مقابلات

طالبان لـ"عربي21": حققنا نجاحات كبيرة خلال فترة حكمنا.. وأجرينا مراجعات (شاهد)

نعيم قال إن تسمية طالبان لم تعد موجودة- عربي21
نعيم قال إن تسمية طالبان لم تعد موجودة- عربي21
قال الناطق الرسمي باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إن "أفغانستان حققت نجاحات كبيرة في العديد من الميادين والمجالات خلال العامين الماضيين، خاصة على صعيد الأمن، ووحدة البلاد، والاقتصاد، ومكافحة الفساد الإداري والمالي والأخلاقي".

وفي 15 آب/ أغسطس 2021، عادت حركة طالبان مرة أخرى إلى السلطة في أفغانستان، بعد انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، وفرار مسؤولي حكومة الرئيس أشرف غني إلى الخارج.

وكشف أنهم قاموا بمراجعات منذ عودتهم للحكم، دون أن يوضح طبيعة تلك المراجعات بشكل مُحدد، مضيفا: "نحن نتعلم يوما بعد يوم، ونبحث عن حلول جديدة، أو مفاتيح ووسائل جديدة لحل المشكلات، وذلك من أجل أن نتأقلم مع الأوضاع والظروف الجديدة، وهذا يحدث في أي مجال وفي كل دول العالم".



ولفت الناطق الرسمي باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، إلى أن عدد السفراء الأجانب الذين يعملون اليوم في أفغانستان بشكل رسمي بلغ نحو 16 سفيرا أو قائما بالأعمال، وهذا هو نفس عدد سفراء أفغانستان في الخارج تقريبا.

لكن نعيم أرجع عدم حصولهم على الشرعية الدولية حتى الآن إلى رفضهم "الرضوخ لإملاءات بعض الجهات التي تريد أن تفرض بعض الأمور على الشعب الأفغاني، وعلى الحكومة الأفغانية"، مؤكدا أن تلك الجهات معروفة للجميع، وهي التي تريد أن تكون لها الكلمة الأولى والأخيرة".

وطالب بالإفراج عن الأموال الأفغانية المُجمّدة في الخارج، مناشدا الجميع بمساعدة الشعب الأفغاني، سواء في الإعلام، أو في المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لأن "هذا جزء من حقوق الإنسان التي لم نحصل عليها حتى الآن، ومساعينا جارية، ونبذل كل ما في وسعنا لاستعادة أموال الشعب".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":


بعد مرور عامين كاملين على عودة حركة طالبان إلى حكم أفغانستان.. ‏كيف تقيمون أداء الحركة اليوم؟

عندما نريد أن نقيّم أي عمل، لا بد أولا أن ننظر إلى ظروف هذا العمل، وظروف مَن يعمل فيه، وظروف البيئة المحيطة؛ فأفغانستان كانت تعيش في حروب طاحنة منذ أكثر من 43 سنة، وقد توقفت الحرب قبل سنتين بعد وصول "الإمارة الإسلامية" للحكم.

وعندما نقيّم الأمور في مثل هذا الظروف، ونقارن بلادنا بالبلدان الأخرى التي تتمتع بالأمن والاستقرار والنظام على مدار نصف قرن على الأقل، نجد أن أفغانستان قد نجحت في كثير من الميادين، والمجالات، وسأذكر بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر.

أول هذه المجالات هو مجال الأمن؛ فالأمن والأمان هما أساس التطور والتقدم، وأساس الحياة إن جاز التعبير، فإن كان الأمن مستتبا أو مستقرا، فستكون باقي الأمور ثانوية.

والآن وبعد انتهاء الحروب، استطعنا في الشهور الأولى من وصولنا إلى الحكم أن نتحكم في الوضع، وأن يعمّ الأمن والاستقرار ربوع البلاد، وهذا كان الهدف الأساسي للإمارة الإسلامية، بل وللشعب الأفغاني بشكل عام.

الإنجاز الثاني الذي استطعنا أن نحققه خلال هاتين السنتين هو وحدة البلاد؛ فقد غابت فكرة الحكومة المركزية التي تبسط حكمها على أنحاء البلاد، وساد التشتت في الحكم، فكان شمال البلاد تحت سيطرة مجموعة من الناس، والجنوب تحت سيطرة مجموعة أخرى، وهكذا.. حتى جاءت "الإمارة الإسلامية" إلى الحكم، فاستطعنا أن نوحد الحكم، ونسيطر على جميع البلاد.

هذه المشكلة كان الشعب يعاني منها، وربما كانت السبب في كثير من المشكلات، وكانت تسيطر على البلاد طوال 40 سنة، ونتج عنها الفوضى والتوتر في الحكم.

المجال الثالث والمهم هو مجال الاقتصاد؛ فمن المعلوم أن ميزانية الحكومة كانت تُموّل بنسبة 75% من المساعدات الخارجية، وبعد وصول "الإمارة الإسلامية" للحكم توقفت جميع المساعدات، بل زاد على ذلك العقوبات الدولية والتحذيرات الاقتصادية، بالإضافة إلى تجميد حوالي عشرة مليارات تقريبا من الدولارات من أموال الشعب الأفغاني، ووضعت محاذير جديدة على التعاملات البنكية، لكن مع كل هذه التحديات استطاعت "الإمارة الإسلامية" أن تتحكم في الوضع الاقتصادي، واستطاعت –ولأول مرة منذ أربعة عقود- أن تجعل ميزانية الدولة قائمة على الإيرادات الداخلية، دون أي مساعدات خارجية، وهذه نقطة تحوّل مهمة جدا.

وهناك مسألة أخرى مهمة للغاية، وهي مسألة الفساد الإداري والمالي، والفساد الأخلاقي، وغيرها من أنواع الفساد الذي كان مستشريا بشكل أفقي وعمودي في النظام السابق. والآن استطعنا أن نقضي على أنواع الفساد هذه، وهذا أيضا من فضل الله علينا.

ما أبرز التحديات التي واجهتكم خلال هذه الفترة؟

ما زلنا نواجه بعض التحديات في ميدانين: الأول هو الميدان السياسي؛ فهناك بعض المشكلات منها عدم الاعتراف بالحكومة وبالنظام، والميدان الثاني هو الاقتصادي؛ فهناك بعض العقوبات الاقتصادية التي ما زالت موجودة، وحظر التعاملات البنكية.

والمسؤولية في هذين الميدانين لا تقع على عاتقنا وحدنا؛ لأننا بذلنا، وما زلنا نبذل، كل الجهود لحل هذه المشكلات، لكن -ومع الأسف- هناك بعض الدول أو الجهات التي تريد أن تكون "سيدة العالم"، وتريد أن تكون الكلمة الأولى والأخيرة لها، وتريد فرض بعض الإملاءات، ونحن لا نستسلم لها، والشعب الأفغاني لن يستسلم لمثل هذه الإجراءات الظالمة، وبسبب هذه المشكلات لم يتم الاعتراف بالحكومة ولا بالنظام، ولم تُرفع العقوبات الاقتصادية. أما في بقية الميادين والمجالات لدينا مكاسب، ونسعى جاهدين لحل جميع المشكلات.

هل هناك "مراجعات" قامت بها الحركة خلال العامين الماضيين؟

الإنسان في حياته اليومية لا بد أن يتعلم من يومه إلى غده، وإلى ما بعد الغد؛ لأن الحياة مجموعة من المتغيرات، والإنسان يتأثر بها ويستفيد، ويتعلم منها.

وإن كان "المراجعات" بمعنى تعلم الأمور الجديدة، أو كيفية التعامل مع الوضع الجديد؛ فبالطبع الإنسان يحتاج لهذا، ونحن نتعلم يوما بعد يوم، ونبحث عن حلول جديدة، أو مفاتيح ووسائل جديدة لحل المشكلات فهذا أمر طبيعي في حياة أي إنسان.

أما المراجعات بمعنى أننا كنّا نقوم ببعض الأعمال في السابق وتركناها أو تراجعنا عنها الآن فلا أعرف شيئا من ذلك، لكن التعلم من التجارب أمر طبيعي.

هل هناك قضايا أو ملفات بعينها كانت الحركة تتعاطى معها بأسلوب ما وحينما عادت إلى الحكم باتت تتعامل معها بشكل مختلف؟

حول هذه النقطة لا أستطيع أن أذكر موضوعا بعينه، لكن بشكل عام: نعم؛ فالإنسان يكون في وضع أو ظروف ما؛ فإذا تغير هذا الوضع أو تلك الظروف فإنه يتأقلم مع الأوضاع والظروف الجديدة، وهذا يحدث في أي مجال وفي كل دول العالم.

انظر إلى أي دولة، وكيف كانت تعاملاتها قبل عشر سنوات، أو عشرين سنة، وكيفية تعاملاتها الآن، وبعد عشرين عاما أخرى؛ فالأمر متعلق بتغير الأمور، وتقدم الزمان.

كيف تقيّم علاقة الحركة بالقوى الإقليمية والدولية في الوقت الراهن؟

استطعنا أن نتعامل مع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي بشكل إيجابي جدا، وخير دليل على ذلك: المفاوضات مع الجهات الخارجية بشكل عام، ومع الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، والتي كانت تقود قوات الاحتلال في البلاد؛ فاستطعنا من خلال المفاوضات أن نوقع الاتفاقية التي عرفت باسم «اتفاقية الدوحة»، والتي استطعنا من خلالها أن نصل إلى حكم البلاد، والاستقلال، وخروج الاحتلال، وهذا نموذج لتعاملنا الإيجابي مع المجتمع الدولي.

أما فيما يتعلق بدول الجوار، ودول المنطقة؛ فلدينا علاقات إيجابية مع جميع دول الجوار؛ فخلال الأربعين سنة الماضية كانت لأفغانستان علاقات إيجابية مع جيرانها سواء كانت مع باكستان، أو إيران، أو طاجيكستان، أو أوزباكستان، أو تركمانستان، أو الصين.

وقد شهدت العشرون سنة الماضية بعض التوترات على مختلف المستويات مع بعض دول الجوار، ولكن -والحمد لله– استطعنا أن نعيد العلاقات الإيجابية مع الجميع.

والعلاقات مع دول الجوار تقوم على عنصرين مهمين، الأول: التعامل الإيجابي في ضوء قيمنا، ومبادئنا الإسلامية، والثاني: التعامل في ضوء مصالح شعبنا الوطنية؛ فنحن نريد التعامل الحسن مع الجميع، وليست لدينا مشكلات تذكر.

قبل وصول "الإمارة الإسلامية" للحكم كان المحللون السياسيون يقولون: إن وصولنا للحكم سيخلق توترا في العلاقات، وسينتج عنها مشكلات، وأن المجتمع الدولي سيتضرر من وصول "الإمارة الإسلامية" للحكم في أفغانستان، وسيحدث كذا وكذا.. لكن الجميع تابع بعد ذلك تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية بعدم وجود مشكلات الآن في أفغانستان، وإن كنّا لا نحتاج مثل هذه التصريحات.

ونحن نعمل حسب مبادئ وقيم الشريعة الإسلامية، ولن نسمح لأي أحد أن يستخدم أراضينا ضد أمن أي دولة، لأننا أصحاب الأرض، ونتعامل مع الجيران والمجتمع الدولي في ضوء الأصول والقوانين.

وإن كانت وقعت بعض المشكلات مع بعض الجيران فهذا أمر طبيعي، ويحدث في جميع أنحاء العالم بين الجيران، كمشكلات ترسيم الحدود على سبيل المثال، ولكنها مشكلات بسيطة، وليست على مستوى عال، لكن القادة الكبار يحاولون حل تلك المشكلات إذا وجدت، وبشكل عام ليست هناك مشكلات كبيرة، وعلاقتنا جيدة بالجميع.

لكن، لماذا فشلتم في الحصول على الشرعية الإقليمية والدولية حتى الآن؟

أشرت إلى ذلك من قبل؛ فقد ذكرت أن هناك بعض الجهات التي تريد أن تفرض بعض الأمور على الشعب الأفغاني، وعلى الحكومة الأفغانية، وأن تُملي عليهم بعض الإملاءات، وعدم الرضوخ لهذه الإملاءات هو السبب في ذلك.

مَن هي تلك "الجهات"؟

الجهات معروفة للجميع، وهي التي تريد أن تكون لها الكلمة الأولى والأخيرة.

وهناك سبب آخر لعدم حصولنا على الشرعية الدولية، وهو أننا خضنا قتالا مع بعض الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، طوال 20 سنة، مما أدى لانعدام الثقة، وإيجاد الثقة بحاجة إلى فترة من الزمن، وإلى جهد، فإن عودة الثقة يترتب عليها الكثير من الأمور الأخرى، والأمر لا يتعلق بنا فقط؛ فالاعتراف بالنظام، وعودة الثقة بحاجة إلى جميع الجهات التي لها علاقة بمثل هذه القضايا.

كيف ترون العلاقة بين "الإمارة الإسلامية" والأنظمة التي تأخذ موقفا سلبيا من التيارات الإسلامية بشكل عام، كالإمارات والسعودية ومصر الآن؟

في علاقاتنا مع الدول نلتزم بضوابط، أولها: لا نتدخل بشؤون الآخرين الداخلية، ولا نسمح لأحد أن يتدخل بشؤوننا، هذا هو الأساس، والجميع يقوم بما يراه مناسبا لوطنه ولمجتمعه ولدولته.

ثانيا: نحن نحرص على إقامة علاقات جيدة مع جميع الدول، وتطوير العلاقات القائمة، ونريد علاقات جيدة مع جميع الأنظمة وجميع الحكام، وقد وضعنا أصلين أساسيين لهذه العلاقات، هما: الشريعة الإسلامية والمصالح الوطنية، وفي ضوء هذين الأمرين نتعامل مع الجميع وليست لدينا مشكلة في ذلك.

الأمر الثالث والمهم هو مصطلح "حركة طالبان"، الذي يذكره البعض في تعريف "الإمارة الإسلامية"؛ فلم تعد هناك "حركة"، بل حكومة ونظام، فالإمارة الإسلامية الآن هي نظام وحكومة، وتعاملنا مع الجميع على هذا الأساس، ولا بد أن يكون تعامل الحكومات والأنظمة معنا هذا الأساس كما نعاملهم، ولا بد أن يحترم الجميع هذا الأمر.

ما تعقيبكم على الانتهاكات التي تحدث بحق أبناء التيار الإسلامي داخل بعض الدول؟

نحن لا نريد رؤية المشكلات في أي دولة من دول العالم، ولا في الدول الإسلامية بشكل خاص، ونتمنى أن يعيش المسلمون في أمن وأمان واستقرار، وهذا ما نتمناه، وأمنية جميع المسلمين، ولا نتمنى المشكلات بين المسلمين سواء كانوا حكومات، أو شعوبا، أو حركات، أو غير ذلك.

وكما أشرت سابقا بأن لكل دولة، ولكل شعب ظروفه، وبيئته الخاصة، الذي هو أدرى بها؛ فصاحب الدار أدرى بما في الدار، ونصيحتنا لجميع المسلمين بأن يعيشوا بسلم وسلام، وأن تُحل المشكلات من خلال الحوار، والتفاهم، والتعامل الحسن، وهو ما أمرتنا به شريعتنا الإسلامية.

نحن لا نريد أن تكون هناك مشكلات في أي دولة لأن في النهاية المتضرر هم المسلمون، والأفضل أن يجتمع الجميع، وأن يجدوا حلا لمشاكلهم الداخلية، وخير وسيلة لهذا الهدف هو التعايش السلمي، والتفاهم والحوار.

كيف تصف علاقة "الإمارة الإسلامية" بباقي التيارات والحركات الإسلامية في المنطقة؟ وهل هناك علاقة أو تواصل بينكم؟

تعاملنا مع الحكومات؛ فنحن الآن في الحكومة، والحكومة الإسلامية الأفغانية -والتي نسميها "الإمارة الإسلامية"- تعاملها مع الحكومات والأنظمة.

أما فيما يتعلق بالتعامل مع الحركات، فلا بد أن يكون في ضوء هذه الأنظمة وتحت أعين هذه الحكومات، أما التصادم بين الحكومات والحركات، فليس في مصلحة المسلمين، حكومات وشعوب؛ فالتصادم يتضرر منه الجميع، لذا نريد أن يكون هناك حل للمشكلات إذا كانت موجودة في بعض الدول.

كم عدد السفراء الأجانب الذين يعملون اليوم في أفغانستان بشكل رسمي؟

لا أتذكر العدد بشكل دقيق، ولكن أظن أن عددهم 15 أو 16 سفيرا، أو قائما بأعماله.

وكم عدد سفراء "الإمارة الإسلامية" في الخارج؟

نفس العدد تقريبا.

لماذا تخليتم عن اسم "طالبان" واعتمدتم فقط اسم "الإمارة الإسلامية"؟

سؤال جيد، ويحتاج إلى توضيح؛ أول ظهور للإمارة الإسلامية كان عام 1994 عندما كانت هناك مشاكل في البلاد بين الأنظمة المختلفة بعد انسحاب القوات السوفيتية؛ فظهرت الحركة الإسلامية باسم حركة طالبان، وفي 1996 عُقد في «قندهار» اجتماع كبير جدا، شارك فيه قرابة 1500 من العلماء، ووجهاء القبائل مُمثلي الشعب، ونصّبوا المُلا محمد عمر مجاهد -رحمه الله- أميرا للمؤمنين، وأسّسوا الحكومة وسُميت منذ ذلك الحين وحتى الآن بـ "الإمارة الإسلامية"، أما اسم الحركة فكان فقط في السنوات الأولى قبل اجتماع قندهار، وإعلان البيعة للمُلا محمد عمر مجاهد، وعلى مدار 20 سنة كنّا نقاتل، ونجاهد ضد الاحتلال باسم "الإمارة الإسلامية"، وربما تابعتم البيانات التي كنّا نصدرها، والمقابلات التي أجريناها مع وسائل الإعلام كانت كلها باسم "الإمارة الإسلامية".

هناك تقرير أممي صدر في شهر حزيران/ يونيو الماضي، قال إن تنظيم «داعش- خراسان» يتوسع في أفغانستان، وإن عدد مقاتليه يقترب من 6 آلاف، مُحذرا من أن تنظيم «القاعدة» يعيد بناء معسكرات تدريب، ومتهما «الإمارة الإسلامية» بالتحالف مع «القاعدة» وحماية قادة التنظيم.. ما ردكم على ما جاء في هذا التقرير؟


هذا التقرير باطل وافتراء، والدليل على ذلك أمرين: الأمر الأول كما هو معلوم للجميع أن البلاد كانت تحت الاحتلال، والقوات الأجنبية تنتشر في البلاد، وخلال هذه الفترة كانت هناك بعض المناطق، وبعض المديريات في شرق، وشمال، وشمال غرب البلاد تحت سيطرة تلك التنظيمات، وكنّا نقاتل في ذلك الوقت في ثلاث جبهات: ضد الاحتلال وقواته الأجنبية، وضد الإدارة في «كابل» التي كانت تمولها قوات الاحتلال، وضد هذه التنظيمات.

وبعد وصول "الإمارة الإسلامية" إلى الحكم بسطت سيطرتها على عموم البلاد، ونحن نتحدى من يدعي هذه الادعاءات أن يأتي لنا بمثال واحد أو شبر من الأرض تحت سيطرة هذه التنظيمات؛ فليس هناك أي وجود لها والحمد لله.

وكما هو معلوم أنه خلال الشهور الأولى من وصول "الإمارة الإسلامية" إلى الحكم كانت هناك بعض التفجيرات هنا أو هناك، ولكن يوما بعد يوم اختفت كل هذه الأمور وما زلنا نجاهد من أجل أن تنتهي هذه المشكلة.

وخلف هذه المشكلة كانت هناك أياد أجنبية من الخارج تُموّلها، وتروّج لها في الإعلام، والتقرير الذي أشرتم إليه هو جزء من سلسلة ترويج لمثل هذه الأفكار المتطرفة، والحقيقة ليس هناك وجود لمثل هذه المشاكل، وليس هناك مراكز للتدريب، وكل ما يُشاع عن ذلك افتراء وكذب فج، وبعيد عن الحقيقة وعن الواقع.

ما دور حركة طالبان في مكافحة الإرهاب والتعاون مع المجتمع الدولي في هذا الصدد؟

ما ذكرته قبل قليل خير دليل على ذلك، وأضيف على هذا بأننا تعاهدنا فيما يتعلق بمسؤوليتنا في بلدنا فقط؛ فليس لنا علاقة بما يحدث خارج البلاد؛ فلكل بلد مسؤوليتها، ونحن ملتزمون بهذا التعهد بأننا لن نسمح لأي فرد أو جماعة أن تستخدم أفغانستان ضد أمن دولة أخرى.

ما الذي وصلت إليه جهود استعادة الأموال الأفغانية المُجمّدة في الخارج؟

مع الأسف هناك ظلم واقع بحق الشعب الأفغاني، وقد تحدثنا عن ذلك أكثر من مرة في الإعلام، ومع وفود الدول المختلفة التي نتبادل معهم الآراء، وأوضحنا أن هذه الأموال ليست أموال الحكومة، بل هي أموال الشعب، وأن حوالي مليار دولار أو أكثر من تلك الأموال هي لرجال أعمال أفغان، وهذا ظلم بحق الشعب الأفغاني ومخالف لجميع القرارات والأصول الدولية، وهناك أصوات داخل الولايات المتحدة ترفض هذا الأمر، وهناك أصوات في الأمم المتحدة أيضا تطالب بالإفراج عن هذه الأموال، وهناك بعض الدول الكبرى مثل الصين وروسيا وغيرها طالبوا بذلك أيضا، حتى خرجت بعض المظاهرات في أمريكا ضد هذا العمل المشين.

وها نحن نطالب مرة أخرى بالإفراج عن هذه الأموال التي هي حق المواطنين الأفغان من النساء، والأطفال، والشيوخ، ونناشد الجميع بمساعدة الشعب الأفغاني سواء في الإعلام، أو في المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لأن هذا جزء من حقوق الإنسان التي لم نحصل عليها حتى الآن، ومساعينا جارية ونجاهد ونبذل كل ما في وسعنا لاستعادة أموال الشعب.

برأيكم، هل إصرار الغرب على عدم الاعتراف بكم، وفرض العقوبات، واستمرار تجميد الأموال والأصول الأفغانية، يمكن أن يدفع البلاد إلى الفوضى والقلاقل؟

نحن نؤمن بالله سبحانه وتعالى، وتوكلنا على الله، ثم ثقتنا في شعبنا، فإن كان هناك بعض المشكلات حاليا من قِبل بعض الجهات لكن في النهاية أملنا في الله كبير، وندعو الله سبحانه وتعالى أن تحل كل هذه المشكلات ونرى أفغانستان مزدهرة، ومتقدمة، وآمنة، ومستقرة، وهذا بفضل من الله ثم بتدبير القادة في "الإمارة الإسلامية".

وفيما يتعلق بمساندة شعبنا؛ فالشعب معنا منذ 20 سنة في هذا الكفاح الجهاد الذي قمنا به لإخراج المحتل؛ فلولا توفيق الله ثم وقوف الشعب معنا لكان من الصعب أن نصل إلى ما وصلنا إليه الآن؛ فالشعب معنا يدا بيد، ونحن متفائلون.

هل هناك مفاوضات أو حوارات جارية في الوقت الراهن مع أطراف إقليمية أو دولية لتخطي هذه المخاوف؟

نعم، هناك وفود تأتي إلى أفغانستان من الأمم المتحدة وغيرها من الدول، وهناك أيضا السفراء الموجودين في أفغانستان الذين يأتون للقاء رئيس الوزراء، أو نوابه، وتطرح خلال تلك اللقاءات هذه المشكلات والتباحث حولها، ونأمل في النهاية أن تحل هذه المشاكل.

إلى أي مدى تختلف تجربة الحكم الثانية لحركة طالبان عن تجربتها الأولى للحكم في تسعينيات القرن الماضي (1996–2001)؟

في المرحلة الأولى لم تكن لنا أي تجربة في الحكم، والآن وبعد 20 سنة، وخاصة خلال العامين الماضيين أصبحت لنا تجارب، وكما ذكرت في المقدمة أن الإنسان يتعلم من تجاربه، ولا شك أننا تعلمنا خلال 20 سنة الكثير من التجارب، وهو أمر طبيعي ليس فقط في أفغانستان، بل في جميع دول العالم. قبل 20 سنة كان الوضع مختلفا، والآن الوضع اختلف تماما.

هل عودة حركة طالبان للحكم من جديد انعكست سلبا أم إيجابا على الحركة الإسلامية في المنطقة؟

بشكل عام نستطيع القول إن هذا العمل كان فضل من الله سبحانه وتعالى، وأتى بأمل لجميع الأمة الإسلامية، وربما لم يتوقع البعض أن ينتصر الحق على الباطل، أو ينتصر المظلوم على ظالم، ولكن الله سبحانه وتعالى قد نصرنا؛ فقد كنا مظلومين، وجاء الاحتلال واعتدى على بلدنا، لكن بمثابرتنا وبجهادنا وبكفاحنا، وقبل كل هذا نصر من الله سبحانه وتعالى.

وهذا أوجد أملا لجميع الشعوب، وبالأخص في شعوب الأمة الإسلامية؛ فالحق مهما طال الزمن سينتصر في النهاية، وهو درس لكل من يظلم الشعوب، وهو أمر يبشر بخير في المستقبل.

كيف ترى مستقبل حركة طالبان في حكم أفغانستان؟

نحن متفائلون بأن نرى أفغانستان تحت سيطرة "الإمارة الإسلامية" مستقلة، حرة أبية، مزدهرة، ومتقدمة، وأن تكون أفغانستان مثالا يحتذى به، هذا أملنا، ونحن نسعى ونبذل كل ما في وسعنا من جهود لنصل إلى هذه المرحلة.

التعليقات (0)