نشرت
مجلة "
فورين أفيرز" مقالا للباحثة داليا داسا كي، رأت فيه أن الولايات
المتحدة يجب عليها ألا تدفع باتجاه اتفاقية جوفاء بين
الاحتلال الإسرائيلي
والسعودية، معتبرة أن خطة الرئيس الأمريكي جو
بايدن تستحق "مبدئيا"
الدعم، خاصة أن اتفاقية التطبيع ستعطي "إسرائيل" ما تريده وهو الحصول
على اعتراف شامل في العالم العربي، وتطلق العنان لإمكانيات المنطقة الاقتصادية.
واعتبرت
الكاتبة أن المسارات التي تم الحديث عنها للصفقة لن تدفع السلام في الشرق الأوسط،
بل ستزيد الأمور سوءا، فالرياض تريد ثلاثة أمور كتحلية من واشنطن، تتمثل بالحصول
على مزيد من الأسلحة المتقدمة مثل نظام الصواريخ "ثاد" وضمانات أمنية
على شكل الناتو ومساعدة أمريكية في بناء المفاعل النووي بحيث يسمح للسعودية أن
تخصب اليورانيوم محليا.
وأشارت
إلى أنه رغم كل المشاكل التي ستظهر من الأسلحة الجديدة في منطقة متقلبة إلا أن بيع
الأسلحة هو العنصر الأقل جدلا في الاتفاقية، لا سيما أن بايدن في بداية حكمه تعهد بتخفيض
مبيعات الأسلحة للسعودية، لكنه عاد وصادق على سلسلة من صفقات الأسلحة، بعد زيارته
لجدة في صيف 2022، في وقت لم يقف الكونغرس أمامها.
اظهار أخبار متعلقة
وتوقعت
أن تشعل مطالب
السعودية معارضة قوية من الحزبين في الكونغرس، فليس لدى واشنطن
اتفاقية دفاع تلزمها بنشر قوات للدفاع عن إسرائيل أو أي دولة عربية أخرى.
وتتعاون
الولايات المتحدة في تشغيل مفاعلات نووية مدنية مع دول الخليج الأخرى، مثل
الإمارات العربية المتحدة. إلا أن الاتفاقيات هذه لا تشمل تخصيب اليورانيوم
محليا.
ورجحت
الكاتبة أن يكون بايدن يميل إلى الاعتقاد بأنه بحاجة لانتصار كبير في الشرق
الأوسط، مع قرب الحملات الانتخابية لعام 2024، مضيفة: "ربما كان بايدن يعتقد
أن الصفقة مفيدة للولايات المتحدة لردع إيران ومنع جهود الصين لحرف ميزان القوة في
المنطقة لصالحها".
وتابعت:
"ربما كان لدى مسؤولي الإدارة آمال كبيرة لو دفعوا بصفقة في وجه المعارضة
المحلية والتنازلات غير المريحة لقيم الولايات المتحدة، لكن أيا من المنافع التي
يتم الحديث عنها من الصفقة لن تحدث، فالشرق الأوسط لم يعد سهل الانقياد كما كان
نتيجة هذه الصفقات".
ورأت
أن إدارة بايدن تعمل بناء على قواعد قديمة وهي أن الصفقات الكبرى البراقة
والمصافحات المتلفزة تحول الشرق الأوسط وللأبد، وهذه الصفقة ليست مقامرة قصيرة-
طويلة الأمد، فقد تكون خطرا على المنطقة والولايات المتحدة.
اظهار أخبار متعلقة
وتوقعت
أن تكون الإدارة الأمريكية تفكر بأن صفقة التطبيع بين الاحتلال والسعودية ستحفز
نتنياهو لتعديل مواقفه من
الفلسطينيين والتخلي عن ائتلافه وتشكيل حكومة جديدة مع
أحزاب وسطية. لكن الوسطيين في إسرائيل لا يثقون بنتنياهو. فقد قال يائير لابيد
زعيم المعارضة في نهاية تموز/يوليو ومنتصف آب/أغسطس أنه لا نية لديه للمشاركة في
حكومة يتزعمها نتنياهو.
ووفق
الكاتبة، فإنه من غير المحتمل أن يخاطر نتنياهو بانتخابات جديدة في وقت يحاول فيه ائتلافه إضعاف سلطات القضاء. وفي الواقع، فصفقة مع السعودية ستخفف الضغط السياسي
على نتنياهو بعد احتجاجات غير مسبوقة، فدفع من الولايات المتحدة لن يؤدي لثمار
جدية للفلسطينيين، بل سيخاطر بإخراج نتنياهو من ورطته ويضعف حركة الديمقراطية في
البلد.
وبخصوص
النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط، رأت الكاتبة أن بايدن يمكن أن يحصل على موافقة
من السعودية للتكيف مع مطالب أمريكية محددة، إلا أنه لن يتوقع تآكل العلاقة
السعودية القوية والمتسعة مع الصين، التي رعت اتفاقية إعادة العلاقات بين السعودية
وإيران بعد سنوات من القطيعة.
وأضافت:
"وعليه فالاتفاقية المقترحة بين السعودية وإسرائيل تقلب كل هذا رأسا على عقب
وتهدد بالتزامات أمنية للشركاء الذين لديهم تاريخ خطير ومتقلب".
وتعتقد
أمريكا أنها بتقديمها التطمينات الصحيحة ستعود إلى لعب دور العراب الرئيسي في
المنطقة، لكن هذا الأمل سيتلاشى بالتأكيد. فالدول الحازمة في المنطقة لا تريد لعب
دور ثان لواشنطن وباتت تسعى وراء مصالحها بقوة والتي قد تتوافق أو لا تتوافق مع
المصالح الأمريكية، وفق الكاتبة.
اظهار أخبار متعلقة
وتفترض الصفقة المحتملة شريكا إسرائيليا لم يعد
موجودا، فقد افترض المسؤولون وعلى مدى عقود أنه لو عرض على إسرائيل المحفزات
الحقيقية ومنها القبول العربي، فستقدم التنازلات مقابل السلام. وقد نجحت الصيغة في
كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، قبل 40 عاما، لكن من غير المحتمل أن تنجح
اليوم.
فالصفقات
الإقليمية الكبرى التي لا تأخذ بعين الاعتبار التغيرات في السياسة الإسرائيلية هي
منفصمة عن الواقع، بل وستعزز من سياسة المتطرفين في البلد، والذين يحققون
مكاسب.
فالصفقة
السعودية التي يبدو بايدن أنه يفكر بها تقتضي ثمنا باهظا بدون منافع حقيقية لإرثه،
ولن تؤدي إلى تحسين العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية أو احتواء الصين أو تخفيض
النزاعات الإقليمية.
وربما
طبعت السعودية وإسرائيل العلاقات بناء على جدول زمني، ولكن الوقت الحالي غير مناسب
للدفع بها. وعلى إدارة بايدن إعادة النظر في خطة التطبيع، فما كشف عن مساراتها
يظهر النقاط العمياء لدى واشنطن عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط.