قالت صحيفة "
واشنطن بوست" إن أوكرانيا استنفذت
كل الخيارات لديها من أجل استعادة مناطق مهمة. وقالت: "يبدو أن أوكرانيا لم يعد
لديها الخيارات في
الهجوم المضاد الذي صاغه قادتها في الأصل لاستعادة مناطق مهمة من
القوات الروسية المحتلة هذا العام".
ومضى
شهران على القتال، ويبدو أن الهجوم المضاد تجمد، ولا يزال تقدم كييف معزولا ويتركز
على حفنة من القرى، فيما تتقدم القوات الروسية في الشمال، في وقت تأخرت فيه خطط تدريب
الطيارين الأوكرانيين على استخدام مقاتلات أف-16.
وتقول
الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إن عجز أوكرانيا عن إظهار نجاح حاسم في ساحة المعركة أثار مخاوف من دخول النزاع
حالة من الجمود وتآكل الدعم الدولي له. وكشف تقييم استخباراتي جديد أن القوات الأوكرانية
لن تستطيع الوصول إلى مدينة ميلتوبول الاستراتيجية بنهاية العام الحالي. وفي أوكرانيا
يرغب السكان القلقون في تحقيق قوات بلادهم انتصارا ويتوقع أن تتزايد الدعوات لقطع الدعم
عن أوكرانيا عندما تدخل حمى الانتخابات الرئاسية الأمريكية أوجها عام 2024.
اظهار أخبار متعلقة
وبدون
تقدم لتعزيز خطوط القتال أو بدون نشر مزيد من القوات لا تزال في الاحتياط، فإن من غير
المحتمل تحقيق الأوكرانيين اختراقا في الهجوم المضاد، بحسب محللين.
ويقول
فرانز-ستيفان غادي من مركز الأمن الأمريكي الجديد الذي زار أوكرانيا في تموز/ يوليو:
"السؤال هنا، أي الطرفين سيضعف سريعا؟.. علينا عدم توقع حدوث إنجازات عسكرية
في ليلة وضحاها".
وقال
غادي إن الروس والأوكرانيين في
حرب "استنزاف" الآن ويحاولون استنزاف موارد
كل منها من أجل تأمين تقدم مناطقي. ومع توقف القوات البرية الأوكرانية، شنت كييف سلسلة
من الغارات بالمسيرات على الأراضي الروسية، بما فيها موسكو، إلا أن الغارات تسببت في أضرار
قليلة. وعندما يسألون عن التقدم في الهجوم المضاد، يطلب المسؤولون الغربيون والأوكرانيون
الصبر ويصفون القتال بالبطيء أكثر من المتوقع، ويؤكدون في الوقت نفسه أنه يحقق نتائج.
إلا أن نافذة تحقيق أوكرانيا عمليات كبرى محدودة، ففي العام الماضي، لم تتقدم القوات
الأوكرانية كثيرا بعد سيطرتها على خيرسون في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وهي
تعول الآن على المسيرات لتحقيق تقدم في وقت تنتظر فيه وصول معدات عسكرية متقدمة، كما
يقول يوري ساك، المستشار في وزارة الدفاع الأوكرانية: "لم نحصل على إف16 بعد
وعلينا البحث عن بديل عنها، والمسيرات تعوض النقص في القوة الجوية". وقامت المخابرات
الداخلية الأوكرانية والمسؤولة عن المسيرات بضرب ميناء روسي وناقلة نفط روسية قرب شبه
جزيرة القرم، بحسب مسؤول استخبارات أوكراني لم يكشف عن اسمه.
وتقول
الصحيفة إن بيانات كييف بشأن الهجمات ضد موسكو غامضة، فمن ناحية تبعد الحكومة نفسها
عن الهجمات فيما يعترف مسؤولون بدور فيها. إلا أن المحللين يحذرون من أن الهجمات بالمسيرات
وإن حرفت الانتباه عن التقدم البطيء للهجوم المضاد، فإنها لن تحرف مسار الحرب لصالح
كييف.
ويقول
بوب هاميلتون، العقيد المتقاعد من الجيش الأمريكي والباحث ببرنامج أوراسيا بمعهد أبحاث
السياسة الخارجية: "ليس لدى الأوكرانيين القدرات الكافية لبناء مسيرات والضرب
داخل الأراضي الروسية وبأهداف كافية تستطيع إضعاف الإرادة الروسية للقتال". ولدى
الروس نظام متقدم لاعتراض المسيرات مثل الاستشعار والتشويش. وزعم الكرملين أنه أحبط
موجة من الهجمات بالمسيرات الأوكرانية في الأسبوع الماضي. وفي يوم السبت قالت وزارة
الدفاع الروسية إنها اعترضت 20 مسيرة استهدفت شبه جزيرة القرم.
وقال
هاميلتون: "لا أعتقد أن سلاحا واحدا يمثل الرصاصة القاتلة".
ويعلق
غادي الذي عاد قريبا من أوكرانيا، بأن الأوكرانيين صوبوا الصواريخ والأسلحة بعيدة المدى
نحو
روسيا، ولعدة أشهر، إلا أن هذا لم ينعكس بعد على خطوط القتال. وقال: "نعرف أن
الوضع الروسي تدهور، لكنه لم يتدهور لدرجة الانهيار المحتوم".
اظهار أخبار متعلقة
ويطلق
على الحملة بالهجمات بعيدة المدى "المعركة العميقة". ويمكن وصفها بالناجحة
عندما لا يتمكن العدو من القيام بدعوة قوات الاحتياط أو القيام بمهام أساسية مثل الحصول
على الإمدادات. وبدلا من الانهيار، فقد أظهرت القوات الروسية مقاومة شرسة بل وحققت تقدما.
ففي شمال أوكرانيا، أمرت السلطات المحلية بعملية إجلاء في كوبيانسك، والتي كانت جزءا
من مناطق واسعة استعادتها أوكرانيا العام الماضي. وفي الجنوب استخدمت القوات الأوكرانية
نهجا بطيئا للتقدم بدلا من النهج السريع المفضل لدى الجيوش الغربية. وفي الشهر الماضي،
دفعت القوات الأوكرانية جنودها باتجاه ستارومياورسك، وهي أول قرية تستعاد في أسابيع، ما أثار الآمال باختراق، لم يحدث.
واحتاجت القوات الأوكرانية إلى أسابيع أخرى لتحرير قرية أورجين، المحاذية لها، ويقال إنها تكبدت
خسائر فادحة. ويعتبر الوصول إلى بحر آزوف والسيطرة على الجسر البري للقرم واحدا من الأهداف
المعلنة للحملة المضادة. وتقدمت القوات الأوكرانية على مساحة 81 ميلا في المناطق التي
تسيطر عليها روسيا وبخاصة في باخموت وزباروجيا وأوركيف. ومن أجل بناء الزخم، فقد ركزت كييف
هجمات بالمسيرات على العمق الروسي لزيادة ثمن الحرب. وكان عليها استخدام مسيراتها وليس
المقدمة من دول الناتو لضرب الأراضي الروسية.