لا ينفك الإسرائيليون
من الخبراء والكتاب والمسؤولين عن الإقرار بحجم الكارثة التي حلت بهم عقب هجوم
حماس المفاجئ في مستوطنات غلاف
غزة، وتكرارهم لعبارة أن ما حصل هو "فشل
سياسي، واستخباراتي، وعملياتي".
وتكشف أوساط
الاحتلال،
عن مواجهتهم صعوبة في تصديق حقيقة الصفعة التي تلقوها، وعجزهم عن تفسير أن
المسلحين اخترقوا السياج بجرافة، وسيارات تويوتا، ولا يجدون من يوقفهم.
مائير شتريت الوزير
الإسرائيلي السابق، أكد أن "فشل 2023 أخطر بكثير من فشل 1973، وفي اليوم
الثاني سقط أكثر من 300 قتيل، والقتال في غلاف غزة لم ينته بعد، فيما أجهزة
المخابرات "يومينت، سيغينت، يوزينت"، تفشل بهذا الشكل الخطير في قراءة
الخريطة العملياتية، مما يمنحنا الفرصة لطرح هذه الأسئلة: أين الجيش، والأسلحة
المتطورة، والطائرات بدون طيار، والمروحيات، والدبابات، والجنود؟".
وأضاف في تساؤلاته:
"أين كل هذه الأدوات ما زالت مفقودة حتى بعد مرور عدة ساعات عندما سيطر
المسلحون على العديد من المستوطنات، وأين الوحدات الخاصة، ولماذا لم يتم تجنيدهم
على الفور، وإرسالهم بالمروحيات لجميع المستوطنات التي يحكمها المسلحون؟".
إظهار أخبار متعلقة
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة
معاريف، وترجمته "عربي21"، أنه "من العار الكبير للاحتلال
انتصار مجموعة من المسلحين على "قوة" متغطرسة نامت على أهبة الاستعداد،
وليس ممكنا محو هذا العار عن دولة عانت من سقوط ألف جريح ومئات القتلى، وعشرات إن
لم يكن مئات الأسرى الذين اختطفتهم حماس بشاحنات ودراجات نارية، والسؤال: لماذا لم
يمنع الجيش مرورهم من إسرائيل إلى غزة مباشرة بعد بدء الأحداث ومعهم رهائن، إن
الأمر خطير، وينبغي تشكيل لجنة تحقيق رسمية فور انتهاء الحرب، لتقديم جميع
المسؤولين عن هذا الفشل الذريع للمحاكمة، وهو فشل سيظل في ذاكرة جميع المسؤولين
عنه للأبد، لأن الواقع صفعنا على وجوهنا".
بن كاسبيت المحلل
السياسي اعترف أن "إسرائيل واجهت إذلالا أكبر من حرب يوم الغفران، ومن خشي
الذهاب للعمل البري في غزة، فقد ذهبت غزة إليه، ومن قال عن نفسه "قويّ ضد حماس"،
وجد نفسه ضعيفا أمام حماس القوية، وقد فوجئت إسرائيل بمفاجأة استراتيجية بحجم حرب
يوم الغفران، لكنها أكثر إذلالا؛ لأن حماس بدأت ضدنا حربا وحشية، والنتيجة أننا
أمام أكبر فشل أمني؛ لأنه في 1973 واجهنا دولتين قويتين تمتلكان جيوشا نظامية
ضخمة، وآلاف الدبابات، والقوات الجوية والاستخبارات والدعم القوي".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة
معاريف، وترجمته "عربي21"، أن "إسرائيل اليوم أمام منظمة حماس
بلا قوة جوية، ولا دروع، ولا بنية تحتية، بل محاصرة ومعزولة، وفي مواجهة أكثر آلات
الاستخبارات تطورا في العالم، ورغم كل ذلك انتصرت، وفي عالم الرياضة يجب أن تعتزل
حماس اللعب؛ لأنها وصلت إلى قمة مجدها، أعلى من ذلك، فقد بحثت حماس عن صورة النصر،
لكنها وجدت ألبوما كاملا، وأنزلت إسرائيل على ركبتيها".
واستذكر كاسبيت حديثه
مع أحد كبار الضباط المكلف بمتابعة حماس قبل ثلاث سنوات، واصفا إياها
بـ"المنظمة الأكثر جدية، بل أكثر تصميما من حزب الله، إنهم شجعان، وليسوا
مغفلين، يعرفون ما يفعلون، ويجب عدم الاستهانة بهم، لديهم الصبر، ولا يستسلمون،
ويستغلون الفرص، ويمكن أن يشكلوا خطورة كبيرة، ورغم إقامة العائق المادي حول قطاع
غزة لكن حماس اخترقته، بعد استثمار المليارات، واختراع أجهزة الاستشعار، وحفر مئات
الأمتار، وصبّ عشرات الأطنان من الخرسانة، وإقامة الأسوار والأبراج، والنتيجة أن
فرقة غزة تعرضت لهزيمة قاسية، نحن أمام واحدة من أصعب الأحداث في تاريخ الاحتلال
الحديث".
طيار الجوّ السابق
عومار دينيك ذكر أنه "لا يوجد سبب لإلقاء اللوم على سلاح الجو في الفشل
العسكري في هجوم حماس، صحيح أنني أبحث عن تفسيرات مقنعة لما حصل، لكن حماس فاجأتنا
بمفاجأة أساسية، ونجحت في انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية نتيجة تراكم الإخفاقات
المتزامنة، لا يمكن تفسيرها بعد، والقتال يجعل من المستحيل التحقيق فيما حدث؛ لأنه
عندما يحدث انهيار كامل لها، يبحث الناس عن تفسيرات، ومن ضمن التساؤلات المشروعة:
أين كانت القوة الجوية؟".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة
معاريف، وترجمته "عربي21"، أنه "من المرجح أن تفعيل القوة
الجوية استغرق وقتا طويلا؛ لأنه عندما يوجد مئات المسلحين في أراضي الدولة في
جميع المستوطنات المحيطة، في هذه الحالة، بالكاد يمكن للقوة الجوية أن تساعد في
القتال، في ضوء الفوضى وعدم اليقين الذي نشأ، والخلاصة أن هناك العديد من الإخفاقات
أدت للأحداث الرهيبة التي وقعت، ويبدو أنها ليست واحدة منها".