أكد الكاتب إيشان ثارور، أن قصف
الاحتلال الإسرائيلي على قطاع
غزة يقوض
الموقف الأخلاقي لدول الغرب بشأن أوكرانيا، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن
يعتبر أنه من الضروري دعم "إسرائيل" ضد المقاومة الفلسطينية.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
واشنطن بوست"، أن العالم يقف عند
"نقطة انعطاف في التاريخ" حيث ستغير قرارات القيادات العالمية
"المستقبل لعقود قادمة".
وجاءت تعليقات بايدن قبل الكشف عن مشروع مساعدات بـ 106 مليارات دولار
في نفقات دفاعية على أوكرانيا و"إسرائيل".
ويعترف السياسيون والدبلوماسيون بالحالة المحفوفة بالمخاطر، ولكنهم لا
يتوصلون جميعا للنتائج كما فعل البيت الأبيض. ويرى البعض أن أمريكا تعطي ضوءا أخضر
لـ"إسرائيل" في غزة، ويتساءلون عن المعاييرالمزدوجة في الخطاب الذي يقدمه بايدن ولا
يمكنه التستر عليه.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر شن الاحتلال الإسرائيلي آلاف الغارات الجوية على قطاع غزة ما أسفر عن استشهاد نحو 5 آلاف مدني ثلثهم من الأطفال، كما أنه تم تدمير أحياء بكاملها في المنطقة المكتظة بالسكان وتهجير مليون شخص
وخلق أزمة إنسانية تتحرك من سيئ إلى أسوأ، حيث لم يعد الوقود متوفرا. وأدى طلب التهجير الجماعي في أجزاء من غزة إلى زيادة منظور التطهير العرقي.
وفي يوم الأربعاء، وقبل خطاب بايدن، استخدمت الأمم المتحدة الفيتو ضد مسودة
قرار صيغ بطريقة لطيفة بمجلس الأمن وتقدمت به البرازيل يدعو إلى وقف لإطلاق النار
من أجل السماح للمساعدات الإنسانية.
وكانت "لا" الوحيدة على الطاولة، ضد قرار وافقت دول حليفة
مثل فرنسا عليه.
ويعلق الكاتب بقوله إن الولايات المتحدة طالما حمت إسرائيل من الشجب
في الأمم المتحدة، لكن السابقة الأخيرة في توبيخها روسيا في نفس المنبر يجعل من
اللحظة الأخيرة أوضح.
وأشار الكاتب إلى أن المسؤولين الأمريكيين والغربيين، أدانوا الغزو
الروسي واعتبروه خرقا للقانون الدولي وانتهاكا لمبادئ الأمم المتحدة وتحديا للنظام
الدولي القائم على القواعد.
وشجبت الكثير من الدول في الشرق الأوسط وما يعرف بـ "عالم
الجنوب" العدوان الروسي، لكنهم كانوا حذرين في التعامل مع محنة أوكرانيا بنفس
الطريقة التي تعامل فيها الغرب معها.
وأشاروا إلى إرث الأمم المتحدة في الغزو "الوقائي" للعراق
عام 2003، وعدم لامبالاة الغرب بالصراعات البشعة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى
والنفاق الغربي بدعم الاحتلال الإسرائيلي الطويل للأراضي الفلسطينية والتصفيق
لحرية الشعوب في أماكن أخرى.
ووصف ملك الأردن، عبد الله الثاني، يوم الجمعة، الأفعال الإسرائيلية في
غزة بأنها "جريمة حرب"، وقال إن إسرائيل تمارس "عقابا جماعيا لشعب
محاصر وأعزل" ويجب أن ينظر إليه على أنه "انتهاك صارخ للقانون الإنساني
الدولي".
وفي الوقت الذي تبدو فيه إدارة بايدن منشغلة بضبط رد فعل حكومة الحرب
ضد أكثر من مليوني مدني في غزة يعيشون تحت كابوس الغارات الجوية والانفجارات وبدون
ماء أو طعام ولا ملجأ آمن، حيث فرق بايدن ما بين الشعب الفلسطيني وبين حماس، وعبر في
خطابه عن ضرورة عدم تجاهل "إنسانية الفلسطينيين الذين يريدون فقط العيش بسلام
والحصول على فرصة"، إلا أن كلامه يبدو أجوف ضد سجل الولايات المتحدة.
وقال لوي تشاربونيو، مدير الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش "لو أرادت الولايات المتحدة وبقية الغرب إقناع بقية العالم بأنهم جادون في موضوع
حقوق الإنسان وقوانين الحرب والمبادئ التي يطبقونها بشكل صحيح على جرائم روسا في
أوكرانيا وجرائم حماس في إسرائيل، فإن عليهم تطبيقها على قلة احترام إسرائيل لحياة
المدنيين في غزة".
ونقل الكاتب عن دبلوماسي في مجموعة الدول العشرين الاقتصادية قوله إن
التصرفات هذه جعلت عالم الجنوب حذرا مما يفعله الغرب، وعندما يحاولون التودد
لحكوماته لكي تتبع مثالهم في أوكرانيا.
وقال الدبلوماسي إن الدور الأمريكي في منع التحرك بشأن غزة يكشف عن
"المعايير المزدوجة لأمريكا أو استراتيجية الغرب التي تعتمد عليها".
وهناك اعتراف بهذا التوتر في أوروبا، فقد أخبر مسؤول بارز في مجموعة
الدول السبعة صحيفة "فايننشال تايمز"، أن "ما قيل عن أوكرانيا يجب
أن يطبق على غزة وإلا فقدنا مصداقيتنا"، وتساءل: "لماذا يجب أن يصدق
البرازيليون والجنوب أفريقيين والإندونيسيون أبدا ما نقوله عن حقوق الإنسان".
ولخص الدبلوماسي الذي نقلت عنه "فايننشال تايمز" الوضع في
غاز وبقتامة، بأن "كل العمل الذي قمنا به في عالم الجنوب بشأن أوكرانيا فقد.. لا
تتحدث عن القواعد أو النظام الدولي، فلن يستمعوا إليك".