهرة برئاسة قائد ثورة الريف البطل المغوار
عبد الكريم الخطابي رحمه الله وجميع الخالدين معه والحق بهم كل التابعين المخلصين
والله أعلم بالمجاهدين الصادقين الأوفياء لوحدة الوطن والأمة والدين !!
ولولا استماتة شعوب هذه الدول في التمسك بثوابت هويتها الوطنية
العربية الإسلامية لكان مصيرها جميعا كغرناطة الإسبانية !!؟
ومن حكمة الله أن يكون يوم استقلال الجزائر هو يوم غزوها الصليبي
الغاشم ..مما يستوجب
اليقظة الكانلة والوعي الدائم لكل جيل في كل حين بالخطر الداهم . والدليل أننا كنا أحرارا مستقلين
فاحتللنا وكنا مستعبدين فوق ارضنا فاستقللتا بفضل الجهاد القائم وماذا يمنع العدو
الغادر المتربص من إعادة الكرة إذا وجد الثغرة في الجدار الحاكم.!؟
اقرأ أيضا: الفرنسية في البلاد العربية جريمة احتلال أم "غنيمة استحلال"!؟ (1من2)