قضايا وآراء

سؤال القيم المشتركة الإسرائيلية الأمريكية

حازم عيّاد
هل يهدف بايدن للإطاحة بحكومة نتنياهو؟- جيتي (أرشيفية)
هل يهدف بايدن للإطاحة بحكومة نتنياهو؟- جيتي (أرشيفية)
إن ما يراه جو بايدن قيما مشتركة تجمعه بالكيان الإسرائيلي، ليس بالضرورة أن تكون ذات القيم التي يعتقد باقي الأعضاء الديمقراطيين وخصومه الجمهوريين أنها تجمعهم بالكيان الإسرائيلي.

فسؤال القيم المشتركة الأمريكية الإسرائيلية يصبح إشكاليا عند تفحص السلوك التصويتي للكونغرس الأمريكي للكيان الإسرائيلي، فبأغلبية ساحقة شارك فيها الديمقراطيون قبل الجمهوريين، صوّت الكونغرس على قرار يعدّ إسرائيل كيانا غير عنصري، ليتبعهم بايدن بتصريحات تؤكد دعمه المطلق للكيان الإسرائيلي.

فهل القيم المشتركة هي المحرك والضابط لهذه العلاقة؟ أم المصالح المشتركة؟ أم الأيديولوجيا والثقافة العميقة؟

التصويت الذي جاء بطلب من زعيم الأغلبية الجمهوري ورئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، تزامن مع نشر توماس فريدمان مقالا في صحيفة نيويورك تايمز يوم الثلاثاء؛ كشف فيها استدعاءه من قبل الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض عشية زيارة رئيس الكيان بتسحاق هرتسوغ، لتمرير رسالة إلى "إسرائيل" ونتنياهو مفادها: "أوقف التعديلات حالا. لا تمرر شيئا بهذه الأهمية بدون توافق واسع؛ وإلا فإنك ستقطع شيئا ما من علاقتك بالديمقراطية الأمريكية، وقد لا تتمكن أبدا من استعادتها".

المصالح والمنافع ومن قبلها القيم الاستعمارية الأنجلوسكسونية العميقة الفوقية، هي التي صوتت لصالح قرار يبرئ الكيان المحتل الفاشي من جرائمه تجاه الشعب الفلسطيني؛ تصويت يمهد لحل الدولة الواحدة وفق رؤية إسرائيلية قانونية وتشريعية تمييزية عنصرية، لا يرى فيها الكونغرس الأمريكي تمييزا عنصريا، بل يراها امتدادا لوجود أمريكا وهيمنة العرق الأوروبي الأبيض.

القيم المشتركة التي تفرق الإسرائيليين حول التعديلات القضائية وتثير قلق إدارة بايدن في (حال غياب التوافق)، لا يبدو أنها تفرق الكونغرس الأمريكي في موقفه الداعم للكيان المحتل، فهي لا تمثل رأس أولويات العلاقة كما يزعم فريدمان؛ فالمصالح والمنافع ومن قبلها القيم الاستعمارية الأنجلوسكسونية العميقة الفوقية، هي التي صوتت لصالح قرار يبرئ الكيان المحتل الفاشي من جرائمه تجاه الشعب الفلسطيني؛ تصويت يمهد لحل الدولة الواحدة وفق رؤية إسرائيلية قانونية وتشريعية تمييزية عنصرية، لا يرى فيها الكونغرس الأمريكي تمييزا عنصريا، بل يراها امتدادا لوجود أمريكا وهيمنة العرق الأوروبي الأبيض.

استجابة الديمقراطيين بالتصويت إلى جانب الجمهوريون، دليل واضح على أن التصدع الداخلي في الكيان الإسرائيلي بفعل قانون تقييد القضاء، لم يؤثر بشكل جوهري على القيم الحقيقة التي تجمع بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية للهيمنة والسيطرة، التي تقف خلف ضمان التفوق العسكري للكيان الإسرائيلي؛ سواء على الفلسطينيين الذين يعانون من الاحتلال أو الإقليم، وهي قيم يمكن وصفها بأنها خليط من المصالح والأيدولوجيا والثقافة الأنجوسكسونية العميقة في أمريكا والكيان المحتل.

رغم ذلك، فإن سؤال القيم المشتركة مع الكيان الإسرائيلي تحوّل إلى سباق نحو الرئاسة الأمريكية؛ فما يقلق بايدن الخصومة التي يبديها نتنياهو واليمين الديني لرئاسته وحزبه، التي ظهرت بوضوح في الانتخابات الرئاسية والتكميلية للكونغرس خلال الأعوام الثلاثة الماضية، كما يقلقه الكلف المرتفعة لسياسات اليمين الديني مقابل الكلف المنخفضة لليمين العلماني؛ سواء في الساحة الإقليمية أو الساحتين الأمريكية والإسرائيلية المحلية.

جُل ما يريده بايدن، التخلص من نتنياهو وائتلافه الحاكم؛ استعدادا للانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2024، وما سيتبقى تفاصيل يمكن تسويتها عبر تعزيز اليمين الإسرائيلي العلماني الأكثر مرونة في التعامل مع متطلبات الأجندة الاجتماعية والسياسية التي يتبناها الديمقراطيون والجناح التقدمي في أمريكا، وبما يسمح بتحقيق التهدئة في الأراضي المحتلة، ويرفع الحرج عن الشركاء الإقليميين في المنطقة العربية.

جُل ما يريده بايدن، التخلص من نتنياهو وائتلافه الحاكم؛ استعدادا للانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2024، وما سيتبقى تفاصيل يمكن تسويتها عبر تعزيز اليمين الإسرائيلي العلماني الأكثر مرونة في التعامل مع متطلبات الأجندة الاجتماعية والسياسية التي يتبناها الديمقراطيون والجناح التقدمي في أمريكا، وبما يسمح بتحقيق التهدئة في الأراضي المحتلة، ويرفع الحرج عن الشركاء الإقليميين في المنطقة العربية، وبما ينسجم أخيرا مع الانشغالات والمصالح الأمريكية الأوسع في أوروبا والباسفيك، التي باتت مهددة بسياسات إسرائيلية متطرفة أقل قدرة على التكيف مع المتطلبات الأمريكية الإقليمية والدولية.

ختاما: سؤال القيم المشتركة الأمريكية الإسرائيلية، تحركه التصدعات الداخلية في الكيان الإسرائيلي والكلف المرتفعة لسياسات اليمين الديني إقليميا ومحليا، وهو سؤال اصطدم بسؤال المصالح المشتركة، وتصدع الأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية والإقليم؛ فاحتواء الأزمة الإسرائيلية الداخلية بأدوات أمريكية، لم يخلُ من حسابات أمريكية داخلية، وخصومة يقف بايدن العجوز ونتنياهو المرهق في لبّها.

twitter.com/hma36
التعليقات (0)