مقالات مختارة

عقبات أمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل!

عبد الله الشايجي
وجود اليمين المتطرف في السلطة سيفجر أي اتفاق- جيتي
وجود اليمين المتطرف في السلطة سيفجر أي اتفاق- جيتي
تكثف الحديث والتحليل بمقالات وتسريبات في الأشهر الماضية عن صفقة كبرى، تهندسها وتقودها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتحقيق اختراق تاريخي قبل نهاية العام، والانغماس الكلي في حملة الرئاسة الأمريكية لفترة ثانية لبايدن مطلع عام 2024، في تحقيق اتفاقية سلام وإقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل، ليسوّقها بايدن كإنجاز تاريخي بالتطبيع بين السعودية، الدولة المركزية في العالمين العربي والإسلامي، وإسرائيل، يغير تركيبة النظام الإقليمي وقواعد اللعبة في المنطقة بشكل كلي، وربما يفوز بايدن بجائزة نوبل للسلام!
تجري منذ أشهر مفاوضات متعددة الأبعاد بين الولايات المتحدة والسعودية، والولايات المتحدة وإسرائيل، وبين السعودية والفلسطينيين، وحتى بين إدارة بايدن والديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، ويتفق الجميع على أن إنجاح المفاوضات أمر صعب ومعقد.
والواقع تشكل السعودية ثقلا وتميزا لا تملكه أي دول عربية وإسلامية ممن طبعت أو ستطبع مع إسرائيل. السعودية هي قلب العالم الإسلامي ومهبط الوحي وفيها مكة المكرمة والمسجد الحرام والمدينة المنورة والمسجد النبوي. وهي صاحبة المبادرة التي قدمها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله عندما كان ولياً للعهد، واُعتمدت في القمة العربية في بيروت عام 2002 لتتحول إلى المبادرة العربية.
وفحواها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية والانسحاب من الضفة الغربية والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا في جنوب لبنان، مقابل التطبيع العربي الشامل بين جميع الدول العربية مع إسرائيل.
لذلك، تعلم السعودية أهمية المردود من التطبيع مع إسرائيل، وذلك بعدما دشّن الرئيس بايدن نفسه خط الملاحة الجوي بين تل أبيب وجدة في زيارته الأولى للسعودية في تموز/يوليو 2022. ولا تمانع السعودية والدول العربية من التطبيع مع إسرائيل بمرجعية المبادرة العربية. ولكن بعد انتزاع أكبر تنازلات ممكنة للمضي قدما في التطبيع، وأهمه أن يكون هناك إنجاز مقبول ومقنع يمكن تسويقه بتقديم إسرائيل تنازلات مجزية ومقنعة للفلسطينيين، وتوفير الأمن والحماية للسعودية ـ بصفقة كبرى ـ Mega Deal.
حسب التسريبات، تشترط السعودية للوفود الرسمية الأمريكية الزائرة بشكل مكثف في الأشهر الماضية، وعلى رأسها وزير الخارجية أنتوني بلنكين ومستشار الأمن الوطني جاك سوليفان والمسؤول عن ملف الشرق الأوسط، في مجلس الأمن الوطني ماكورجيك وباربرا ليف مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، بطرح شروط تبدو للأمريكيين والإسرائيليين تعجيزية وتتجاوز الخطوط الحمراء».
لذلك، استضاف الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية مؤخرا في السعودية، واجتمع وفد فلسطيني برئاسة حسين الشيخ وماجد فرج مدير الاستخبارات مع ماكورجيك في السعودية، لبحث ما يمكن تقديمه من تنازلات للفلسطينيين بضغط وإصرار سعودي للمضي بالتطبيع.
وقف الاستيطان والانسحاب من مناطق في الضفة الغربية وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس الشرقية وافتتاح السعودية قنصلية في القدس وتعود لتمويل السلطة الفلسطينية، وعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وضعها «مراقب». شروط لن يقبلها نتنياهو وإدارة بايدن.
تشترط السعودية توقيع معاهدة دفاع أمنية من شروطها؛ ضمان الولايات المتحدة أمن السعودية، شبيه بالمعاهدة الأمريكية مع اليابان وكوريا الجنوبية، وضم السعودية إلى المظلة النووية الأمريكية في حال امتلكت إيران السلاح النووي، ودعم ومساندة إدارة بايدن تطوير السعودية برنامجا نوويا سلميا.
من الواضح أن إدارة بايدن وإسرائيل ترفضان المطلبين الثاني والثالث «لتهديد أمن إسرائيل»، خاصة تحتاج المعاهدة الأمنية مع السعودية لمصادقة مجلس الشيوخ لإلزام الولايات المتحدة بالدفاع عن السعودية. وبرغم حث السناتور لندسي غراهام ترامب لدعم صفقة بايدن الكبرى، لكن ذلك شبه مستحيل من كونغرس يرى كثير من أعضائه أنه سيورّط الولايات المتحدة في نزاع في الشرق الأوسط،. كما دأب بعض أعضاء الكونغرس وخاصة أعضاء الكونغرس التقدميين الديمقراطيين والجمهوريين، على انتقاد حرب السعودية في اليمن وسجلها في حقوق الإنسان. وتعارض الحكومة والمعارضة الإسرائيلية بقيادة لابيد مساهمة أمريكا في برنامج نووي، وقد زاروا واشنطن وأبلغوا المسؤولين الأمريكيين رفضهم دعم الولايات المتحدة تطوير برنامج نووي سعودي؛ لأنه سيقود إلى سباق تسلح نووي. وذكّروا بتأكيد ولي العهد السعودي «في حال امتلكت إيران السلاح النووي، فإن السعودية سترد بالمثل».
تمر العلاقات الأمريكية – السعودية بمرحلة شد وجذب، وخاصة علاقة السعودية مع روسيا سواء في الحرب على أوكرانيا وخفض إنتاج النفط بالتنسيق مع روسيا في مجموعة أوبك بلس، بدلا من زيادة الإنتاج كما طالب الرئيس بايدن العام الماضي قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
كما أعلنت السعودية والإمارات عن استعدادهما عقد صفقات تجارية بعملة غير الدولار، بما فيه اليوان الصيني. وتقاربت السعودية مع إيران بإعادة العلاقات بوساطة صينية في عقر دار النفوذ الأمريكي في الخليج. لذلك، تواجه الصفقة الكبرى التي يسعى بايدن شخصيا لانتزاعها ليسوّقها في حملته الانتخابية للرئاسة، بأنه رجل دولة حقق اختراقا كبيرا في عملية السلام، هي أكبر وأهم من اتفاقية كامب ديفيد للرئيس كارتر بين مصر وإسرائيل عام 1979، وبإنجاز تاريخي وجائزة كبرى في تطبيع السعودية مع إسرائيل، ما يدشن حقبة جديدة بانهيار سد الممانعة والمعارضة للتطبيع العربي – الإسلامي مع إسرائيل.
لذلك، تشكل تلك العقبات الكأداء عاملا يستحيل معه تحقيق اختراق، كما يأمل الرئيس بايدن، بتفاهمات واقعية مع الفلسطينيين، ترفضها حكومة أقصى اليمين الصهيوني الفاشي، ووزراء يقيمون في مستوطنات غير شرعية في القدس والضفة الغربية. وينكلون ويقتلون ويعتدون على الفلسطينيين، وتستبيح قطعان المستوطنين حرمة المسجد الأقصى بشكل يومي بقيادة وزير الأمن الداخلي بن غفير وعصابة المتطرفين الفاشيين. كما يخشى نتنياهو، المأزوم والمحاصر بقضايا نصب واحتيال وخيانة أمانة، من أن دعمه قد يكون تمثيلا لتحقيق الصفقة الكبرى، وذاك سيسقط حكومته السادسة، ويجبره على خوض انتخابات مبكرة قد يخسرها ويُسجن.
(القدس العربي)
التعليقات (1)
كامل احترامي للاستاذ الشايجي
الإثنين، 11-09-2023 06:58 م
لكن السؤال المنطقي .. متى وجدت إسرائيل أي مانع من تقنين نسب ابناء السفاح الذين صاروا حكاما و اهل عَقْْْد و حَلّ في محيطها بل في العالم بأسره ؟ .. دعونا نواجه الحقيقة العارية متفحصين تفاصيلها القميئة .. حيث غَضّّّ البصر عنها يستوجب الحساب و العقاب لانه ذنبٌ عظيم .. أما عَضّضّضّ البصَل ؟ فلتَدمَع كل العيون و لتبكي دما على ما فرطت فيه طائعةً راغبةً مُشتَهِيَّةً شَبِقَةً بلا حساب .