التوقعات أن اتفاقا من نوع ما سوف يحدث في غضون الأشهر المقبلة بين المملكة العربية
السعودية وإسرائيل برعاية ودعم أمريكي. الإدارة الأمريكية تريد هذا الاتفاق قبيل الانتخابات الرئاسية العام المقبل حتى تحصد نتائجه، وغير واضح ما إذا كانت ستقدم المطلوب من اتفاق ضمانات أمنية أو برنامج نووي سلمي للسعودية، وهذا ما تطلبه الأخيرة. السعودية، بدورها، لا شك ستدرس التوقيت الزمني للاتفاق بدقة، فهل تفعله مع إدارة أمريكية غير معلوم إذا كانت ستبقى أم ترحل، أم تنتظر الإدارة الجديدة المقبلة التي "قد" تكون الحالية أو منافسها ترامب. الزمن مهم، لكنه يبقى أمرا تكتيكيا مقارنة بالمكاسب الاستراتيجية للأطراف كافة التي يتم التفاوض بشأنها.
ما يجب أن يكون واضحا للجميع، أن هذا الاتفاق المتوقع، على أهميته الاستراتيجية الكبيرة لإسرائيل والسعودية، إلا أنه لن يفتح أبواب الجنة أمام إسرائيل ويعطيها كرت عبور أخضر للعالمين العربي والإسلامي. الاتفاق مع السعودية مهم لثقلها الاقتصادي والسياسي ورمزيتها الدينية، ويتماهى مع أهمية السلام مع الأردن ومصر بالنسبة لإسرائيل، لكن لهذه الاتفاقات محددات يقف على رأسها كيفية تعامل إسرائيل مع القضية
الفلسطينية والشعب الفلسطيني. لن تستطيع أي دولة، لا سياسيا ولا أخلاقيا، أن تقف وتتقدم بالعلاقات مع إسرائيل، إذا لم تتعامل إسرائيل مع الشعب الفلسطيني بما يستحقه كشعب يطالب بكرامته الوطنية التي باتت أيقونتها الأساسية قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. الاتفاقات الإبراهيمية الأخيرة على أهميتها بقيت أسيرة للتعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين، بل إن ذلك أدى في أحيان لبيانات إدانة واستنكار للتعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين. هذا ما يجب أن يعيه نتنياهو أو أي رئيس وزراء لإسرائيل؛ أن القبول الإقليمي لإسرائيل لا يعني ولن يعني القفز عن حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة بقيام دولته القابلة للحياة، ومحاولات إسرائيل القفز عن ذلك منافية للمنطق وحقائق الميدان.
تبدو السعودية مدركة لذلك، والدليل تعيينها سفيرا لدى السلطة الفلسطينية وقنصلا عاما في القدس، وهي إشارة واضحة على أن السعودية متمسكة بموقفها من الصراع المتمثل بالمبادرة العربية للسلام وحل الدولتين، حتى وإن كانت تسير نحو اتفاق سلام مع إسرائيل. الولايات المتحدة تدرك أهمية ذلك أيضا، وترفض تحجج نتنياهو بانهيار ائتلافه الحكومي إذا ما قدم تنازلات للفلسطينيين، بل وثمة أصوات ترغب وتطالب نتنياهو بتغيير الائتلاف وإنشاء واحد مع أحزاب المعارضة والوسط، فإن فعل، يكون في حل من ضغوطات المتطرفين من وزرائه، وسيدخل التاريخ من أوسع أبوابه كصانع سلام مع الفلسطينيين وموقع الاتفاق مع السعودية. الجائزة السياسية كبيرة لنتنياهو إذا ما ذهب بمسار كهذا، لكن تجربتنا ومعرفتنا بالرجل تجعلنا لا نضع آمالا كبيرة على شخصيته السياسية الانتهازية، التي لا ترى ولا تريد أكثر من مصالحها الانتخابية القصيرة والضيقة.