شكل حادث مقتل سائحين
إسرائيليين في مدينة الإسكندرية على البحر الأبيض المتوسط برصاص شرطي
مصري، تحولا
في طبيعة مثل تلك العمليات التي عادة ما تقع على الحدود المصرية الإسرائيلية، في ظل
معاهدة السلام التي تربط مصر بدولة
الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1979.
ونقلت وسائل إعلام
محلية عن مصدر أمني قوله بقيام شرطي من قوات تأمين منطقة مزار عامود السواري
السياحية بالإسكندرية، بإطلاق النار من سلاحه الشخصي على فوج إسرائيلي؛ ما أسفر عن
مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة آخر.
وأشار المصدر الأمني
إلى أنه تم "القبض على فرد الشرطة، وجار اتخاذ الإجراءات القانونية حياله،
كما تم نقل المصاب إلى المستشفى للعلاج"، دون الكشف عن اسم الشرطي.
ودأبت السلطات المصرية
على التكتم على أسماء منفذي مثل تلك الحوادث، التي تعتبرها تهديدا لعلاقاتها
الاستراتيجية مع دولة الاحتلال، ولم تصدر أي بيان رسمي بشأنها، فيما تضاربت
الأنباء حول اسم ومسقط رأس الشرطي الذي نفذ العملية.
إظهار أخبار متعلقة
تتزامن عملية مقتل
السائحين الإسرائيليين مع عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب عز
الدين القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ضد الاحتلال
الإسرائيلي، السبت الماضي، واعتبرها مراقبون أسوأ هجوم تتعرض له دولة الاحتلال منذ
عقود.
أبرز العمليات ضد
الإسرائيليين
وأعادت حادثة
الإسكندرية إلى الأذهان حوادث أخرى مشابهة، كان أبطالها جنودا ورجال شرطة وليس
مدنيين، رغم التعليمات الصارمة في تلك الأجهزة حيال مثل تلك الحوادث والعواقب
الوخيمة بانتظار مرتكبيها، والتي كان أبرزها:
وفي 3 حزيران/ يونيو
2023، تسلل الجندي المصري محمد صلاح إبراهيم إلى الجانب الآخر من الحدود
الإسرائيلية، واشتبك مع القوات الإسرائيلية المكلفة بتأمين المنطقة وقتل ثلاثة جنود
وأصاب اثنين آخرين أحدهما ضابط.
أما في 26 تشرين
الثاني/ نوفمبر عام 1990، فقام مجند مصري يدعى أيمن حسن من التسلل عبر الحدود إلى
الأراضي المحتلة، وقتل 21 إسرائيليا وأصاب نحو 20 آخرين، كان بينهم أحد كبار رجال
الموساد المسؤولين عن تأمين مفاعل ديمونة النووي وضباط بمطار النقب العسكري.
وفي 5 تشرين أول/ أكتوبر 1985، أطلق الجندي
المصري سليمان خاطر، الرصاص على مجموعة من الإسرائيليين حاولوا تجاوز نقطة حراسته
في منطقة رأس برقة (جنوب سيناء)، أسفرت عن سقوط 7 قتلى، وهي أول عملية من نوعها
منذ اتفاقية كامب ديفيد.
هناك العديد من
العمليات المسلحة على الحدود بين مصر ودولة الاحتلال قام بها مجندون وضباط جيش
وشرطة، ولكنها لم تسفر عن سقوط قتلى ومصابين، ووقع أبطالها برصاص جيش الاحتلال
الإسرائيلي بدعوى إطلاق النار على الجنود الإسرائيليين.
واعتبر رئيس وزراء
الاحتلال بنيامين نتنياهو، عملية قتل 3 جنود من قوات الاحتلال في حزيران/ يونيو
الماضي، بأنها "أمر خطير وغير مألوف وسيتم التحقيق فيه بشكل كامل"، مشيدا
بقيام قوات الاحتلال بقتل الجندي المصري.
حادثة نوعية وتحركاتها
غير متوقعة
في تقديره يقول الخبير
العسكري وعضو هيئة تفتيش القوات المسلحة المصرية سابقا، العقيد السابق، عادل
الشريف: "الصراع المصري الإسرائيلي ممتد منذ عقود وقابع في وجدان المصريين
رغم وجود اتفاقية سلام بين الطرفين، وهناك شريحة لديها قضية تؤمن بها وترغب في
الدفاع عنها، ولا تتردد في استغلال أي فرصة للدفاع عنها، وهو ما حدث سواء مع شرطي
الإسكندرية أو جندي العوجا".
وأضاف
لـ"عربي21": "جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد مصر من ناحية وضد
مقدسات المسلمين من ناحية أخرى، واستمرار الاعتداءات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني
الأعزل وحرمانهم من أبسط حقوقهم، وهدم المنازل فوق رؤوسهم ومشاهد قتل الأطفال
والنساء، وقصف المدارس والمستشفيات لا تزال حاضرة في وجدان الملايين وبانتظار شرارة
لإشعالها".
واعتبر الخبير
العسكري، أن "تصرف الشرطي المصري وهو داخل الأراضي المصرية وليس على الحدود
وليس تحت أي ضغوط أو حركات استفزازية من الجانب الآخر، مؤشر مهم وذو دلالة قوية
وتنسف كل محاولات التطبيع، وتؤكد أنه لا سلام إلا بعد عودة الحق لأصحابه، وسيجعل
قوات الاحتلال ومسؤوليهم يعيدوا حساباتهم حيال فشل أي جهود في تطبيع الشعوب".
إظهار أخبار متعلقة
وتوقع الشريف أن
"تستمر عمليات استهداف الإسرائيليين سواء على الحدود أو في أي مكان دون
القدرة على التوقع بوقوع أي عملية أو نتائجها، التي تتوقف على ظروف وملابسات كل
عملية على حدة ما دام الاحتلال ودام تدنيس المقدسات الإسلامية".
وفي أعقاب عملية
الإسكندرية، دعت سلطات الاحتلال "الإسرائيليين" لمغادرة كل دول الشرق
الأوسط على الفور بعد الهجوم في مصر.
السلام الدافئ
واستبعد رئيس لجنة
الأمن القومي بمجلس الشوري المصري سابقا، رضا فهمي، أن يكون "هناك علاقة
مباشرة وقوية بين عملية طوفان الأقصى وعملية مقتل السياح الإسرائيليين في أحد
المزارات السياحية بالإسكندرية، وإن كان ظلها يمكن رؤيته، وحتى الآن لا نعرف شيئا
عن الشرطي المصري ولم تنشر أي تحقيقات معه حول أسباب ارتكاب الواقعة، ولكنها في
النهاية أهداف مشتركة سواء من سليمان خاطر مرورا بالجندي محمد صلاح وهي الانتقام
للمقدسات والانتقام من المحتل".
ورأى في حديثه
لـ"عربي21": "أن تغيير عقيدة الأجهزة الأمنية على مدار عقود وعدم
الاقتراب من الإسرائيليين، هي خاصة بالقيادات الأمنية ولا يمكن فرضها على الجميع،، ولكن الأغلبية تلتزم بمثل تلك التعليمات المشددة التي تقوم على حفظ أمن وسلامة
دولة الاحتلال وأفراد شعبها، سواء من الجنود أو المدنيين، مهما كانت الصورة أمامهم
سلبية أو غير مقبولة".
مثل هذه العمليات-
التي لا يتوقعها أحد- بحسب، فهمي، هي ما تثير قلق القيادات الأمنية سواء في مصر أو
دولة الاحتلال؛ ومن ثم تظل نواقيس الخطر معلقة طوال الوقت، ولا يمكن الزعم أن
السلام الدافئ سيظل دافئا طوال الوقت، سوف يتخلله أحداث وعمليات ساخنة من وقت لآخر.
وكانت مصر أول دولة
عربية وقعت اتفاقية سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بموجبها انسحب الاحتلال من
شبه جزيرة سيناء عام 1979، وخلال السنوات القليلة الماضية، هرعت دول عربية نحو
تطبيع العلاقات بشكل كامل مع الاحتلال الإسرائيلي، على غرار الإمارات والبحرين
والمغرب وتزايد التقارير حول قرب اتخاذ السعودية خطوة مشابهة.