بعد يوم واحد من إقرار الحكومة
المصرية قواعد ترخيص وتسجيل
البنوك الرقمية، أعلن الملياردير المصري نجيب ساويرس، التقدم بطلب لنيل ترخيص أول بنك
رقمي بالبلاد، التي تواصل تحولاتها نحو الشمول المالي والرقمنة والحوكمة، في وقت يعاني
اقتصادها من أزمات هيكلية وضغوط غير مسبوقة.
ساويرس، الذي طالما طالب حكومة بلاده بمنحه ترخيص لبنك تقليدي
ولم يحصل عليه، قال لـ"العربية نت"، الخميس؛ إنه سيتقدم بطلب للحصول على
رخصة بنك رقمي، بعد إقرار
البنك المركزي المصري قواعد تراخيص وتسجيل تلك البنوك والرقابة
والإشراف عليها، الأربعاء.
8 طلبات
وقبل 3 سنوات، في أيلول/ سبتمبر 2020، صدر قانون البنوك المركزي والجهاز المصرفي الجديد،
ونص على إنشاء بنوك رقمية، فيما طالبت منذ ذلك الحين 7 بنوك مصرية وعربية عاملة بالسوق
المصرفي المصري لنيل تلك الرخصة.
وإلى جانب ساويرس، يرغب بنكا الأهلي ومصر الحكوميان، و"فيصل
الإسلامي"، ومصرف "أبوظبي الإسلامي"، و"الإمارات دبي الوطني"،
و"qnb الأهلي"، و"abc"، في الحصول على 8 تراخيص لبنوك رقمية.
وتشترط قواعد المركزي المصري لترخيص البنوك الرقمية، ألا يقل
رأس المال المصدر والمدفوع عن ملياري جنيه حال ممارسة أعمال البنوك كافة، باستثناء
تمويل الشركات الكبرى، مع إمكانية تمويل تلك الشركات، شريطة زيادة رأس المال إلى 4 مليارات
جنيه (الدولار يعادل 30.90 جنيها).
وتخضع البنوك الرقمية لذات القواعد والضوابط الخاصة بالرقابة
والإشراف المطبقة على البنوك العاملة في مصر، وذات القوانين والضوابط الخاصة بمكافحة
غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفق القانون.
"ضرورة.. ولكن"
والبنوك الرقمية، وفق قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي
رقم (194)، الصادر في 15 أيلول/ سبتمبر 2020، هي "بنوك تقدم خدمات مصرفية عبر القنوات، أو منصات رقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة"، وفق ما أكده الخبير الاقتصادي
المصري الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، في حديثه لـ"عربي21".
وبين أن "هذا يعني أن العملاء سيتعاملون مع بنك بلا
فروع أو مقرات ثابتة أو موظفين مباشرين، بل يكون التعامل بصورة غير مباشرة عبر تطبيق
إلكتروني، أو برنامج يتم تحميله على الهاتف المحمول، أو من خلال جهاز يسلمه البنك للعميل".
وأكد أنه "وبذلك فالتعامل مع البنك سيكون إلكترونيا"،
مشيرا إلى أن "هذا النوع من البنوك موجود في الكثير من دول العالم المتقدم، وهناك
قواعد ورقابة دائمة على عمل هذه البنوك".
ولفت إلى أن "عددا كبيرا من العملاء يفضل التعامل معها؛ نظرا لسهولة التعامل، وإمكانية التعامل من أي مكان".
وألمح إلى الأهمية الاقتصادية لوجود بنوك رقمية في مصر، قائلا:
"في اعتقادي أن البنوك الرقمية ضرورة في المرحلة الحالية، بشرط وجود قواعد وإجراءات
تضمن الحفاظ على أموال المودعين".
وبين أن "البنك الرقمي يساعد على سرعة الإنجاز وتوفير
الوقت، وإنجاز المعاملات بشكل لحظي".
لكن، ومع سهولة ويسر ما يوفره البنك الرقمي من عمليات مالية
من سحب وإيداع وتحويل وغيرها من عمليات بنكية، إلا أن مراقبين ومحللين يحذرون من خطر
تعرض العملاء لعمليات نصب إلكتروني، حال حدوث مشكلة لموقع البنك أو قرصنة على برنامجه.
وهنا قال عبدالمطلب؛ إن "الخطورة هنا تكمن في أن القوانين
في مصر حتى الآن لا تستطيع أن تحمي المودعين حال تعرضهم لعمليات النصب الإلكتروني"،
متسائلا: "كيف سيكون الحال إذا حدثت أية مشاكل لموقع البنك أو برامجه؟".
وعن احتمال تعرض أموال المودعين لنوع من القرصنة، يرى أنه
"برغم أن هذا أمر وارد، لكنه صعب الحدوث، أو قد يحدث في أضيق نطاق"، مشيرا
إلى أن "التخوف هنا ليس من إنشاء البنوك الرقمية في حد ذاته، بل التخوف من الترخيص
لها في ظل قواعد وإجراءات هشة".
وأضاف: "كذلك التخوف من الترخيص لجهات قد لا تتقيد بالشروط
التي وضعها البنك المركزي لعمل البنوك الرقمية".
وتابع: "وكما هو معروف، فإنه حتى في أكبر الدول تتحايل
البنوك والمؤسسات المالية على القواعد لتحقيق أرباح، وقد أدى هذا النهج إلى إفلاس عدد
من البنوك العالمية الكبرى".
وفي نهاية حديثه، لفت إلى مخاوف البعض من احتمالات هروب أصحاب
تلك البنوك بأموال المودعين أو تبديدها، أو أن تكون قناة شرعية لتهريب الأموال.
وأكد أن "اشتراط وجود بنك رئيسي أو مؤسسة مصرفية كبرى
ضمن كبار المؤسسين، تجعل هذا الأمر في أضيق نطاق، لكن هذا لا يمنع ضرورة وجود تشريعات
لمعالجة هذه التخوفات".
"الشمول المالي"
وتسعى مصر لتحقيق الشمول المالي، فيما أطلق رئيس النظام عبدالفتاح
السيسي، في أيلول/ سبتمبر 2017، مؤتمر الشمول المالي بشرم الشيخ، كما أطلق البنك المركزي
المصري التطبيقات الإلكترونية التي دعمت الشمول المالي، منها تطبيق "إنستاباي"،
العام الماضي.
ووفق المؤشرات الرئيسية للشمول المالي للبنك المركزي المصري
لعام 2022، ارتفعت نسبة المواطنين الذين لديهم حسابات بالبنوك والبريد ومحافظ الهاتف
المحمول، والبطاقات مسبقة الدفع إلى 64.8 بالمئة من البالغين في مصر بنحو 42.3 مليون
مواطن.
"تحول ضروري"
وفي إجابته على سؤال "عربي21": "ماذا يعني
تدشين بنوك رقمية في مصر؟ وهل يعد نقلة للاستثمار بالبلاد، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي
المصري الدكتور على عبدالعزيز: "البنوك الرقمية تقدم خدماتها المصرفية إلكترونيا، بما يحقق رغبات العملاء بشكل أسرع وأسهل وتكلفة أقل".
وأوضح أن "التعامل معها يكون من خلال التليفون المحمول
أو أجهزة الكمبيوتر أو ماكينات (ATM)"، مبينا أنه يوجد بالعالم
400 بنك رقمي، هذا غير بنوك تقليدية كثيرة تقدم خدماتها الرقمية بجانب الخدمات العادية، وتمتاز خدماتهم بالسهولة للمستخدمين".
ويرى أن "وجود بنوك رقمية أمر أصبح ضروريا لأي اقتصاد
يريد أن ينمو ويحقق نتائج أعلى وبتكلفة أقل وبحجم عمل كبير، بعيدا عن طرق العمل المصرفية
التقليدية التي تتطلب الحضور الشخصي والانتظار لساعات وحمل النقود يدويا".
"وما يستتبع ذلك من انتقاص من ساعات إنتاج المواطنين
وضياع مجهودهم بلا مقابل، فمن خلال البنوك الرقمية يمكن فتح الحسابات وتحويل الأموال
والشراء والاستثمار ودفع الفواتير المختلفة والتعامل مع البورصات، وغير ذلك من مهام
مستحدثة تقدمها التكنولوجيا الآن".
وعن حجم الخطورة المتمثلة في البنوك الرقمية في الحالة المصرية،
واحتمالات أن تكون أموال المصريين عرضة للسرقة من قراصنة الإنترنت في العالم، أكد أنه
"لا توجد خطورة محددة من وجود البنوك الرقمية على الاقتصاد في مصر بشكل عام".
واستدرك: "إلا أن الحكومة ستكون لديها معلومات عن حجم
التدفقات المالية للأشخاص، ومن ثم قد يمثل ذلك ضررا لأصحاب الحسابات البنكية، إلا
إذا كان البنك قويا ولا يسمح للحكومة بالاطلاع على الحسابات البنكية".
عبدالعزيز، يعتقد أنه "في ظل وجود أدوات أمن تكنولوجية
مثل البصمة بالإصبع والوجه وأرقام سرية تتغير مع كل عملية بنكية وتعتمد على الهاتف
الشخصي للعميل، يكون من الصعب قرصنة الحسابات البنكية، وهو ما يوضحه شرط وجود دراسة
للأمن السيبراني قبل السماح للبنك بالعمل".
"الأفضل عالميا"
ووفق رصد بعض المواقع الاقتصادية لأفضل بنوك إلكترونية موثوقة
لإدارة وتحويل الأموال، شركةWise" "، ومقرها العاصمة البريطانية
لندن، التي تقدم خدماتها بـ100دولة حول العالم، وتدعم أغلب الدول العربية.
وكذلك شركة الخدمات المالية "Payoneer"،
العاملة في مدينة نيويورك الأمريكية منذ العام 2015، وبنك "Mercury"، الأمريكي الذي يدعم كل الدول العربية، باستثناء العراق، ليبيا،
سوريا، السودان.
و"PayPal"، الأمريكي، أول بنك إلكتروني
يوفر خدمات الدفع وإدارة الأموال أون لاين، عام 1998، ويتوفر لأكثر من 400 مليون مستخدم،
فيما تقدم منصة "Skrill"، خدماتها من لندن منذ العام
2001.
كما تم إطلاق بنك "Neteller"،
الكندي عام 1999، إلى جانب البنك الروسي، "WebMoney"،
العامل في روسيا وأوروبا الشرقية قبل 20 عاما.