تعاني
مصر من تراكم البضائع والسلع في الموانئ بسبب عدم قدرة البنوك المحلية على تدبير
الدولار للمستوردين، لكن مع استمرار شح الدولار وتراجع صافي الأصول الأجنبية إلى سالب
27.1 مليار دولار، فإنه تم السماح للبنوك بتدبير العملة للعميل الذي يقوم بدوره بوضع
المبلغ المطلوب بالبنك.
هذه
الخطوة، التي لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي لكن تناولتها بعض المواقع الإخبارية
الاقتصادية، سوف تساعد المستوردين على استيراد مستلزمات إنتاج أو سلع كاملة الصنع
من الخارج، كما أنه لن يتم سؤال الشركات عن مصدر العملة.
وتعد
السوق السوداء المصدر الوحيد القادر على توفير العملة الصعبة لكن بأسعار أعلى من
سعر الصرف الرسمي إذ بلغ سعر الدولار نحو 41 جنيها مقابل نحو 31 جنيها في البنك
المركزي المصري، أي بزيادة أكثر من 30%.
وتسبب
تأخر وتراكم مستلزمات العمليات الإنتاجية والسلع في تكدسها بالموانئ وزيادة
تكلفتها على المستورد، وتراجع مخزونها واختفاء المعروض منها أحيانا وبالتالي زيادة
سعرها بأكثر من قيمتها الحقيقية ومن ثم استمرار معدلات التضخم في الارتفاع.
يشار
إلى أنه لا يتم قبول فتح اعتمادات مستندية للاستيراد إلا بسداد قيمة الشحنات من
حصيلة الصادرات والإفصاح عن مصدر العملات، وفقا لقواعد البنك المركزي المصري.
اظهار أخبار متعلقة
مطلب
قديم متجدد
وكان
مستوردون ومصنعون ورجال أعمال قد طالبوا البنك المركزي المصري بالسماح لشركاتهم
غير المصدرة بتدبير الدولار وإيداعها في البنوك لاستيراد الخامات التي ارتفعت
أسعارها بشكل مبالغ فيه، حيث إن بعض المصانع قامت بتخفيض طاقتها الإنتاجية إلى مستوى 50% على
الأقل.
تفاقم
عجز صافي الأصول الأجنبية المصرية بنحو 11% في حزيران/ يونيو الماضي، على أساس
شهري، ليبلغ سالب 27.1 مليار دولار، من سالب 24.5 مليار دولار في أيار/ مايو
الماضي، بحسب أحدث بيانات للبنك المركزي المصري، وهو الأسوأ من نوعه على الإطلاق.
تمثل
صافي الأصول الأجنبية الفارق بين ما تمتلكه البنوك والبنك المركزي من أصول بالعملة
الأجنبية، وما عليها من التزامات بالعملة الأجنبية لصالح غير المقيمين، وبدأت
تتراجع بحدة منذ الأزمة الروسية الأوكرانية مطلع عام 2022.
كما
أن الدولة مكبلة بالتزامات خارجية ناحية المقرضين، إذ يتعين سداد 55.2 مليار دولار
(ودائع وأقساط ديون) في الفترة من آذار/ مارس 2023 إلى آذار/ مارس 2024 المقبل،
وفقا لبيانات حديثة صادرة عن البنك الدولي.
وتتوقع
الحكومة المصرية أن يقفز الدين العام إلى 98% من الناتج المحلي، على أقل تقدير،
وفق تصريحات محمد معيط وزير المالية.
اظهار أخبار متعلقة
أزمة
إدارة وليست أزمة دولار
الأزمة
ليست أزمة شح الدولار، وفق تصريحات الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد خزيم، إنما هي
أزمة إدارة رشيدة للملف الاقتصادي، وغياب الرؤية وعدم وجود دراسات جدوى، وعدم وجود
إنتاج حقيقي يدر عوائد مستدامة بالعملة الصعبة.
وإذا
ما كانت تلك الخطوة تمثل حلا لأزمة تكدس البضائع وتحريك عجلة الإنتاج، أو تمثل
ضغوطا من ناحية أخرى على
الجنيه المصري، فقد أكد الخبير لـ"عربي21"، أن
"هناك عشوائية في كافة القرارات، وفي الوقت الذي يتبنى فيه البنك المركزي سياسة
نقدية انكماشية نجد هناك سياسة مالية توسعية من قبل وزارة المالية، وبالتالي يصعب
قراءة المشهد اقتصاديا ولكنه ليس بخير".
ورأى
خزيم أن "الحلول التي تبتكرها الحكومة هي أسوأ من الأزمة نفسها، وحتى الآن لا
توجد انفراجة حقيقية في الوضع الاقتصادي المتأزم، ولا توجد أي مسؤولية في إطلاق
التصريحات على كافة المستويات، وكان آخرها عجزها عن بيع الأصول التي آلت للصندوق
السيادي، في غضون ذلك تتوالى التقارير السلبية من قبل المؤسسات وبنوك الاستثمار
حول وضع الاقتصاد.
اظهار أخبار متعلقة
هبوط
جديد للجنيه ونشاط السوق السوداء
يرى
آخرون أن من شأن تلك الخطوة حتى وإن كانت ستعيد التوازن للشركات التي فقدت نصف
قدراتها على الإنتاج قد تغير من سعر صرف الجنيه أمام الدولار بسبب زيادة الطلب على
العملة الصعبة من السوق السوداء، وهو ما أكده الباحث والمحلل الاقتصادي إلهامي
الميرغني.
ورأى
أن "مثل هذه الخطوة يجب أن يصاحبها توافر عملة صعبة في البنوك لا يخلق الطلب
المتزايد فجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي، كما أنها تساعد على رواج تجارة
العملة خارج النظام المصرفي، وسوف يكون بابا لغسيل الأموال بعيدا عن رقابة الجهاز
المصرفي".
وتوقع
الميرغني أن "يهبط الجنيه بسبب الضغوط على طلب الدولار، وتراجع صافي أصول
البنوك المحلية إلى أدنى مستوى عند سالب 27 مليار دولار، ولن نصل إلى سعر موحد
للنقد الأجنبي إلا بالإنتاج لا زراعة ولا صناعة، وكل ما لدينا طرق وكباري".
خلال
الأيام القليلة الماضية هوى الجنيه المصري إلى مستويات جديدة بأكثر من 5 بالمئة في السوق
السوداء ولامس مستويات الـ 41 جنيها مرتفعا من مستوى الـ38 جنيها؛ نتيجة زيادة الطلب
وسط مخاوف من خفض العملة المحلية مجددا.