استعرض
تقرير لصحيفة "اندبندنت" البريطانية
التطهير العرقي الذي يمارس ضد المسلمين في
الهند.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21”, إن السلطات الهندية هدمت منزلا لأسرة مسلمة احتمى فيه عدد من الهندوس الفارين من الاعتداءات في بلدة نوح بولاية هاريانا.
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت الصحيفة عن أنيس خان وهو أب لثلاثة أطفال قوله، "بدلا من مكافأة على هذا العمل الرحيم عاقبتنا السلطات بهدم منزلي الذي كان ملجأ للفارين من أعمال الشغب".
وبدأت الاعتداءات في 31 تموز/ يوليو الماضي عندما مر موكب ديني نظمته منظمة هندوسية متشددة عبر أحد أحياء نوح، التي تسكنها غالبية مسلمة، وأضرمت النيران في السيارات والمتاجر والمساجد مع امتداد العنف إلى مدينة غوروغرام الكبرى المجاورة لدلهي. فكانت الحصيلة مقتل ستة أشخاص بحلول المساء.
وأضافت أن الأحداث التي أعقبت الاعتداءات تعكس الإجراءات التي اتخذتها سلطات الولاية في جميع أنحاء الهند حيث يتولى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم السلطة.
اظهار أخبار متعلقة
وبدلا من انتظار الشرطة لاعتقال مثيري الشغب المشتبه بهم، ورؤية الملاحقات القضائية في طل النظام القضائي الهندي البطيء للغاية، فعلت السلطات ما يطلق عليه "عدالة الجرافات"، حيث أرسلت فرق الهدم إلى الحي ذي الأغلبية المسلمة وفق الصحيفة.
وقال خان لصحيفة "إندبندنت"، إن المبنى الذي تم بناؤه حديثا لم يكن "يتعدى" على الأراضي العامة، كما زعمت السلطات، وأن جميع أوراقه سليمة. وقبل أن يسمع أن الجرافات كانت على عتبة منزله، يقول إنه "لم يتلق أي إشعار من الحكومة".
وتصاعدت التوترات طوال يوم الموكب في بلدة نوح، وسط شائعات بأن من بين الحاضرين مونو مانيسار، وهو هندوسي يميني مطلوب متهم بقتل اثنين من المسلمين بحجة حماية الأبقار.
ويروي خان للصحيفة، أحداث ليلة أعمال الشغب: "كنت داخل منزلي. في الواقع، قمنا بإيواء ثلاثة رجال لحمايتهم من العنف. لقد كانوا يهربون للنجاة بحياتهم عندما طلبوا منا أن نخبئهم في البيت".
"لا أعرف ما إذا كانوا ينتمون إلى أي مجموعة معينة، لكنهم كانوا رجالا هندوسا لجأوا بعد أن بدأت أعمال الشغب أثناء الموكب الذي كانوا يشاركون فيه".
وفي 5 آب/ أغسطس، عندما دُمر منزله، يقول خان إنه كان بعيدا في ولاية راجاستان المجاورة. "الرجال الذين قمنا بإيوائهم هم الذين أبلغوني أنه يتم تجريف المكان. وأبلغوا الشرطة أيضا أنني لم أشارك في أي أعمال عنف".
وتساءل أنيس خان أي عدالة تلك التي تقدم بها الحكومة على هدم منازل من ينقذ الأرواح؟
وأشارت الصحيفة إلى أن مفهوم العدالة بالجرافات عُمم لأول مرة من قبل الهندوسي المتشدد يوغي أديتياناث الذي أصبح زعيم ولاية أوتار براديش، والذي أكسبه استخدام الجرافات لقب "بلدوزر بابا"، حيث أصبحت منذ ذلك الحين الجرافات رمزا لقوة "أديتياناث" السياسية، حتى أنها احتلت مكانة في خطاباته الانتخابية.
وتقول الصحيفة إن هذا النموذج انتشر في ولايات أخرى يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، بما في ذلك ماديا براديش وآسام، فضلا عن نشره من قبل السلطات البلدية في أجزاء من دلهي، وقد أشاد به أنصار الحزب باعتباره علامة على اتخاذ السلطات إجراءات صارمة ضد الجريمة.
ونقلت "الاندبندنت" عن منتقدي هذا السلوك قولهم، إن هذا النهج قد استخدم في الماضي لاستهداف الأقليات بشكل غير متناسب، وأن مثل هذه العدالة خارج نطاق القضاء تحرم المشتبه بتورطهم من حق الدفاع عن براءتهم، كما حدث مع أنيس خان.
وقد تعرض قرار بوريس جونسون بالوقوف على قمة JCB خلال زيارة رئيس الوزراء إلى الهند في أبريل من العام الماضي لانتقادات ووصفها بأنها "فاقدة للحساسية" في ظل هذا السياق المحلي.
وفي بلدة نوح، تحولت جوانب طريق دلهي-ألوار السريع، والتي كانت تعج بالمحلات التجارية والأكشاك، إلى جبال صغيرة من الركام، حيث تقول السلطة المحلية إن 443 مبنى سُويّت بالأرض.
وتذكر الصحيفة أن العديد من العائلات لجؤوا إلى المحاكم بعد تدمير منازلهم، قائلين إنه لم يتم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وأن أصحاب المتاجر المسلمين على وجه الخصوص تم استهدافهم بشكل غير متناسب.
وقد دفع ذلك المحكمة العليا في البنجاب وهاريانا إلى إثارة الأمر مع الحكومة، قائلة عن الحادث: "تطرح القضية أيضا ما إذا كانت المباني التابعة لمجتمع معين قد تم هدمها تحت ستار مشكلة القانون والنظام، بينما تمارس الولاية التطهير العرقي", وفقًا لتقرير الصحيفة.
وفي مذكرة قدمتها إلى المحكمة، اعترفت سلطة المنطقة بأن العديد من المسلمين تأثروا بما أسمته "حملة مكافحة التعدي".
اظهار أخبار متعلقة
وقال ديريندرا خادغاتا، نائب مفوض بلدة نوح، إن "عدد الأشخاص المتضررين من حملة الهدم بلغ 354، منهم 71 هندوسيا و283 مسلما".
ويؤكد المنتقدون أن من غير المرجح أن يكون اختيار نوح بعد فترة وجيزة من أعمال الشغب هناك محض صدفة، في حين تنفي الحكومة استهداف الأقليات خلال حملة الهدم.
وفي حديثه بعد وقت قصير من اشتباكات 31 تموز/ يوليو، أوضح أنيل فيج وزير داخلية ولاية هاريانا أن الولاية ستفكر في هدم منازل أولئك الذين يُزعم تورطهم في أعمال العنف، قائلا "الجرافة جزء من العلاج".
ونقلت الصحيفة عن نواب شيخ، الذي تدير عائلته مجموعة من 18 متجرا مبنية على أرض يملكها في نالار على بعد حوالي ميل من وسط نوح قوله، "إن الإدارة تقوم بتدمير وتجريف الأشياء لإرضاء فئة معينة من الناس، إنها سياسة استرضاء".
وأضاف: "لم أتلق أي إشعار أو أي شيء، حتى أنني قد أظهرت أوراقي للإدارة لكنهم لم يستمعوا لي، وبدلا من ذلك احتجزوني وأبقوني في مركز الشرطة حتى انتهت عملية الهدم".
وفي إجابته حول سؤال الصحيفة عما إذا كان يشعر باستهداف مجتمع معين، قال: "بالطبع! هذا هو الحال لقد حدث الصراع برمته لأن الحكومة كانت متساهلة".
وبينت الصحيفة أن السلطات اعتقلت حوالي 242 شخصا في أعقاب أعمال الشغب، وقدمت الشرطة حوالي 60 لائحة اتهام منفصلة.
وتنقل الاندبندنت شهادة محمد إنعام الذي اعتقل أربعة من إخوته على الرغم من أن أحدهم كان في ولاية أغرا لزيارة تاج محل في ذلك الوقت.
وقال إنعام إن العائلة لديها صور سياحية، بالإضافة إلى تذكرة دخول مختومة بالوقت إلى أشهر المعالم الأثرية في الهند، لإثبات مكان وجوده أثناء اندلاع أعمال العنف.
وأضاف "في 2 آب/ أغسطس، جاءت الشرطة وألقت القبض على أخي، قائلة إنه متورط في رشق الحجارة"، ومنذ ذلك الحين، ظل إنعام يحمل نسخا من هذه الوثائق في جميع أنحاء المدينة، بحثا عن شخص قادر على المساعدة في قضيته.
وأكد إنعام: "لقد قدمنا الإثباتات إلى مدير الشرطة، والتقينا به وبالمسؤولين الآخرين مرتين لكن الجميع يقدمون لنا وعودا لفظية ولا يتم فعل أي شيء".
ويختم أنيس خان بالقول: "تقيم عائلتي المكونة من خمسة أفراد الآن مع أقاربهم في ولاية راجاستان، ويشعر أطفالي بالخوف لذلك، ذهبت لإيصالهم إلى القرية، حتى يتمكنوا من البقاء هناك حتى يهدأ الوضع".