أكد السفير
اليمني لدى المملكة المتحدة ياسين سعيد نعمان، أن المخرج
الوحيد لليمنيين من أزمتهم الحالية وخلافاتهم السياسية، هو تعظيم قيمة الدولة بمؤسساتها
وقوانينها ومدنيتها.
وقال نعمان في تدوينات نشرها في صفحته الرسمية على موقع التواصل
الاجتاماعي "فيسبوك": "كنا نخاف من الدولة ثم أصبحنا نخاف عليها..
هذا هو لسان حال الكثيرين ممن وقفوا في وجه الدولة، وقاوموا كل محاولة لبنائها،
حتى جاء طوفان الفوضى ليجدوا أنفسهم ضمن ضحايا هذا الطوفان".
وأضاف: "كل ما يمكن قوله اليوم هو أنه لا بد أن تسفر هذه
الكارثة عن تعظيم قيمة الدولة بمؤسساتها وقوانينها ومدنيتها في حياة اليمن
واليمنيين، وأن على أولئك الذين ظلوا يضعون أنفسهم فوق الدولة، أو تفصيلها على
مقاساتهم، أن يقفوا في طابور بناء الدولة بنظامها المؤسسي والمدني والتي يصبح
الشعب فيها هو مصدر السلطة ومالكها، فذلك هو الخيار الوحيد لاستقرار اليمن وبنائه
وتحويله إلى وطن".
وأشار نعمان، وهو أيضا رئيس وزراء ووزير يمني سابق، يشغل منصب أمين
عام الحزب الاشتراكي اليمني حالياً، وهو عضو ونائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني
اليمني في اليمن، إلى أن "السلطة في اليمن ظلت، في معظم الأحيان، تدار
بالأزمات، وأحياناً بالتناقضات والخلافات التي تنشأ بين فرقاء السلطة ومن مواقعهم
المختلفة".
وأضاف: "في ما مضى كان لهذا الوضع أسبابه المختلفة، والتي يأتي
في مقدمتها عدم ثقة الرجل الأول في إخلاص القيادات التي تعاونه وخوفاً من أن
تتحالف ضده. انعكس كل ذلك على إدارة الدولة بصورة سلبية، تمثلت في تضخيم الأجهزة
الأمنية وتحويل السلطة إلى سلطة بوليسية، وشاعت المكايدات والمؤامرات بين أجهزة
السلطة.. وبات الحاكم، الذي كان يعتقد أن تدوير الأزمات والخلافات من حواليه تؤمن
بقاءه في الحكم، في وضع المواجهة مع تدهور أوضاع الدولة والبلاد، وهو ما شهدناه في
تجارب وحالات كثيرة" .
ورأى نعمان أن الأمور اليوم "لا بد أن تتغير، لأن جانباً
أساسياً من وظيفة السلطة ومؤسساتها وأجهزتها هو الدفاع عن دولة منهوبة، يتوقف
مستقبل البلاد على استعادتها وتسليمها للشعب، وهي مهمة تاريخية لا يمكن أن يقوم
بها إلا مبادرون تاريخيون قادرون على تجاوز تجارب السلطات القديمة".
وبعد أن أشار إلى أن "الخلاف حول مسائل تتعلق بإدارة الدولة هو
شيء طبيعي"، قال: "ما هو غير طبيعي يتمثل في تحويل أسباب هذه الخلافات
إلى صخب إعلامي يتجاوز أسباب الخلاف إلى ما هو أبعد من ذلك، ولا ينتج عنه سوى المزيد
من تيئيس الناس وإرباكهم فوق ما هم فيه من وضع كارثي" .
وأضاف: "أعتقد أن الأخ رئيس مجلس القيادة لديه من الخبرة
الطويلة ما يجعله مدركاً لهذه الحقيقة التي يتعين عليه أن يستخدمها في هذه اللحظة
التي أخذت فيها مساحات التباعد بين مؤسسات السلطة تتسع وتتزايد، ومنها وإليها
تتسلل تعقيدات واستقطابات ستنعكس بشكل أكثر سوءاً على البلاد".
وأكد ياسين سعيد نعمان أنه "بات من المهم أن يدعو الرئيس إلى
إجتماع موسع لقيادة السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس القيادة والحكومة وقيادات
السلطة التشريعية، مجلسي النواب والشورى، والسلطة القضائية، للوقوف أمام تداعيات
هذا الوضع، ومن خلاله يستطيع أن يقيم أهلية هذه المنظومة في التصدي للمهام الموكلة
إليها".
وأضاف أن "مثل هذا الاجتماع لا بد أن يضع حداً لهذا الموروث
السلبي لإدارة السلطة والدولة، ولا بد من الاعتراف بأن الخلل بنيوي، وأنه لا داعي
للتغطية على حقيقة يصعب مواجهتها دون الرد على السؤال عن ما إذا كان المتصدرون
للمشهد مبادرين تاريخيين أم امتداداً لتجارب الماضي"، على حد تعبيره.
وتأتي دعوة ياسين سعيد نعمان عقب لقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي
اليمني رشاد العليمي، الأسبوع الماضي، مع المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ،
بغية إطلاق عملية تفاوضية شاملة في اليمن تلبي تطلعات الشعب اليمني في استعادة
مؤسسات الدولة والاستقرار والتنمية.
وأكد العليمي في
تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية "التزام
مجلس القيادة والحكومة بدعم جهود المبعوث الأممي، وضرورة تكاملها مع المساعي
المخلصة للأشقاء في السعودية من أجل إحياء مسار السلام، وتخفيف المعاناة الإنسانية
التي فاقمتها المليشيات الحوثية بهجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط
الملاحة الدولية".
وشدد العليمي خلال اللقاء على أهمية اعتماد الأمم المتحدة "آليات
وتوصيفات دقيقة للوضع اليمني، بما في ذلك رصد خروقات المليشيات الحوثية، وردع
انتهاكاتها الجسيمة للقوانين والأعراف الوطنية والدولية".
وكان المبعوث الأممي قد عقد مطلع الأسبوع الماضي، مباحثات في القاهرة
مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، تناولت سبل إيجاد حل مستدام للنزاع في اليمن.
وتتكثف منذ مدة مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في
اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء، وجولات خليجية للمبعوث
الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ والأممي هانس غروندبرغ.
ومنذ أن تم الإعلان عن عودة العلاقات بين السعودية وإيران برعاية
صينية في بكين في العاشر من آذار/ مارس الماضي، ساد التفاؤل بأن يكون لذلك
تداعيات إيجابية على عدد من المناطق التي تشهد توترا منذ عدة أعوام، وفي مقدمتها
اليمن.
وقد أعادت أعادت الرياض علاقتها بدمشق حليفة طهران وكثفت من جهود
السلام في اليمن.