ثمرات
التغيير في أي أمة دائما، تذهب للأقوياء الذين
صنعوا ذلك التغيير أو شاركوا في صنعه، وغالبا ما تكون استفادتهم تتناسب طرديا مع
مستوى مشاركتهم، ما لم تحدث قفزات انتهازية مفاجئة من قوى تركب موجة التغيير، وتحجز
لنفسها موطئ قدم عند توزيع الغنائم.
ومن الواضح أن التغيير القادم في
مصر سيكون بالدرجة
الأولى من صناعة قوى
الخارج ورجالها في الداخل من الانتهازيين واللصوص وأصحاب
المصالح؛ بعد أن تضخمت الديون والمعونات وأصبحت أداة فعالة للسيطرة وتوجيه
السياسات والأحداث. وهذا ما يجعلني لا أنتظر خيرا كثيرا للشعب المصري من أي تغيير
قادم بالمعطيات الحالية، طالما أنه ليس من صناعة الشعب نفسه (ما لم تحدث متغيرات
مفاجئة بمبادرة رسمية). ومن ثم سيعزز صنّاع التغيير المحتمل من نفوذهم كنتيجة
طبيعية لتحولات سياسية قد يصنعها تحالف معين في غيبة من الشعب، أو في وجود شعبي
رمزي وعابر؛ استكمالا للشكل أمام المجتمع الدولي ليس أكثر.
والنظام يساهم في نجاح هذا المخطط الخارجي لإسقاطه
بسبب تقييد حرية التنظيم والتعبير، ولا بد من إصلاحات سياسية وحقوقية
عاجلة وحقيقية قبل فوات الأوان، وهي تلك
الإصلاحات التي كان من المفترض أن يؤسس
لها الحوار الوطني الحالي الذي لم يسفر عن شيء مؤثر.
وفي حالة التقاعس عن المبادرة بتلك الإصلاحات العاجلة على
المؤامرة، ستؤتي ثمارها خلال شهور قليلة، ولن يعود التغيير بأي فائدة على الشعب، بل
على شبكة جديدة قديمة (مدعومة من قوى خارجية)، لن تقوى على تقديم جديد للشعب، بل
ستضطر إلى الانسياق وراء سيناريو مواصلة إحكام السيطرة الخارجية على اقتصاد ومرافق
مصر، بالبيع لوكلاء وواجهات الصهاينة كأول يد ومن ثم الصهاينة كآخر يد، رغم الفرح
الشعبي المتوقع لأول وهلة عند حدوث ذلك التغيير؛ ثم نكتشف الخديعة كالعادة كما حدث
في سوابق تاريخية كثيرة، ولا عزاء لشعوب مكبلة ومغرر بها.
وهذا ما
يدفعنا إلى الدعوة إلى استجابة
رسمية طوعية سريعة لدواعي الإصلاح وتقديم تنازلات جوهرية تدريجية للشعب، وإلا
سيفقد النظام مساحات كبيرة من الأرض التي اكتسبها خلال العشر سنوات الأخيرة، وسنقع
جميعا في قاع جديد من قيعان التردي المتواصل منذ سبعين عاما.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.