بينما يستمر حظر وقمع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين
في دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، أكدت محكمة هولندية أن
شعارات يرفعها مؤيدو
فلسطين، مثل "فلسطين من النهر للبحر"، قانونية وتندرج في إطار حرية
التعبير.
وتعود القصة إلى أيار/ مايو 2021 عندما أبلغ مؤيد
لإسرائيل الشرطة زاعما بأن ناشطا هولنديا خلال إلقائه كلمة في مظاهرة مؤيدة
لفلسطين في أمستردام؛ استخدم عبارات "تحرض على الكراهية والعنف ضد
اليهود"،
عبر ترديد شعار "فلسطين من النهر إلى البحر"، و"فلسطين ستكون حرة"
وإبداء الدعم لـ"المقاومة الفلسطينية".
ورفض النائب العام الهولندي محاكمة الناشط مؤكدا أن هذه
شعارات يرددها مؤيدون لفلسطين، وهي "تحمل تفسيرات مختلفة". وقال المدعي
العام إن هذه الشعارات "تتعلق بدولة إسرائيل وربما بالأشخاص من الجنسية الإسرائيلية،
لكنها لا تتعلق باليهود بسبب عرقهم أو دينهم".
لكن بعدما رفض المدعي العام محاكمة الناشط المؤيد لفلسطين،
اتجه مؤيد إسرائيل لمحكمة الاستئناف في أمستردام لإلغاء قرار المدعي العام.
وقد تولى مركز الدعم القانوني الأوروبي (ELSC)
الدفاع عن الناشط المؤيد لفلسطين، حيث تم تعيين محام والاستعانة بخبير أكاديمي. وفي
15 آب/ أغسطس الماضي، أي بعد أكثر من سنتين من المحاكمة، قررت المحكمة أن الناشط
لم يرتكب جرما. والقرار الذي كشف عنه المركز الأربعاء فقط، نهائي وغير قابل للطعن،
وهو ما يمثل سابقة قانونية في
أوروبا.
ويأتي الكشف عن هذا الحكم الذي رأى فيه المركز نصرا
لمؤيدي فلسطين، في وقت تواجه فيه الفعاليات المؤيدة للفلسطينيين والرموز
الفلسطينية مثل الكوفية والعلم، حظرا في بعض الدول الأوروبية بحجة "تمجيد الإرهاب". كما يجري التحريض على الشعارات
الفلسطينية المشار إليها في الحُكم باعتبارها موجهة ضد اليهود وتمثل معاداة
للسامية.
وإلى جانب ألمانيا وفرنسا
اللتين مُنعت فيهما المظاهرات المؤيدة لفلسطين وجرى قمع المتظاهرين فيهما بعنف، طلبت
وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافمان من الشرطة العمل على حظر الفعاليات
الفلسطينية، واعتبرت أن الرموز مثل العلم وبعض الشعارات رغم أنها قانونية إلا أن
استخدامها في هذا الوقت يمثل تمجيدا للإرهاب، حسب قولها. كما طالبت بحظر شعارات
مثل "فلسطين حرة" و"فلسطين من النهر إلى البحر" باعتبارها
تحريضا.
وكانت أعلى محكمة إدارية في
فرنسا قد أيدت الأربعاء صحة تعليمات وزير الداخلية الفرنسي بحظر الاحتجاجات
المؤيدة للفلسطينيين، لكنها قالت إن الحظر يجب أن يُنظر فيه لكل حالة على حدة.
وفي مذكرة أُرسلت إلى سلطات
الشرطة الإقليمية بتاريخ 12 تشرين الأول/ أكتوبر، أمر وزير الداخلية بحظر
"الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، لأنها من المرجح أن تؤدي إلى اضطرابات في
النظام العام".
وطعنت منظمة "كوميتيه
أكسيو باليستين" على تعليمات الحظر الشامل، قائلة إنه ليس له ما يبرره ويتعدى
على
حرية التعبير والتجمع.
وأيد مجلس الدولة صحة المذكرة،
لكنه قال إن السلطات المحلية لا يمكنها حظر الاحتجاج بناء على المذكرة فقط أو
حقيقة أن الاحتجاج يهدف إلى دعم الفلسطينيين. وأضاف المجلس أنه نظرا للتوتر وتصاعد
معاداة السامية في فرنسا، فإن الاحتجاجات التي "تدعم حماس (..) ذات طبيعة
تثير اضطرابات في النظام العام"، بحسب المجلس.
لكن محامي المنظمة فنسنت
برونجارت اعتبر الحكم بمثابة "انتصار لأنه أزال الحظر المنهجي، والآن سنحتاج
إلى تحدي الحظر على أساس كل حالة على حدة عندما يحدث".
وقبل ساعات قليلة من صدور
الحكم، أعلنت سلطات الشرطة في مرسيليا اليوم الأربعاء حظرها مظاهرتين مؤيدتين
للفلسطينيين بسبب "المخاطر التي تهدد النظام العام في السياق الحالي". وجرى
في وقت سابق قمع مظاهرات تضامنية مع فلسطين في عدة مدن فرنسية؛ بعنف.
وفي ألمانيا التي فرضت حظرا
على التظاهرات الفلسطينية وسمحت لمؤيدي إسرائيل فقط، جرى قمع المظاهرات أيضا، فيما
أظهرت مشاهد مصورة قيام الشرطة بفض تجمع صامت لإشعال الشموع بعد القصف الذي تعرض له المستشفى الأهلي المعمداني في غزة الثلاثاء.
وأظهرت الصور قيام عناصر شرطة
مكافحة الشغب بإطفاء الشموع بأحذيتهم، بينما كان المشاركون في التجمع يجلسون على
الأرض، في حين كان ناشط يصيح "من حقي التظاهر".
وعلقت نانسي فيزر على منصة
إكس (تويتر سابقا): "إذا كنت من ذوي البشرة الداكنة أو مسلما في ألمانيا فليس
لديك مساحة لإشعال شمعة للحزن على مئات قتلوا في مستشفى. ماذا يكون هذا غير
استفزاز مهين وفعل عنصري لنزع الإنسانية؟".