أكدت صحيفة عبرية، أن حكومة
الاحتلال الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين
نتنياهو، تمارس الخداع بالحديث عن إمكانية موافقة
السعودية على التطبيع مع "إسرائيل" في حال حصلت الرياض على برنامج نووي "مدني".
وأوضحت "
هآرتس" العبرية في تقرير نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، "تسبب أول أمس بضجة وفوضى زائدة، وكأنه كشف عن خطة سياسية سرية وخطيرة، وجميع الذين تابعوا تطور النقاشات في موضوع النووي السعودي، يعرفون جيدا اتفاق التفاهمات الذي وقع بين الرياض وبكين حول تطوير مشترك لمفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء".
رؤية استراتيجية
ولفتت أنهم "في البيت الأبيض مثلما في تل أبيب، يعرفون أن خيار الصين للبرنامج النووي السعودي غير جديد، ووقعت مذكرة تفاهمات جديدة في كانون الأول/ديسمبر الماضي بين الصين والسعودية، خلال زيارة الرئيس الصيني للرياض، ومرت 3 أشهر قبل استكمال الصين لعملية الوساطة المثيرة للانطباع بين السعودية وإيران".
وأضافت: "إذا كانت الولايات المتحدة تطمح إلى إبعاد الرياض عن بكين، فقد وصلت متأخرة جدا، ولا يمكن لأي تحذير إسرائيلي أن يغير ذلك"، منوهة أن "شبكة العلاقات بين الصين والسعودية، تشابكت مع استثمارات مشتركة بمليارات الدولارات وتعاون تكنولوجي وتجاري، وكذلك برؤية استراتيجية تستند لمصالح اقتصادية مشتركة، وهذا الأمر صحيح؛ سواء قررت شراء بنى تحتية صينية لتطوير برنامج نووي مدني أو توصلت لاتفاق مع واشنطن في هذا الشأن".
ونبهت الصحيفة، أن "الشرخ العميق بين الرياض وواشنطن، منذ أن دخل الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، أوضح للسعودية، أنه انتهى عهد الدولة العظمى الواحدة، وعليها أن تهتم بحزام أمان لا يكون معتمدا بشكل حصري على الإدارة الأمريكية، وإذا كانت واشنطن تسعى لإقامة ناتو شرق أوسطي فيجب عليها معرفة أنه إذا انضمت السعودية لهذا المشروع فهي ستأتي مع رزمة أصدقاء لها".
وقالت: "في واشنطن يدركون جيدا الصعوبة المتوقعة في عرض بديل سياسي على السعودية، الذي في إطاره سيكون عليها أن تقرر من سيكون صديقها الوحيد، وإذا نجحت الإدارة الأمريكية في جعل القيادة السعودية تفضل التعاون النووي الأمريكي على الصيني، فهذا سيكون إنجازا دبلوماسيا مهما بالنسبة للرئيس، ولكن ما الصلة بين هذا وبين التطبيع مع إسرائيل؟".
وأشارت إلى أن "ديرمر ورئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هنغبي، حاولا مؤخرا تهدئة الجمهور الإسرائيلي حول مسألة النووي السعودي، وذهب هنغبي بعيدا؛ وأوضح بأن البرنامج النووي المدني لا يشكل أي تهديد، في حين، اعتمد الوزير ديرمر على مجرد توقيع السعودية على ميثاق منع انتشار السلاح النووي كـ"طبقة عازلة"، من شأنها أن تخفف التهديد النووي المحتمل من جانبها.
وتابعت: "لكن لا توجد حاجة إلى تبني محاولات التهدئة هذه؛ فالسعودية وقعت على الميثاق الدولي، لكنها لم توقع على البروتوكول المرفق به والذي يسمح برقابة أعمق بكثير مما تسمح به الصيغة الأولية للميثاق، وبدون المصادقة على البروتوكول الإضافي وبدون تطبيق برنامج مفصل للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، سيكون لمجرد التوقيع على الميثاق أهمية إعلانية كبيرة، والفائدة قليلة".
قنبلة نووية
وأردفت الصحيفة: "ديرمر يعرف الشروط المشددة التي تضعها الولايات المتحدة أمام أي تعاون نووي مع دول ثالثة؛ وهكذا لن يهم ماذا سيكون موقف إسرائيل، اتفاق تعاون أمريكي – سعودي غير مرتبط بتطبيع معها، وليس بخطابات تهدئة لشخصيات إسرائيلية رفيعة، والأهم من ذلك التطبيع إذا تم، فهو لا يشكل ضمانة لعدم تحول البرنامج النووي السعودي لبرنامج عسكري".
ورأت "هآرتس" أن التساؤل الكبير الذي يجب أن تثيره تصريحات هنغبي، هو غير القلق من برنامج نووي مدني، علما أنه في 2009 عارضت إسرائيل طلب الأردن إقامة مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء "لأسباب أمنية"، وخلال سنين حذرت من الخطر الذي تتعرض له من برامج مصر لإقامة مفاعلات مدنية، السعودية مقابل جارات إسرائيل لم تخف نيتها لتطوير "دورة نووية كاملة"، أي تخصيب اليورانيوم وتطوير وقود نووي وتصدير المنتجات النووية إلى الخارج".
في 2018، أوضح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن "المملكة لا تريد الحصول على السلاح النووي، لكن دون شك إذا طورت إيران قنبلة كهذه، السعودية ستفعل ذلك بأسرع وقت".
وفي مؤتمر عقد في دبي في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حذر وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، أنه "إذا حصلت طهران على قنبلة نووية، فكل شيء سيكون مفتوحا".
ونوهت الصحيفة، أن "إسرائيل غير موقعة على ميثاق منع انتشار السلاح النووي، وعليها على الأقل، أن تتعلم كيف تخفي أنفها عندما تعلن أنها غير قلقة من برنامج نووي لأغراض مدنية، الذي ستقوم بتطويره أغنى الدول العربية، وهي أيضا حليفة الصين".
عملة ثمينة
وقدرت أن "الرياض تفضل التكنولوجيا الأمريكية على تكنولوجيا مصدرها بكين أو موسكو أو سيئول، لكن هل هي مستعدة أيضا لتبني وتنفيذ طلبات الرقابة الأمريكية؟ مضيفة أن "تل أبيب كما يبدو، سارعت لمنح السعودية شيكا مفتوحا، رغم أنها خلال السنين عملت على انتقاد نجاعة قدرة الرقابة للوكالة الدولية للطاقة النووية في كل ما يتعلق بالمنشآت النووية في إيران".
وتساءلت: "ما الذي حدث فجأة، حتى أصبحت مستعدة للتعامل مع برنامج نووي مدني في دولة عربية وكأنه برنامج بريء، وحتى تأييده، رغم أنها ليست عرابته في عملية المصادقة الأمريكية؟".
وأشارت "هآرتس" إلى أن "هذا التفسير يكمن في نفس الخدعة التي تطمح لخلق معادلة، التي بحسبها برنامج نووي سعودي يساوي التطبيع، وأنه دون المصادقة عليه فستضيع الفرصة التاريخية للتوقيع على سلام مع الرياض".
اظهار أخبار متعلقة
وتساءلت الصحيفة: "هل سبق أن وافقت إسرائيل على تنفيذ طلبات السعودية وأمريكا فيما يتعلق بمكانة
الفلسطينيين؟ هل ستكون مستعدة لتجميد البناء الاستيطاني لأجل التطبيع هل الحكومة الإسرائيلية تعرف أصلا ما هي الشروط التي تضعها الرياض في القضية الفلسطينية للمصادقة على التطبيع؟".
وتابعت: "الطريقة التي تطرح فيها إسرائيل تأييدها للبرنامج النووي السعودي أو عدم معارضته، هل تستهدف الإقناع بأن هذه هي القضية الوحيدة التي بقيت من أجل استكمال عملية التطبيع؟".
وذكرت أن "المثير للاهتمام؛ كيف ستكون ردة الفعل في إسرائيل، في حال أعلن
ابن سلمان بأن برنامجه النووي ليست له علاقة بالتطبيع، وأن هذه مفاوضات ثنائية بين دولته وبين الولايات المتحدة، وليس لإسرائيل أي مكانة أو تأثير عليها، وأنه إذا كانت تريد التطبيع فمن الأفضل لها أن تدفع بالعملة الفلسطينية الثمينة".