قالت مجلة "
إيكونوميست" البريطانية إن قليلا من الأفعال
الإيرانية تثير غضب أعدائها أكثر من احتجازها رهائن، حيث يُعرض على الأجانب تأشيرات رسمية لزيارة إيران، ثم يتم احتجازهم عند المغادرة من قبل قوات الحرس الثوري "المعروفة باسم الباسداران".
وأضافت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21", أن إيران تستخدم الرهائن ورقة مساومة لتبادل السجناء والحصول على أموال، من بين أمور أخرى.
وتنقل عن دبلوماسي غربي كان مقيما في إيران سابقا قوله: "إن إيران ليست جمهورية موز، لكنها لا تزال تتصرف مثل دولة مافيا".
وفي 18 أيلول/ سبتمبر، تبادلت إيران والولايات المتحدة خمسة سجناء في
صفقة تضمنت رفع حجز ستة مليارات دولار مجمدة من الأصول الإيرانية لعائدات النفط في كوريا الجنوبية.
اظهار أخبار متعلقة
وتقول المجلة إن الإيرانيين يزعمون أنه لا خيار لديهم سوى أخذ سجناء لأن خصومهم ينتهكون القانون الدولي أيضا، خصوصا بعد فرص عقوبات أمريكية قاسية وإفراغ النفط الإيراني من ناقلة استولت عليها أمريكا ونقلتها إلى تكساس الشهر الماضي.
وبينت، أنه على المدى الطويل، سيشل احتجاز الرهائن آمال إيران في تطوير السياحة ويعوق الاستثمار والتجارة الأجنبية، لكن الأموال التي تحصلها طهران من هذه العمليات مغرية بالنسبة للنظام الذي يواجه غضبا شعبيا وسط ارتفاع التضخم وانخفاض العملة التي وصلت إلى مستوى قياسي هذا العام قبل أن تنتعش بعد إتمام صفقة التبادل.
ومع مغادرة السجناء مطار الخميني الدولي تحت مراقبة السفير القطري في طهران الذي ساعد في التفاوض على الصفقة، فقد قام بنكان كوريان بتحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية عبر سويسرا إلى العاصمة القطرية الدوحة.
ووفقا لأحد الوسطاء الدين تحدثوا للمجلة، فإن الدوحة قامت بتحسين الصفقة من خلال تعويض إيران عن خسارة الفوائد التي تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات.
وبموجب الاتفاق، ستقوم وزارة الخزانة الأمريكية بمراقبة الإنفاق للتأكد من أن إيران تستخدم الأموال فقط للأغراض الإنسانية.
ولكن، كما يقول نورمان رول، الجاسوس الأمريكي السابق، فإن الصفقة يمكن أن توفر أموالا لبرامج إيران العسكرية، وبإمكان إيران أيضا الحصول على آلية للتنازل عن العقوبات يمكن استخدامها في معاملات مالية أخرى.
وتنقل المجلة عن إسفنديار باتمانغليدج، الاقتصادي الإيراني الأمريكي الذي يرأس مركز أبحاث في لندن قوله: "قد تكون هذه لحظة تعلم للدبلوماسية المستقبلية بشأن تخفيف العقوبات".
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت، بأن من المقرر إجراء مزيد من المحادثات بين الإيرانيين وعدوهم الإقليمي السابق، السعودية، مع الدول العربية الخمس الأخرى في مجلس التعاون الخليجي على هامش الأمم المتحدة.
وبالتزامن مع إطلاق سراح السجناء، يقول أحد الوسطاء للمجلة: "إن كبار المسؤولين الإيرانيين ونظراءهم الأمريكيين يعقدون أيضا محادثات مباشرة خلال زيارة رئيسي، حيث تشمل القضايا المدرجة على جدول الأعمال: البرنامج النووي الإيراني، وتزويد روسيا بمسيرات إيرانية، والتهديدات الإيرانية ضد الإدارة الكردية في شمال العراق".
وتشير المجلة إلى أن مراقبين يرون أن هذه هي الخطوة الأولى نحو اتفاق أوسع بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، في الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه عام 2015 والذي كان يهدف إلى منع إيران من تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يضعها على "عتبة" الحصول على أسلحة نووية.
ويذكر أحد الوسطاء، أن "إيران أصبحت بالفعل على عتبة الحصول على قنبلة نووية، لذا فقد فات الأوان".
واستدركت المجلة بأن إدارة رئيسي استعادت في الأشهر الأخيرة، العلاقات الدبلوماسية مع منافستها الإقليمية، السعودية، وبدأت محادثات حول الانضمام إلى البريكس، كما أنها انضمت أخيرا إلى مجلس تعاون شنغهاي للدول الأوراسية.
وتابعت: "حتى خصم إيران الأكثر صخبا، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فقد خفف من انتقاداته، على ما يبدو خوفا من تفاقم التوترات مع إدارة بايدن وإفساد آماله في إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية".
اظهار أخبار متعلقة
وفي الداخل والخارج، انتقد معارضو إيران الصفقة ووصفوها بأنها صفعة على وجه أمريكا، خاصة أنها تتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لوفاة مهسا أميني، التي شهدت إيران عقب مقتلها العام الماضي
احتجاجات واسعة قتل خلالها أكثر من 500 شخص.
ويخضع والد أميني للإقامة الجبرية، ومؤخرا تم إغلاق المقاهي في جميع أنحاء البلاد لمنع الشباب من التجمع، حيث قال أحد رواد المقهى: "لقد بدا الأمر وكأنه قانون عرفي".
وأكدت المجلة أن النظام الإيراني حاليا له اليد العليا حيث تم تفريق الاحتجاجات الصغيرة القليلة التي حدثت في طهران في غضون دقائق، واستخدم الأمن الذخيرة الحية في إقليم كردستان، الذي تنحدر أميني منه.
وتشير المجلة إلى أن الإيرانيين يتحدثون عن تصاعد التوتر. وقد لجأ الكثيرون إلى العصيان المدني، ومع اتساع الفجوة بين النظام وشعبه، فإن أفراد الأمن يرتدون أقنعة لإخفاء هوياتهم.
وختمت المجلة بالقول: "إن الرأي العام في إيران قد يهدأ على الأقل مؤقتا، إلا أن الغضب الشعبي في طهران لا يزال مستعرا".